إندونيسيا تتطلع للزوار العرب ولما وراء بالي من جزر
جاكرتا- تتطلع إندونيسيا إلى نهضة في القطاع السياحي خلال السنوات المقبلة، لاسيما جذب السياح العرب وعموم السياح المسلمين في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، حيث لم يتعافَ القطاع السياحي بشكل كامل بعد جائحة فيروس كورونا حتى الآن، عندما بلغ عدد السياح حد 1.24 مليون سائح في شهر فبراير/شباط 2019.
وتتطلع أكبر دولة في جنوب شرق آسيا وصاحبة أكبر أرخبيل جزر في العالم إلى السياح القادمين من دول الخليج ومصر، كما يقول تيتشيب روكيندي مدير التسويق السياحي في منطقة الشرق الأوسط في وزارة السياحة والاقتصاد الإبداعي الإندونيسية في حديثه للجزيرة نت، إضافة إلى السياح من دول المغرب العربي وتركيا والعرب وعامة المسلمين في الولايات المتحدة وأوروبا.
وحسب المعلومات الرسمية فإن 174 ألفا و318 سائحا من منطقة الشرق الأوسط زاروا إندونيسيا خلال العام 2023، كما تشير التقديرات الرسمية إلى أن السائح العربي ينفق ما متوسطه ألف و770 دولارا خلال زيارته لإندونيسيا، مقارنة بمعدل ما ينفقه السياح الآخرون، والذي يقدر بمعدل ألف و625 دولارا، وهي تقديرات قد تشير إلى الحد الأدنى في بعض الأحيان.
ويقضي السياح العرب عادة نحو أسبوعين -وربما أكثر- كمتوسط في زياراتهم للجزر الإندونيسية، وهو أكثر من معدل الفترة التي يقضيها السياح الآخرون من أوروبا وشمال شرق آسيا.
استقطاب للعرب
وهذا أمر مشجع للعاملين في قطاع السياحة، ومؤشر على إمكانية جذب المزيد من السياح العرب إذا استكشفوا مناطق وجزرًا جديدة بالنسبة لهم، وهو ما تعمل عليه الحكومة الإندونيسية والحكومات المحلية في بعض المحافظات والأقاليم، ومن ذلك المشاركة في معارض سياحية عربية ودعوة صحفيين عرب إلى زيارة جزر إندونيسية، إلى جانب التعاون مع بعض خطوط الطيران لتقديم عروض جذابة للسياح العرب.
وتطمح وزارة السياحة والاقتصاد الإبداعي الإندونيسية إلى زيادة عدد السياح العرب والمسلمين عموما بعد أن حصلت مناطق في إندونيسيا على جوائز المناطق الأكثر مواءمة للسياح المسلمين لعامي 2023 و2024 ضمن مؤشر السياحة الإسلامية العالمية.
ويقول مسؤولون في الوزارة للجزيرة نت، إن مثل هذه الجوائز رفعت من مستوى الوعي لدى السياح العرب والمسلمين، وكان لها أثر إيجابي ملحوظ في أعداد القادمين إلى إندونيسيا، وخاصة خلال موسم الصيف بين شهري يونيو/حزيران وأغسطس/آب من كل عام.
ما وراء بالي
تظل جزيرة بالي أشهر الجزر في إندونيسيا عند كل السياح القادمين إلى البلد الآسيوي، وذلك بفعل برامج سياحية وحملات دعائية امتدت سنوات وتراكم الاستثمار في العمران السياحي والبنية التحتية والخدمية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبشهرة شواطئها ومنتجعاتها ومطاعمها، وبفعل وجود خطوط طيران مباشرة إليها.
لكن اللافت أن الجهود الرسمية وحتى من القطاع الخاص في إندونيسيا تسعى لتقديم جزر ومناطق أخرى في إندونيسيا التي تحوي أكثر من 17 ألف جزيرة، ليست أقل من جزيرة بالي من حيث الطبيعة الخلابة الجبلية أو الريفية أو الساحلية.
جزيرة جاوا الغربية
كثير من السياح العرب يحبون التجول في محافظات جاوا الغربية، انطلاقا من جاكرتا في رحلة برية، حيث الهضاب المرتفعة ذات الجو المعتدل الأقل حرارة من المدن الساحلية، ابتداء من محافظات بوغور وباندونغ وسوبانغ وسوكابوي ومزارع الشاي في تشي ويدي.
بل ويمتد الباحثون عما هو جديد منهم في تجوالهم إلى جاوا الشرقية، حيث مالانغ وصولا إلى محافظة بانيو وانغي في أقصى الشرق لجزيرة جاوا والتي تضم حديقة آلاس بوروو وما فيها من حياة برية محمية، وهي أقدم الغابات الاستوائية في جزيرة جاوا بمساحة 44 ألف هكتار، وكذلك حديقة بالوران التي تشبه سهول السافانا فيها بعض مناطق أفريقيا.
ولا ننسى مُدنا ذات تراث وصناعات تقليدية عريقة وسط جزيرة جاوا وفي مقدمتها جوغجاكرتا ذات السلطنة الشهيرة، وصولو قلب جزيرة جاوا، وكلتاهما من منتجي أقمشة الباتيك التقليدية المعروفة، وكلها ذات فنادق وأماكن جذب سياحية مختلفة، وأطعمة تقليدية تختلف من محافظة ومدينة إلى أخرى.
جزيرة لومبوك
ويضيف تشيشيب روكندي المسؤول في وزارة السياحة والاقتصاد الإبداعي الإندونيسية بأن وزارته تتطلع لأن يزور السائح العربي جزرا مختلفة، مثل الجزر التابعة لإقليم نوساتنغارا الغربية، شرقي جزيرة بالي، وفي مقدمتها الجزيرة الآخذة بالصعود شهرة وجذبا سياحيا وهي جزيرة لومبوك، حيث توصف بأنها ثاني أشهر الجزر حاليا في وسط الأرخبيل الإندونيسي بين السياح بعد جزيرة بالي.
وفي لومبوك سواحل وشلالات ومرتفعات كثيرة، وهي ذات أغلبية مسلمة، وتعرف باسم جزيرة الألف مسجد لكثرة مساجدها، وكانت قد فازت بأكثر من جائزة للسياحة الأنسب للعرب والمسلمين.
ولا يستلزم الذهاب إلى لومبوك السفر إلى بالي أولا، رغم وجود رحلات بين الجزيرتين في رحلة تستغرق 40 دقيقة فقط، فهناك رحلات مباشرة من جاكرتا يوميا تستغرق ساعتين فقط، وبأسعار تنافسية تصل أحيانا إلى 100 دولار، أو أقل من ذلك بقليل، حسب المواسم.
وفي هذه الجزيرة مناطق عديدة تجذب السياح كمرتفعات ميريسي ذات المشاهد الجميلة تصويريا، وسواحل كوتا ذات الرمال البيضاء، وهي تختلف عن منطقة كوتا في جزيرة بالي، رغم تشابه الأسماء، وسواحل مانداليكا وفيها فعاليات رياضية عديدة من حين لآخر، وليست بالمزدحمة مثل بالي.
كما يمكن للسائح في جزيرة لومبوك أن يزور قرى سادي وإندي التراثية للسكان المسلمين من قومية الساساك في لومبوك، حيث الحفاظ على تقاليد استمرت لـ15 جيلا، ويمكن أن يشاهد السائح تقاليد النسج والحياكة الموروثة هناك، ويتعلم ويشتري منهم منتجاتهم التقليدية، كهدايا تذكارية متميزة لأهله وأصحابه عند عودته.
منطقة لابوان باجو
وتقدم إندونيسيا الكثير من الجزر والمناطق السياحية الأخرى، ومنها لابوان باجو في جزيرة فلوريس التي افتتح فيها مطار دولي مؤخرا، وحولها مناطق يتوقع أن تخطف كثيرا من محبي بالي إليها، بسواحلها الفائقة الجمال ومياهها النقية الزرقاء.
وبالقرب منها الجزر التي تعيش فيها زواحف الكومودو الشهيرة التي لم يبق منها حول العالم إلا ما في تلك الجزر بإقليم نوساتنغارا الشرقية، ويمكن الوصول إليها عبر رحلة بحرية تستغرق ساعتين إلى 3 ساعات.
ويمكن الوصول إلى لابوان باجو عبر رحلات جوية قادمة يوميا من أكثر من مطار إندونيسي انطلاقا من جاكرتا، في رحلة تستغرق ساعتين ونصفا، أو من جزيرة بالي، في رحلة تستغرق نحو ساعة.
قمة آسيان
وقد كان لافتا أن يعقد الرئيس الإندونيسي السابق جوكو ويدودو إحدى قمم رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في لابوان باجو، ورغم أن فنادقها لم تسع آلافا من الضيوف، لكن الهدف من ذلك كان تعريف دول المنطقة وصحفييها بهذا المكان بصفته منطقة جذب سياحي جديدة ضمن الخطة الإستراتيجية السياحية للبلاد؛ فحوْلَ لابوان باجو 19 معلما يزوره السياح على مدار العام.
ورغم أن أغلبية سكان لابوان باجو وما حولها من المسيحيين (نحو 81% من السكان)، مع وجود أقلية مسلمة فيها تبلغ نسبتها 18%، فإن السائح لن يجد صعوبة في إيجاد الأكل الحلال.
صحيح أن لابوان باجو ليست مثل جزيرة بالي من حيث كثافة التسهيلات والبنية التحتية السياحية والمطاعم والفنادق، لكن جاذبيتها في كونها منطقة هادئة مقبلة حديثا على عالم السياحة العالمية، وليست مزدحمة بالعمران والمتاجر والفنادق والمجمعات التجارية.