بهدف تحسين السلالات وضمان جودة إنتاج الحرير.. أول تسلسل شامل لجينوم دودة القز

الحرير من أقوى الألياف الطبيعية، إذ إن خيطه أقوى من شعيرة فولاذية بنفس القُطر، وله مرونة عالية عند شده، ويستعيد أبعاده الأصلية عند إزالة قوة الشد المؤثرة عليه، كما أنه يسمى ملك الألياف لأن بريقه الطبيعي لا يتوافر إلا في القليل من الألياف الأخرى.
ويمكنه امتصاص الرطوبة، وله القدرة على احتمال درجات الحرارة العالية، حتى أنه يمكن تسخينه على درجة حرارة 140 درجة مئوية بدون أن يتحلل، لكنه يبدأ بالتحلل عند درجة حرارة 170 درجة مئوية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsجينات مرتبطة بالذكاء البشري.. علماء يكتشفون سر ذكاء الأخطبوط
الجينوم السعودي.. مشروع علمي للتصدي للأمراض الوراثية
العلماء يكشفون عن خريطة الجينوم البشري الأكثر اكتمالا على الإطلاق
وتنفث ديدان القز بروتين الفايبروين (الحرير) من خلال ثقوب صغيرة في فكيها (غدتين لعابيتين) على هيئة خيط متصل، ويتكون الفايبروين من أوراق الأشجار المهضومة والبروتين الذي يتغذى عليه دود القز.
وبسبب أهمية الحرير وقيمته المرتفعة واستخداماته المتعددة، أصبح التحليل المنهجي للأساس الجيني للتدجين واختيار تحسين السلالات ضروريا لحل المشكلات التي لم يتم حلها في تربية دودة القز.
وقد قامت شركة "بي جي آي جينوميكس" (BGI Genomics) الصينية -بالتعاون مع جامعة ساوث ويست Southwest University الأميركية ومختبر الدولة الرئيسي لبيولوجيا جينوم دودة القز وشركاء آخرين- ببناء مجموعة بيانات الجينوم الشامل pangenome لدودة القز.
وتم نشر هذه الورقة البحثية -التي تقدم رؤى وراثية حول الانتقاء الاصطناعي (التدجين والتربية) والتكيف البيئي- في 24 سبتمبر/أيلول الماضي في دورية نيتشر كوميونيكيشنز Nature Communications.

تسلسل جيني لدودة القز
يذكر البيان الصحفي للدراسة، والمنشور على يورك أليرت Eurek Alert في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، أن هذا أول بحث على الإطلاق يقوم برقمنة مجموعة جينات دودة القز وإنشاء "دودة القز الرقمية" مما يسهل بشكل كبير البحث الجينومي الوظيفي، ويعزز التكاثر المضبوط، وبالتالي يتيح حالات إضافية لاستخدام الحرير.
وأعاد الفريق التسلسل الجينومي للآلاف من عدة أنواع من دود القز مما أدى إلى توليد كم هائل من البيانات الجينومية. وتحتوي مجموعة بيانات الجينوم الشامل هذه على أكثر المعلومات شمولا عن جينوم كل من دودة القز المنزلية والبرية، وهو أكبر جينوم شامل ذي قراءة طويلة في العالم للنباتات والحيوانات حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، أجريت دراسات متعمقة حول التنوعات الجينية المختلفة، والاختيار الاصطناعي والتكيفات البيئية والسمات الاقتصادية لدودة القز، مما أسفر عن نتائج مثمرة.
وتمثل المواد بهذه الدراسة أغنى تنوع وراثي من جميع مناطق تربية دودة القز الرئيسية في العالم، وقد حدد الفريق فيها 468 جينا مرتبطا بالتدجين و198 جينا مرتبطًا بالتحسين، من بينها 264 و185 جينا على التوالي قد تم تحديدها حديثا.
وستكون هذه الجينات أهدافا مرشحة مهمة للتحسين الجزيئي لدودة القز، وفي الوقت نفسه وجد الفريق أن الأنواع الصينية واليابانية النافعة تشترك في أقل من 3% من مواقع التحسين، وهذا لا يكشف فقط عن تاريخ التكاثر المستقل نسبيا لكل السلالة الصينية واليابانية، لكنه يفسر أيضا لماذا يوفر هذا الأساس الجيني المشترك مثل هذه المزايا الهجينة لكلا النوعين، وتلقي هذه النتيجة رؤى جديدة حول التكاثر المستقبلي لدودة القز.

السمات الاقتصادية لتربية دودة القز
يذكر البيان الصحفي أنه كثيرا ما تم استهداف إنتاج وجودة الحرير كمعيارين اقتصاديين رئيسيين للانتقاء الاصطناعي لدودة القز، ومع ذلك -وحتى هذا التاريخ- لا يُعرف الكثير عن كيفية تحكم الجينات ومواقعها على شريط الحمض النووي بهذه الصفات الكمية، وكان الاحتياج إلى "جينوم شامل" ليكون "أقرب جسر" بين الأنماط الظاهرية (التكوين الظاهري الفيزيائي للكائن الحي) وخاصة السمات المعقدة.
ومن الأمثلة على ذلك تنظيم إنتاج الحرير بواسطة عامل النسخ المرتبط بدورة الخلية "بي إم إي 2 إف 1" (BmE2F1) الذي تم الكشف عنه من خلال إشارات الاختيار والتباين الهيكلي.
وتقلل تقنية المقص الجيني "كريسبر كاس 9" CRISPR-cas9 عدد خلايا غدة الحرير بنسبة 7.68% وإنتاج الحرير بنسبة 22%، وعلى العكس من ذلك فإن الإفراط في التعبير الجيني لـ "بي إم إي 2 إف 1" يزيد من عدد خلايا غدة الحرير بنسبة 23% وإنتاج الحرير بنسبة 16%.
جدير بالذكر أن للحرير الناعم تطبيقات فريدة وقيمة اقتصادية أعلى، لكن الأساس الجيني لدقة الألياف كان غير معروف من قبل، وأدى تحليل المتغيرات النادرة في جينومات الأصناف النحيلة إلى تحديد الجين الذي يتحكم في نعومة الحرير.
ويمكن اكتشافه بشكل كبير في الأصناف الدقيقة، وبوساطة تعطيله عبر تقنية المقص الجيني تحسنت نعومة الحرير الخشن الذي تنتجه ديدان القز المحلية (الصينية) مما يشير إلى أن هذا الجين يلعب دورا رئيسيا في تحديد نعومة الحرير.
وبناء عليه، فإن هذه الدراسة تفتح المجال للانتقاء الاصطناعي والتكيف البيئي، وقد علق شوايشواي تاي، المؤلف المشارك والباحث الأول بعلم الجينوم لدى شركة "بي جي آي" قائلا "من خلال أخذ العينات الشاملة ومجموعة البيانات جنبا إلى جنب مع مجموعة متنوعة من التجارب لتحديد الجينات التي من المحتمل دراستها في المستقبل، نأمل في تسريع عملية التكاثر الجزيئي المُخطط مسبقا لدودة القز".