"البحث عن وليد مسعود".. رواية كاتب فلسطيني كان يبحث عن الوطن والإنسان
وأصدر إبراهيم جبرا رواية "البحث عن وليد مسعود" عام 1978، والتي تجسد عبر شخوصها صراعا يظهر في المغترب المثقف وتشتته عن مجتمعه وهويته. ويظهر الصراع الداخلي للبطل من خلال مواءمته بين حياته ورومانسيته وقضيته النضالية، حيث بدت ثلاثية الحب والمقاومة والحياة كأنها المؤشر على قدرة الفلسطيني على الاستمرارية.
وتباينت آراء النقاد والكتاب الذين تحدثوا لحلقة (2021/12/19) من برنامج "خارج النص"، حول مضمون ورسالة الرواية.
ويرى سمير عطية مدير "بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة" أن اللغة التي كتبت بها والحبكات الروائية التي استخدمها الكاتب والتناقضات السياسية التي عبر بها تعد جرأة وتجديدا من قبله، لكن أيضا هناك جرأة سلبية تضمنتها الرواية.
بينما يعتبر الشاعر باسم المدهون أن الرواية مفصلية بالنسبة للأدب الفلسطيني، وأن إبراهيم جبرا لم يتحدث انطلاقا من المكان الفلسطيني، وإنما تحدث من بلد عربي آخر ومن حالة شتات ومن حالة ترحال ثم غياب.
وبدوره، يرى الكاتب سامر رضوان أن خصوصية الرواية تكمن في أنها أسست لفهم جديد لآليات القص والبناء الحديث الذي يرتبط بالبيئة المعاشة وبالأسئلة الكبرى للقضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الكاتب استفاد من المدارس الغربية.
وفي قراءتها الخاصة، تؤكد الكاتبة الأردنية بسمة النسور أن الكاتب تجاوز تقريبا كل الطابوهات في روايته التي صنفتها ضمن كلاسيكيات الأدب العربي وأنها أثرت في جيل بأكمله.
فكرة "أسطرة البطل"
وقامت البنية الأساسية لرواية "البحث عن وليد مسعود" على فكرة "أسطرة البطل" الذي يختفي من حياة صاخبة وناجحة وعاشقة ليحقق عودته الشخصية نحو فلسطين ربما. ويرى بعض النقاد أن الكاتب تعمد الإسراف في تمجيد تلك الشخصية ليبرز حضور القضية الفلسطينية في الوجدان العربي، بينما يؤكد نقاد آخرون أنه بالغ في تلك الأسطرة وأن القارئ العربي كان أكثر اهتماما بقضايا النضال في الأدب الفلسطيني.
ووفق الكاتب سامر رضوان، فإن القضية الفلسطينية كانت بحاجة إلى أبطال ولا يمكن أن تعيش هذه القضية في الوجدان الشعبي إلا من خلال صناعة أبطال، لذلك بالغ إبراهيم جبرا في تحميل هذه الشخصية ما لا تحتمل.
في حين يقول مدير بيت فلسطين للشعر وثقافة العودة إن الكاتب فاجأ القراء عندما نقل "وليد مسعود" من شخصية عابثة وماجنة إلى شخصية مناضلة.
صورة المرأة
ومن جهة أخرى، أثارت صورة المرأة في نصوص إبراهيم جبرا الكثير من الجدل، وهو ما ظهر في رواية "البحث عن وليد مسعود" التي كانت مثار انتقاد طالت الكاتب، لأن صورة المرأة حملت الكثير من المبالغات العاطفية والغرائزية، ولجهة أن شخصية المرأة الفلسطينية في أعماله كانت شبه غائبة.
وأشادت الكاتبة الأردنية بقضية تناول الكاتب للمرأة في روايته، مشيرة إلى وجود غزل رفيع وجميل وظهرت المرأة العراقية مثقفة حرة وعندها خيال.
كما أخذت على الكاتب تأثره بالمجتمعات الغربية التي عاش فيها أثناء الدراسة، وخلق صورة لا تعكس المجتمع البغدادي التي انطلق منه لبناء شخوص وأحداث الرواية.
ويلخص الكاتب سامر رضوان الرواية بالتالي "كان يقول إنني صنعت قضية من شخص اختفى وترك وصية وربما ستضيع هذه الوصية كما ضاع هذا الشخص"، ويضيف أنه عندما تنتهي من قراءة الرواية تتساءل "هل حقا سيعود؟" والقضية الفلسطينية تعرض نفس السؤال "هل حقا ستعود أو هل حقا ستبقى قضية؟".