للقصة بقية 

يحتاجونها كما تحتاجهم.. للقصة بقية يناقش ملف تجار الحروب

يعيش العالم سباق تسلح غير مسبوق، وهو أمر يقول خبراء إنه أدخل العالم في لحظة هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، خصوصا مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والأسلحة ذاتية التشغيل.

بانر: 360 - للقصة بقية - غزة البحث عن حياة

فكما تحتاج الحروب للسلاح فإن منتجي السلاح أيضا يحتاجون للحروب، وهو ما دفع مديرة إحدى الشركات الأمنية الإسرائيلية لوصف الحرب على غزة بأنها "الساعة الذهبية" التي تتحينها شركات الأسلحة.

ووفقا لبرنامج "للقصة بقية"، فقد أكدت تقارير كثيرة أن غزة أصبحت مسرحا لتجربة العديد من الأسلحة الجديدة. وقد أكد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن أرباح أكثر 100 شركة تعمل في هذا المجال تجاوزت الـ600 مليار دولار خلال 2023.

وقبل الحرب على غزة، أنعشت الحرب الروسية الأوكرانية سوق السلاح الأميركي. وقد خلصت دراسة أجرها معهد واشنطن العام الماضي إلى أن الحروب بدأت إعادة تشكيل سوق الأسلحة العالمية.

وقد دفعت الحرب الأوكرانية صناعة السلاح إلى مستويات غير مسبوقة وصلت إلي تريليوني و200 مليار دولار عام 2022، حسب تقرير نشره "للقصة بقية".

وتصدرت الولايات المتحدة المرتبة الأولى عالميا في الإنفاق الدفاعي بـ877 مليار دولار تعادل 39% من إجمالي الإنفاق العالمي تلتها الصين بـ292 مليارا ثم روسيا بـ86.4 مليارا. كما زاد الأوروبيون إنفاقهم العسكري بنسبة 13% ليصل إلى 345 مليار دولار، وفق دراسة معهد ستوكهولم.

العودة لحرب ظنوا أنها انتهت

ويرجع السبب في تزايد الإنفاق الدفاعي -الذي يعني مزيدا من الأرباح لشركات السلاح- إلى أن العالم قد عاد إلى الحروب التي ظن أنها انتهت بنهاية الحرب الباردة، كما يقول مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون.

إعلان

ويرى بولتون أن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت للولايات المتحدة والعديد من الدول أنها صناعتها العسكرية ليست قوية كما كانوا يعتقدون.

وانطلاقا من هذه المعطيات، فإن دان سميث -مدير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام- يعتقد أن العالم يعيش لحظة هي الأكثر خطورة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بل وأكثر خطرا من الحرب الباردة الأولى التي جرت بين خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

وفي حين أصبح الإنفاق على السلاح أكبر مما كان عليه في أي وقت مضى، فإن العالم بحاجة ماسة لتحجيم هذا السباق المحموم والذي قد يكون من الصعب السيطرة عليه لأنه يحقق أرباحا لبعض الأطراف، كما يقول سميث.

انتقائية في استخدام التكنولوجيا

لكن اللافت برأي سميت ليس مستوى التغول في استخدام السلاح وتغدية الحروب، وإنما في أن إسرائيل على سبيل المثال تمتلك أحدث تكنولوجيا الحروب في العالم لكنها استخدمتها بشكل دقيق جدا في لبنان وبشكل عشوائي في غزة.

فقد أكد المتحدث أن جيش الاحتلال الذي نجح في اغتيال قادة حزب الله في أماكن محددة وبطريقة شديدة الدقة وصلت في بعض الأحيان إلى تفجير أجهزة اتصال يضعونها في جيوبهم، هو نفسه الذي استخدم نفس التقنيات لتنفيذ عمليات قتل عشوائي ومحو تام للسكان في قطاع غزة.

وبعيدا عن المخاطر المحدقة بالعالم، فإن منطقة الشرق تحديدا تدفع الفاتورة الأكبر لتجارة الأسلحة لأنها تعيش منذ زمن حروبا متنوعة سواء بين المقاومة وإسرائيل أو بين الحكومات و"الجماعات الإرهابية"، وفق المدير التنفيذي المؤسس لمنظمة الحماية من الأسلحة وآثارها الدكتور أيمن سرور.

وتستهلك منطقة الشرق الأوسط كميات مهولة من الأسلحة والذخائر بالمخالفة لقوانين واتفاقيات بيع ونقل الأسلحة لمناطق النزاع، كما يقول سرور، الذي أكد أن الجوانب الإنسانية والتنموية يتم تجاهلها بشكل كامل من جانب المستفيدين من الحروب.

إعلان

والأكثر خطورة هو أن العالم يقترب بشكل كبير من الاعتماد على الأسلحة ذاتية الاستخدام التي تقوم على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، وهو أمر سيستهلك مزيدا من الأموال وسيهدد مزيدا من الأرواح في الوقت نفسه، كما يقول سرور.

آثار الدمار التي خلفها القصف الإسرائيلي على حي الرمال شمال شرق غزة
آثار الدمار التي خلفها القصف الإسرائيلي على حي الرمال شمال شرق غزة (الجزيرة)

أسلحة أقوى من القانون

وعندما ينخرط العالم في الاعتماد بشكل أكبر على هذا النوع من الأسلحة، فإنه سيواجه عقبة مهمة جدا وهي كيفية إخضاع مثل هذه الأسلحة شديدة الخطورة للقوانين الدولية.

وتعليقا على هذا النوع من الأسلحة، قال سميث إنها ستخلق واقعا مختلفا للحروب التي ستتحول إلى ما يشبه "لعبة فيديو"، مؤكدا أن التقدم في هذه القطاع يسير بشكل سريع جدا عن النقاشات التي تجريها الحكومات لتفادي مخاطرها.

ومع تغذية هذه الأسلحة بالكثير من المعلومات واللغات والبرمجيات، ستصبح حتى الشركات التي قامت بتصنيع هذه الأسلحة غير قادرة ربما على الحد من مخاطرها، وليس الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات المنوط بها تطبيق القانون الدولي، برأي سميث.

المصدر : الجزيرة