تلاشي الوعي والانسياب مع التحريض.. ما السر وراء تحول سلوك الفرد مع الجمهور؟
ولتفسير تصرفات الفرد مع الجمهور، سلط برنامج "خارج النص" 2022/1/23 الضوء على كتاب سيكولوجية الجماهير لصاحبه غوستاف لوبون الذي يقدم فيه دراسة نفسية واجتماعية ترصد التغيرات التي تحدث للفرد عندما يكون جزءا من جمهور معين.
ويعد لوبون أحد أبرز الفلاسفة الذي وضع الحجر الأساس لعلم نفسية الجماهير، وقد حاول دراسة ظاهرة صعود الجماهير على المسرح السياسي الأوروبي بطريقة علمية مرتكزا على تجربة الثورة الفرنسية.
ومن ضمن ما جاء في كتاب لوبون "اليوم نلاحظ أن مطالب الجماهير قد أصبحت واضحة أكثر فأكثر، وتميل إلى تدمير المجتمع الحالي وقلب عاليه سافله، لكي تعود به إلى تلك الشيوعية البدائية التي كانت تمثل الحالة الطبيعية لكل الجماعات البشرية قبل فجر الحضارة".
وقد خصص الجزء الأول من كتابه للحديث عما سماه روح الجماهير، وقصد بها الوحدة الذهنية التي تتشكل لدى اجتماع عدد من الأفراد في ظرف معين، حيث اعتبرهم كتلة ينصهر أفرادها بروح واحدة تخفض من مستوى الملكات العقلية لديهم.
وعن تحول الفرد عندما يصبح جزاء من الجمهور، يقول لوبون في كتابه "مهما كانت نوعية الأفراد الذي يشكلونه ومهما كان نمط حياتهم متشابها أو مختلفا وكذلك اهتمامهم ومزاجهم أو ذكاؤهم، فإن مجرد تحولهم إلى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماهيرية".
وأضاف أنه من ضمن الخصائص الأساسية للفرد المنخرط في الجمهور "تلاشي الشخصية الواعية، وهيمنة الشخصية اللاواعية، وتوجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار، والميل لتحويل الأفكار المحرض عليها إلى فعل وممارسة مباشرة".
ثورة الجماهير
ولتفسير الهدف من دراسة لوبون للجماهير، أوضح محمد سليمان فارس أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة ماردين أن ما دعا لوبون إلى دراسة هذه الحركة الجماهيرية بأسلوب نفسي واستخلاص قوانين يستطيع فيها القادة التعامل مع الجماهير هو وضعه البرجوازي.
ورأى فارس أن لوبون أراد أن يفهم سبب ثورة الجماهير من أجل التحكم بها والسيطرة عليها وقيادته إلى الاتجاه الذي تريده الطبقة الحاكمة.
وعن هذا الكتاب، قالت أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة تعز إنه من الخطورة بمكان التعاطي مع الكتاب بدون تحليل أو نقد من قبل أناس وصفتهم بأنهم لديهم أمية ثقافية.
بدوره، قال نور الدين بكيس الباحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر إن الشعوب دائما لديها لغز لا يفسر، وهناك حاجة دائمة إلى نوع من العاطفة والشمولية في تفسير الظواهر، ولذلك يبقى الكتاب صالحا لسد هذه الثغرات التي لم يجد لها الكثير إجابة على أساس حركية المجتمعات التي تنتج كثيرا من الظواهر المجتمعية.