متفرقات

الأكاديمي اللبناني سعود المولى: ما يحدث حاليا هو نتاج الانقلاب على الثورات العربية

قال الباحث في علم الاجتماع الدكتور سعود المولى إن الشعوب العربية بدأت تستعيد وحدتها خلف فلسطين خلال الحرب الحالية، بينما الحكومات لا تحاول البناء على هذه الوحدة من أجل مصالحها الخاصة.

وخلال مشاركته في بودكاست "البلاد"، ذكر المولى أن المنطقة بدأت تتجه للإيمان بأن العنف هو الحل الوحيد في ظل هذا التوحش الإسرائيلي المدعوم أميركيا.

وأضاف أن بعض العلمانيين ممن يعرفهم أصبحوا يتحدثون عن صحة سلوك زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن تجاه هذه الطريقة في التعامل التي قضت على كل احتمالات التغيير السلمي.

ويرى المولى أن ما يجري حاليا هو نتاج الانقلاب الذي جرى خلال العقد الماضي على الثورات العربية، حتى لا يصل الإخوان المسلمون إلى الحكم في عدد من الدول. وقال إن ما يجري حاليا سيولد جماعات أكثر عنفا.

وأضاف أن ما يحدث بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية -على سبيل المثال- ليس إلا نتاجا "لفساد السلطة الفلسطينية"، وأن المأساة الإنسانية في لبنان سببها عدم استعداد الحكومة لهذا الوضع خلال عام كامل من الحرب في قطاع غزة.

أزمة النضال العربي

وأشار إلى أن مشكلة النضال السياسي العربي أنه لا يضع مشاريع لما بعد التحرر أو حتى خلال خوضه معركة النضال، مشيرا إلى أن التاريخ مليء بحركات النضال التي لم تحسن العمل السياسي كما هي الحال في الجزائر بعد الاستقلال ومصر بعد انتصار أكتوبر/تشرين الأول 1973 الذي تلقى طعنة في الظهر، وكذلك في السلطة الفلسطينية التي أصبحت غالبية العاملين بها منتفعين، وفق تعبيره.

إعلان

وذكر الأكاديمي اللبناني أن مدينته طرابلس تمثل حالة خاصة في التعاطف مع كل حركات التحرر العربية وغير العربية، مشيرا إلى أنها تولي قضية فلسطين أهمية خاصة.

ووفقا للمولى، فقد كانت طرابلس العاصمة في أيام الدولة العثمانية قبل الانتداب البريطاني، وقد رفضت فكرة إقامة دولة لبنانية، لأنها كانت تطالب بإقامة كيان أوسع هو بلاد الشام (سوريا، لبنان، فلسطين).

وكان القطاع الأوسع من المسلمين في لبنان عموما غير مهتمين بلبنان قدر اهتمامهم بالكيان الأكبر المتمثل في بلاد الشام، وخصوصا طرابلس التي كانت تمتلك علاقات بحماة وحمص أكبر بكثير من علاقاتها بجبل لبنان، حسب المولى.

لكن الأمور تغيرت بعد عام 1936، عندما بدأت بلاد الشام تستقل كدول منفصلة، كما يقول المولى، مشيرا إلى أن مدينة طرابلس قدمت الكثير من شبابها في انتفاضة الاستقلال عندما دهست الدبابات العديد من طلاب المرحلة الثانوية.

ومثلت نكسة 1967 لحظة تحول كبيرة في التاريخ اللبناني -كما يقول المولى- لأنها كشفت عمق الخلافات الطائفية الموجودة بالبلاد، لأن هذه الطائفية لم يكن معروفا عمقها قبل هذه الهزيمة التي هزت الأحزاب السياسية اللبنانية، ودفعتها لكثير من الانقسامات.

الانحياز للقضية الفلسطينية

كما انحازت طرابلس للقيادة الفلسطينية عندما لجأت لها بعد خروجها من لبنان 1982 حيث اصطدمت المدينة بالنظام السوري دفاعا عن القادة الفلسطينيين، مما جعلها مستباحة من جانب سلطات دمشق التي نفذت العديد من الاغتيالات بالمدينة، حسب المولى.

ووضح المولى -الذي كان عضوا في الكتيبة الطلابية- أن الساحة السياسية اللبنانية ومعها القيادة الفلسطينية عاشت خلافا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بين من يرون وحدة العرب سبيلا لتحرير فلسطين، ومن يرون أن تحرير فلسطين هو باب الوحدة العربية، لافتا إلى أنهم اكتشفوا لاحقا أن المجتمع الدولي لن يسمح بضرب إسرائيل.

إعلان

وعن طريقة التعامل مع هذا الوضع المعقد، بيّن عالم الاجتماع اللبناني أن الوحدة الشعبية هي الأساس الذي يجب البناء عليه لمواجهة أزمة الخلافات المذهبية أو الطائفية أو السياسية التي هي جزء من الواقع العربي المتأزم.

وأشار إلى أن هذه الوحدة يعاد بناؤها من جديد لكن بصعوبة شديدة بسبب ما يمارسه الاحتلال من توحش في ظل تراجع الدور الحكومي العربي.

فساد الأنظمة

وقال المولى إن ما يحدث بحق الفلسطينيين في الضفة على سبيل المثال ليس إلا نتاجا "لفساد السلطة الفلسطينية"، وإن المأساة الإنسانية في لبنان سببها عدم استعداد الحكومة لهذا الوضع خلال عام كامل من الحرب في غزة.

وعن زعيم حزب الله الرحل حسن نصر الله، ذكر المولى أنه كان محكوما بمعادلات أوصلت لبنان إلى أزمته الحالية لأن الحزب بدأ يفقد وهجه -الذي حصل عليه عام 2006 من مختلف الأطياف العربية- بسبب انخراطه إلى جانب بشار الأسد ضد شعبه بدلا من أن يستغل سمعته وماضيه وعلاقاته بالأسد والمرشد الإيراني لعمل مصالحة في سوريا بدلا من إشعال الحرب.

وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الانخراط في الأزمة السورية كانت سببا في انكشاف حزب الله مخابراتيا للولايات المتحدة ومن ثم لإسرائيل، معربا عن اعتقاده بأن هذه الاغتيالات التي وصلت لرأس الحزب لا يمكن أن تكون قائمة على التقنيات فقط دون وجود تدخل بشري لتقديم معلومات.

وخلص المولى إلى ضرورة أن تبحث الدول العربية في اللحظة الحالية عن مصير وشكل المنطقة بعد حرب غزة، مؤكدا أن كل ما جرى من حوارات "إسلامية-إسلامية" أو "إسلامية-مسيحية" خلال العقود الماضية لم تكن جادة أبدا.