للقصة بقية 

الحرب الصامتة.. إسرائيل تواصل ابتلاع الضفة تزامنا مع الحرب على غزة

تواجه مدن الضفة الغربية وقراها اعتداءات وعمليات عسكرية لا تقل ضراوة عن تلك التي يتعرض لها قطاع غزة حيث تحول الاحتلال من “الردع” إلى “الحسم والتحييد” أي تصفيتهم، وفقا لفيلم عرضه برنامج “للقصة بقية”.

وينقل برنامج "للقصة بقية" الذي يمكنكم مشاهدته على هذا الرابط على منصة 360، عن سياسيين وخبراء يرون أن ما يجري في الضفة حاليا ليس سوى تكرار لما فعله ديفيد بن غوريون الذي اعتمد على العصابات اليهودية في قتل السكان والاستيلاء على أراضيهم.

ومع إصرار حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة على المضي قدما في خططها الرامية إلى ابتلاع مزيد من الأراضي، يجد فلسطينيو الضفة أنفسهم يقتلون على يد عصابات كتلك التي كانت ذراع الاحتلال في نكبة 1948، كما يوضح الفيلم الذي عرضه "للقصة بقية".

وفي خضم الصمت الدولي الذي يصل إلى حد التواطؤ، يواجه سكان الضفة حربا صامتة تتمثل في طرد مزيد منهم من قراهم لضمها إلى المستوطنات التي شرعت إسرائيل في توسيعها بشكل أكبر.

وتفاقمت التوترات في الضفة الغربية منذ مطلع العام الماضي، بعد أن شهد عام 2022 أعلى معدلات سقوط للشهداء منذ الانتفاضة الثانية (سبتمبر/أيلول 2000)، حتى قالت الأمم المتحدة إنه من أكثر الأعوام دموية في تاريخ الفلسطينيين.

تحولات في الفعل ورد الفعل

ووفقا للفيلم الوثائقي الذي عرضه "للقصة بقية" فإن سلطات الاحتلال تحولت من "الردع" إلى "التحييد" (القتل)، في تعاملها مع الفلسطينيين في الضفة فضلا عن أنها سرَّعت خطوات الضم والاستيطان، ومنحت المستوطنين ضوءا أخضر لخوض حرب بالوكالة عن الجيش والشرطة.

ويشير الفيلم أيضا إلى أن هذا التحول في التعامل الإسرائيلي، ترتب عليه أيضا تحول في عمل المقاومة التي انتقلت من نمط العمل الفردي، إلى ما يشبه التشكيلات العسكرية المنظمة.

وبين هذا التحول وذاك، يتجلّى دور التنسيق الأمني الذي تمارسه السلطة الفلسطينية مع الاحتلال بموجب اتفاقية أوسلو، والذي يقول عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية (فتح) عباس زكي، إنه لم يعد موجودا بالمعنى الذي يفسره البعض.

في المقابل، يقول نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة إنه من غير المعقول إن يخوض الفلسطينيون هذه الحرب بينما هناك من ينسق مع الاحتلال أمنيا بأي شكل من الأشكال.

وبينما لا تتوقف الولايات المتحدة والدول الغربية عن إبداء قلقها أو رفضها لما يحدث في الضفة وما قد يترتب عليه من مخاطر أمنية على المنطقة كلها، يتوعد وزيرا المالية والأمن القومي المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير -دون مواربة- بتحويل الضفة إلى غزة أخرى.

وبعد عام من الحرب الدائرة في قطاع غزة، يبدو واضحا أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم خيار سوى خيار المواجهة بعدما توقف العرب حتى عن الشجب والتنديد الذي يترحم البعض عليه، بعد أن استخدم الاحتلال المقاتلات والطائرات المسيّرة والدبابات في قصف مدن الضفة ومخيماتها التي تعج بالمدنيين.

ومع أحاديث مسؤولين إسرائيليين عن ضرورة إخلاء بعض مناطق الضفة من سكانها لفترة من أجل العمليات العسكرية، تبدو إسرائيل عازمة على تهجير الناس ومحو المخيمات تحديدا من على وجه الأرض كونها الشاهد الذي لا يموت على وجود احتلال غير قانوني لهذه الأرض.

العودة لأسلوب العصابات

يقول عضو اللجنة المركزية لفتح عباس زكي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول تكرار ما فعله ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، الذي قال "لقد انتصرنا بالرعب" عندما اعتمدنا على عصابات الهاغاناه والشتيرن والأرغون في قتل الفلسطينيين وسلب أراضيهم.

ويرى زكي أن نتنياهو يحاول أن يكون بن غوريون عصره كونه يستخدم 3 عصابات أيضا هي: لهافا (الموت للعرب) وشباب التلال وتدفيع الثمن، وغيرها.

وتعيش الضفة تحت حكم عسكري صارم منذ احتلالها سنة 1967، ورغم تقسيمها إلى 3 مناطق بموجب اتفاقية أوسلو فإن القبضة العسكرية الإسرائيلية لم تنفك عنها لحظة واحدة بشكل أو بآخر، ولم تكن السلطة الفلسطينية أكثر من محاولة لتجميل وضع لا يمكن تجميله.

يقول نائب رئيس مركز السياسات الدولية في واشنطن ماثيو داس إن الضفة شهدت واحدا من أشد الأعوام عنفا خلال 2022، مشيرا إلى أن المستوطنين لم يعودوا مدعومين من الحكومة كما كانوا وإنما أصبحوا هم الحكومة.

ويرى داس أن الهدف الواضح الذي لا لبس فيه لهذه الحكومة هو السيطرة على كافة الأراضي التي احتلتها إسرائيل سنة 1967.

وبالتزامن مع الحرب على قطاع غزة، كثف جيش الاحتلال اقتحاماته لمدن الضفة فارتفع عدد الشهداء لأكثر من 700 بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومنتصف سبتمبر/أيلول الماضي 2024، وبلغ عدد الأسرى 9900 وفق إحصائيات المؤسسات الفلسطينية.

وكشفت صحيفة "هآرتس" أن رؤية الحكومة الإسرائيلية التي وصفتها بالكارثية هي تحويل الضفة الغربية إلى غزة حيث أعادت إحكام السيطرة العسكرية على المنطقة (ب) التي كانت تتشارك حكمها مع السلطة الفلسطينية مما جعل 80% من الضفة واقعا تحت الحكم العسكري.

وسبق أن تم تسريب تصريحات لسموتريتش في أحد الاجتماعات يتحدث فيه عن خططه لضم الضفة والتي أظهر التسريب تأييد نتنياهو لها، وهي تتبنى خطوات لجعل الضم أمرا واقعا. كما سبق أن رفع رئيس الوزراء خريطة لإسرائيل لا تظهر فيها الضفة الغربية.