هل أصبح أباطرة "الكريبتو" هم من يختار ساكن البيت الأبيض؟
في المقابل، يقول قطاع كبير إن هذه العملات الجديدة ليست سوى طريقة متطورة للاحتيال حتى إنها أصبحت واحدة من القضايا الرئيسية التي تتناولها الانتخابات الرئاسية الأميركية الحالية.
ووفقا لبرنامج "كشاف"، فإن الفارق بين العملات العادية ونظيرتها المشفرة يكمن في أن الأولى كانت تخضع لنحو 100 عام لما يعرف بـ"قاعدة الذهب" التي تحدد قوة كل عملة حسب ما يمتلكه البلد من ذهب مقابلها، قبل أن يحل الدولار محل الذهب كاحتياطي عالمي وفق اتفاقية "بريتون وودز".
اقرأ أيضا
list of 2 itemsواشنطن بوست: كاش باتيل خيار خطير وغير مؤهل لقيادة مكتب التحقيقات الفدرالي
وكانت الاتفاقية التي وقعتها الولايات المتحدة مع دول أوروبا الغربية، تلزم واشنطن باستبدال الدولار بالذهب لأي بلد، مما يعني وجوب امتلاكها كمية محددة من الذهب مقابل كل دولار تطبعه.
من الدولار للكريبتو
لكن الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون أطلق يد الحكومة في طباعة الدولار لتمويل حرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي، مما جعل قوة الولايات المتحدة هي الضامن الوحيد للدولار، ومنذ ذلك الحين ظهر عصر العملات الورقية غير المدعومة بغطاء ذهبي.
وبعد تعرض المؤسسات المالية والبنوك الأميركية لأزمة سيولة، أطلق رجل مجهول ما تسمى "بتكوين"، ولاحقا عرف صاحب هذه الثورة في عالم المال باسم ساتوشي ناكاموتو.
ويتم تداول العملة الرقمية "كريبتو" بشكل مباشر بين الأطراف دون الحاجة للبنوك، حيث يتم تسجيل كافة المعاملات في "الكتلات" التي تعرف بـ"البلوكتشين" (سلاسل الكتل).
في حين يقول بعض أثرياء العالم مثل ملياردير الأسهم الأميركي وارن بافيت وبيل غيتس مؤسس مايكروسوفت إن الأموال المشفرة ليست إلا نوعا من أنواع الاحتيال أو مقامرة واسعة على أحسن تقدير.
ومع ذلك، فإن هذه العملات تنتشر وتزداد سوقها اتساعا، حيث ارتفع سعر البتكوين الواحد من دولار واحد في 2011 إلى أكثر من 62 ألف دولار في الوقت الراهن.
وما يجعل عملة البتكوين محل طلب كبير هو أنها ليست متاحة دون حد، بل محددة في 19.5 مليون وحدة يتم تداولها في أنحاء العالم تتجاوز قيمتها حاليا 1.2 تريليون دولار، أو 2.4 تريليون دولار لو أضيفت لها بقية العملات الرقمية الأخرى التي ظهرت لاحقا.
ورغم هذه الأموال الهائلة التي تسيطر عليها سوق "الكريبتو"، فإن كثيرين لا يقبلون عليها في أنحاء العالم، إذ لم يتجاوز ملاك المحافظ الرقمية في الولايات المتحدة مثلا حاجز 7% من السكان، بينهم 1% فقط يستخدمونها في عمليات دفع حقيقية.
الكريبتو والسياسة
وبناء على ذلك، يعتبر كثيرون أن الصراع الكبير الدائر بشأن هذه العملات ينطلق من تشكيك سياسيين ورجال مال كبار في جديتها، فقد هاجم دونالد ترامب عندما كان رئيسا للولايات المتحدة هذه الأموال ووصفها بأنها "احتيال وليست نقودا"، كما اعتبرها وسيلة للاتجار في المخدرات، وحذر من مخاطرها على النظام المالي الأميركي، الذي قال إنه "لا يملك عملة سوى الدولار".
كما شهدت فترة حكم جو بايدن رفع 80 قضية ضد شركات الكريبتو بتهمة بيع أوراق مالية غير مسجلة في البورصات. ثم وقعت الكارثة عندما خسرت بورصة العملات المشفرة "إف تي إكس" 8 مليارات دولار.
وسارع كوين بيس عملاق الكريبتو للاستعانة بالمحامي الأميركي الشهير كريس ليهان، الذي وصفته نيويورك تايمز بأنه "سيد الفنون السياسية المظلمة"، وقد أسس الرجل منظمة لدعم هذه العملات كانت مهمتها "تصنيف المشرعين حسب مواقفهم من الكريبتو".
بعد ذلك، تم تأسيس لجنة عمل سياسية باسم "فيرشاك" لجمع الأموال وإنفاقها على الانتخابات، وكانت ضربة البداية هي الإطاحة بالنائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا كيتي بورتر من قائمة ترشيحات الحزب لمجلس الشيوخ واستبدالها بالنائب آدم شيف.
وقد كانت بورتر مناهضة بشدة للكريبتو، في حين كان شيف داعما قويا لها، وأنفقت "فيرشاك" 10 ملايين دولار على الحملات الدعائية المناهضة لبورتر، والتي وصفتها بالكاذبة والمتنمرة.
وعندما نجحت اللجنة في الإطاحة بنائبة فلوريدا، قررت إنفاق 40 مليون دولار للإطاحة بالنائب شيرود براون في ولاية أوهايو، وهكذا في عدد الولايات.
وجمعت فيرشاك أكثر من 200 مليون دولار خلال العام الجاري، أنفقت أكثر من 130 مليونا منها للتأثير على 42 سباقا انتخابيا تمهيديا، وقد نجحت في 85% منها.
الجميع يتراجع أمام فيرشاك
وبعد هذه النجاحات، شهد مؤتمر "البتكوين" الأخير حضور 10 نواب أميركيين و8 أعضاء في مجلس الشيوخ، لكن الضيف الأكثر أهمية في هذا المؤتمر كان المرشح الجمهوري للرئاسة والعدو اللدود السابق للكريبتو دونالد ترامب.
وهكذا، أصبح ترامب الذي وصف البتكوين بأنها "عملة تجارة المخدرات"، واحدا من أشد داعمي هذه السوق وبات يمتلك منها ما قيمته 6.6 ملايين دولار، بينها 2.6 مليون دولار تعود لعملته الرقمية التي أسسها بنفسه وأطلق عليها اسمه.
وقد تعهد ترامب بجعل الولايات المتحدة عاصمة للعملات الرقمية في العالم، وقال إنه سيطرد غاري غينسلر -الذي عيّنه بايدن لمراقبة العملات المشفرة ورفع الدعاوى على شركاتها- من البلاد. كما أنه حصل على تمويل لحملته الانتخابية بقيمة 25 مليون دولار من ملوك الكريبتو.
ودفع هذا الأمر المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس للنأى بنفسها عن سياسة بايدن تجاه هذه العملات، فعمدت للتواصل مع شخصيات بارزة في عالم الكريبتو، ووعدت بدعم هذا القطاع، مما دفع كريس ليهان نفسه لدعم حملتها الانتخابية بـ35 ألف دولار.