ناظم حكمت.. شاعر تركيا الذي عارض أتاتورك وأغضب ستالين
ولد الشاعر التركي ناظم حكمت مطلع القرن الـ20 في الوقت الذي كان فيه العالم والدولة التركية يشهدان تحولات كبرى، استلهم ملكة الشعر من والده والرسم من والدته.
اهتم بقضايا بلده وكتب قصيدة "آيا صوفيا" التي تصف الفتح العثماني للقسطنطينية: هذا هو أشرف أيام الإسلام المرتقبة:
قسطنطينية الروم، أصبحت إسطنبول الترك.
وكانشقاق السماء دخل سلطان الترك اليافع، صاحب الجيش الذي تحدى الدنيا.
سافر عام 1921 إلى الاتحاد السوفياتي ليتلقى تعليمه الجامعي، ما شكل منعطفا أيديولوجيا جديدا في حياته نحو الفكر الشيوعي.
ويؤكد الشاعر والمترجم أحمد زكريا أن الشاعر تأثر بالحالة الفنية الموجودة في موسكو آنذاك، وبعد عودته وجد أن أمور الحكم استقرت لمصطفى كمال أتاتورك الذي لم يكن على وفاق معه، ومن هنا بدأت مرحلة ناظم حكمت الشيوعي في صدامه مع السلطة.
ومن الأشعار التي كتبها في تلك الفترة: "كفى لن ندعم البورجوازيين حتى تمتلئ جيوبهم! ليس ميثاقا وطنيا، لكنه ميثاق الطبقة!".
ووفق الباحث في التاريخ التركي، غمار الحصري فعندما ظهرت المدرسة الشيوعية في تركيا كان ناظم حكمت من أوائل الأشخاص الذين كانوا يعملون في الخفاء من أجل نشر أفكارها لذلك اصطدمت معه الدولة.
وبسبب تلك الأفكار، رفعت عدة دعاوى بحق الشاعر التركي، كما يؤكد خلوق أورال مؤلف كتاب "رحلة ناظم حكمت" الذي كشف أيضا أن كتب الشاعر وجدت في خزائن بعض الجنود بالمدرسة العسكرية، وقد حاكموه على إثرها بتهمة تحريض الجيش على التمرد.
مرحلة السجن
وبحسب رئيس مركز محمد عاكف للأبحاث في أنقرة، محمد دوغان، فقد سيق الشاعر إلى المحكمة عدة مرات وحوكم، وفي نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي قبع في السجن لفترة طويلة، لكن أشعاره كانت تنتشر خارج السجن.
وخلال فترة سجنه التي امتدت إلى ما يقارب 12 عاما أتيح له ممارسة هوايته في الرسم والكتابة، مما مكّنه من استكمال أعماله الشعرية والأدبية.
وفي السجن بدأ بكتابة قصيدة "ملحمة الاستقلال" التي اعتبرها بعض النقاد "رشوة" على أمل الخروج من السجن، في حين نفى البعض ذلك.
وفي عام 1950 قرر الشاعر الإضراب عن الطعام للضغط على الحكومة للإفراج عنه وهو ما حصل في يوليو/تموز من العام نفسه، حيث قررت الحكومة إطلاق سراحه والعفو عن بقية مدة حكمه.
وبعد خروجه من السجن بفترة فرّ ناظم حكمت إلى الاتحاد السوفياتي وتم سحب الجنسية منه، لكنه استقبل بحفاوة من قبل اتحاد الكتاب السوفيات آنذاك، ونال جائزة السلام العالمية هناك وكتب قصائده المنددة بالحرب والمناهضة للأسلحة النووية، واتهم على إثرها بالانخراط في الدعاية الشيوعية العالمية.
وبحسب مؤلف كتاب "رحلة ناظم حكمت"، فقد عارض الشاعر التركي ما ذهب إليه أحد الشعراء الروس عندما شبه جوزيف ستالين بالشمس، وبسبب هذا الموقف ألغي موعد الشاعر لقائه ستالين.
ومن جهة أخرى، اهتم ناظم حكمت بقضايا العالم العربي فكتب عن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
توفي الشاعر التركي في موسكو عام 1963، لكن ظلت أشعاره مثار جدل حتى أعيد له الاعتبار، والجنسية التركية عام 2009.