"المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري".. لماذا يثير هذا الكتاب الجدل؟
ويتعلق الأمر بكتاب "المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري" للفيلسوف المصري الدكتور زكي نجيب محمود الذي ولد عام 1905 وساهم كثيرا في الترجمة والحياة الثقافية في مصر.
وقد واجه طرح الكاتب نقدا واسعا خلال صدور الكتاب، فمن يرون ضرورة التخلي التام عن التراث عابوا على الكاتب محاولته الإبقاء على جزء منه، ومن يرون ضرورة الالتزام بالتراث كما هو اعتبروا محاولته تلك خطوة مراوغة في سبيل إبطال كامل التراث.
الدكتور عمرو رياض أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة لوفان بهولندا اعتبر أن كتاب "المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري" هو علامة أساسية في فكر نجيب محمود الذي كان قبل سفره لأوروبا يعترف بأنه لم يكن على دراية كافية بالثقافة العربية، وكان يشك في إمكانية أن تصلح الثقافة العربية من أحوال العالم العربي الثقافي، لكنه عندما عرف التراث جيدا بدأ ينتقي منه ما يصلح من الناحية الفلسفية.
ووفق الدكتور رياض، فقد اعتبر الكاتب في فترة الأربعينيات وما بعدها أن التخلي عن التراث هو انتحار حضاري.
وبرأي الأستاذ أحمد زهاء الدين عبيدات بجامعة وييك فورست بأميركا؛ فإن النقاش حول الكتاب كان بين التراثيين والحداثيين، وأن نجيب محمود أراد وصلا بين هذا وذاك.
أما الدكتور عبد السلام حيدر الأستاذ في المعهد الإسلامي الأوروبي في بلجيكا؛ فقدم قراءته للكتاب من منطلق أن بعض الدارسين يعتقدون أن دعوة الكاتب للأخذ فقط بالجانب المعقول في التراث هو تجنب منه لجانب الغيبيات، وهو برأي الأستاذ حيدر فهما غير دقيق لرؤية الكاتب.
وعندما يتحدث الكاتب -يضيف حيدر- عن المعقول في التراث فهو يفكر أن الإسلام دين عقلاني وأن الكثير من آيات القرآن الكريم تحض على النظر والتدبر واستخدام العقل، كما أن تقسيمه للكتاب على أساس آية قرآنية وردت في صورة النور، دليل على أنه لا يدعو إلى ترك النصوص الأساسية في الإسلام، مشيرا إلى أنه عندما يتطرق إلى اللامعقول يتحدث عن السحر والتنجيم والجانب اللاعقلاني في التصوف.
"نجيب محمود أخطأ الوجهة"
وفي قراءته للكتاب، يقول معتز أبو قاسم أستاذ اللغة العربية في جامعة طرابزون بتركيا إن البعض يظهر لهم أن هناك انقلابا حصل في فكر زكي نجيب محمود، وهو عندما ذهب إلى بريطانيا ليدرس الفلسفة تبنى المذهب الوضعي وكتب فيه الكثير. ووفق أبو قاسم، فإن خصوصية الإسلام هي أن التراث يشتبك مع الدين، وهو ما يجعل الفصل بين التراث والدين أمرا محالا.
ومن وجهة نظر الأستاذ في المعهد الإسلامي الأوروبي في بلجيكا، فإن إحدى نقاط الضعف في الكتاب هي حديثه عن عصر الترجمة في بغداد خاصة تبنيه رؤية مستشرق ألماني، وأن التراث اليوناني لم يؤثر في العرب لأن طبيعتهم مختلفة عن هذا التراث، ولكنه أثر في الأوروبيين.
ويقول الدكتور أبو يعرب المرزوقي الأستاذ المختص بالفلسفة في تونس إن الكاتب لم يعنَ بتحقيق التراث تحقيقا يجعل الشباب العربي والإسلامي يجمع بين الثقافتين على أسس علمية.
ووفق معتز أبو قاسم؛ فقد أخطأ نجيب محمود الوجهة في تعامله مع التراث، كما أنه تعامل مع النظرية الغربية كأنها طوق نجاة للأمة الإسلامية.