المُتحرّي

"المُتحرّي" يكشف بالأدلة تورط آل الأسد في تجارة الكبتاغون

كشف برنامج “المُتحرّي” للتحقيقات الاستقصائية تورط أسماء وكيانات مقربة من النظام السوري وآل الأسد في تجارة المخدرات وخاصة أقراص الكبتاغون، معتمدا على فريق ميداني اخترق إحدى شبكات تجارة المخدرات بسوريا.

وعرض البرنامج -الذي يبث على منصة "الجزيرة 360"- سلسلة تسجيلات صوتية ومقاطع مصورة تظهر معلومات تفصيلية عن أماكن تصنيع المخدرات، وطرق نقلها وتأمينها، وأبرز الأسواق والأسعار.

كما بث مقاطع فيديو لسيارات محملة بالمخدرات تعبر أحد حواجز الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد الشقيق الأصغر لرئيس النظام السوري بشار الأسد.

وعرض "المتحرّي" تسجيلات صوتية لسليمان غنيجة -وهو عنصر في المخابرات الجوية السورية ويعمل مرافقا لشحنات المخدرات- وعرض خلالها خارطة لأحد طرق هذه التجارة.

ويبدأ هذا الطريق من الحدود السورية اللبنانية حيث التصنيع وينتهي في اللاذقية، وفق غنيجة الذي يكشف أيضا "الميناء اليوغسلافي" في اللاذقية الذي يعد المنفذ الرئيسي لتهريب المخدرات بحرا إلى ليبيا واليونان وإيطاليا.

ويشدد عنصر المخابرات الجوية على أن دور سوريا لا يقف عند تهريب الكبتاغون فحسب، بل يشمل مخدرات أخرى تعبر إلى دول الجوار والعالم، كاشفا أن بعض أنواع الحبوب التي تعبر سوريا إلى الخليج تتجاوز أهدافها تجارة الممنوعات وأرباحها إلى السياسة بأقذر أساليبها.

وتطرق غنيجة في أحد التسجيلات إلى مضر، قال "المتحري" إنه "مضر رفعت الأسد" (59 عاما) المدرج على اللائحة السوداء للاتحاد الأوروبي، وهو ابن رفعت الأسد الشقيق الأصغر للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وكان مؤسس الفرقة الرابعة بالجيش السوري.

إعلان

وفي هذا الإطار، يقول مدير فريق سراة الميداني محمد الشامي إن شركة القلعة التي ورد ذكرها بالتسجيلات هي شركة حراسات أمنية تأسست بعد الثورة، ومالكها الحقيقي ماهر الأسد، ومديرها خضر علي طاهر (أبو علي خضر) وهو مسؤول حواجز الفرقة الرابعة بالمناطق الحدودية مع لبنان.

وأشار الشامي إلى قواعد مرسومة لجميع التجار "مهما كان نفوذهم كبيرا، وقد يخسر أحدهم حياته إذا تجاوزها".

اللاذقية.. الإنتاج الكبير

بدوره، يؤكد مدير برنامج سوريا في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كرم الشعار أن الشريط الحدودي بين سوريا والأردن فيه عدة نقاط لإنتاج الكبتاغون ولكنها بمستويات محلية، كاشفا عن تحول الإنتاج الكبير إلى اللاذقية حيث مناطق التهريب البحرية.

وصار إنتاج مناطق التهريب البحرية على مستويات أكبر، إضافة إلى درعا جنوبي سوريا وكذلك بالقرب من الحدود العراقية، وفق الشعار الذي قال إن عدة شركات مرتبطة بالفرقة الرابعة تأسست بعد عام 2011، وكل ملاكها أشخاص مرتبطون بالنظام السوري وأجهزته الأمنية.

وأشار الشعار إلى أن لمضر الأسد شركات للنقل والشحن، مضيفا أن الفرقة الرابعة لا يمكن ألا يكون لها نشاط في المخدرات وأن يتم دون موافقتها لكونها تسيطر على معظم الحواجز، "مما يفسر سبب محورية دورها في المخدرات، وقد يصل إلى الإنتاج".

وورد في التسجيلات اسم مدير مكتب أمن الفرقة الرابعة العميد غسان علي بلال، ووصفه الشعار بأنه اليد اليمنى لماهر الأسد ومسؤول النشاطات الاقتصادية وغير العسكرية للفرقة الرابعة.

جولات المتحري

وجمع "المتحري" معلومات ميدانية مستعينا بدليل محلي لمقارنتها بمعلومات الفريق الميداني في الداخل السوري، كما عرض صورا لأحد معامل صناعة الكبتاغون، ووثق شهادة لأحد الطباخين فيها عن وصفة تصنيعها.

كما عقد فريق البرنامج صفقة وهمية مع أحد التجار البارزين الذين يتعاملون مع الكبتاغون، حيث عدّد الأخير أنواعا وأصنافا مختلفة من المخدرات، وقال إن بعضها يلقى رواجا في أسواق خليجية وأوروبية، مؤكدا أن السعر يعتمد على الكمية وتوقيت التسليم ومكانه.

إعلان

وتوجه الفريق أيضا إلى مناطق درعا والسويداء جنوبي سوريا على الحدود الأردنية، كما بث البرنامج صورا حصرية تظهر تعاطي وبيع الحبوب في سوريا، في حين توجه الفريق الميداني إلى اللاذقية مسقط رأس آل الأسد.

كما سلط "المتحري" الضوء على إياد جعفر الذي يلقبه السوريون بـ"أبو علي سكة"، في حين يناديه أفراد عشيرته في الهرمل اللبنانية بـ"القائد"، حيث يوصف بأنه "بارون المخدرات".

ويمتلك جعفر مزارع للحشيش، بث بعضها البرنامج وفيديوهات أخرى لسيارات محملة بالمخدرات تعبر سوريا في وضح النهار، بعضها من نهر العاصي.

وفي هذا السياق، يقول جعفر جعفر -وهو تاجر مخدرات يحمل الجنسيتين اللبنانية والسورية- إن الفرقة الرابعة ترافق سيارات التهريب إلى المرفأ، كما كشف أسماء الضباط الذين يديرون العلاقة مع التجار وخاصة العميد غسان بلال مدير مكتب ماهر الأسد.

"الترفيق"

ورسمت الحلقة الثانية، التي حملت عنوان "الترفيق ولعبة البحر"، شكل هرم تجارة المخدرات في سوريا المتحور حول الفرقة الرابعة وما يرتبط بها من أفراد وكيانات، حيث يشغل آل الأسد رأس الهرم.

وبرزت أسماء كثيرة من آل الأسد لديها نشاط كبير في هذه التجارة من مثل مضر الأسد، وهارون الأسد، وبشار طلال الأسد، وحافظ منذر الأسد، ووسيم الأسد، وسامر كمال الأسد.

في السياق ذاته، تتألف قاعدة الهرم من رجال الأعمال وشركاتهم المسؤولية عن نقل المخدرات وتهريبها وغسيل أموالها وإعادة ضخ أجزاء منه في الاقتصاد السوري.

وأفردت الحلقة الثانية مساحة واسعة للحديث عن الترفيق، وهو مصطلح جمركي أصبح جزءا أساسيا من اقتصاد الحرب في سوريا، حيث تقطع شاحنات المخدرات مئات الكيلومترات رغم الانتشار لحواجز التفتيش الأمنية.

ووفق مدير برنامج سوريا في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كرم الشعار، يقدر حجم تجارة المخدرات في سوريا بين ملياري دولار و3 مليارات دولار سنويا، وقال إنه رقم كبير للغاية.

إعلان

وعن عدد الشركات الكثيرة المنخرطة في هذه التجارة، يعتقد الشعار أنها محاولة للتهرب من المساءلة والعقوبات، كما أن عددها يعكس نشاطا اقتصاديا حقيقيا وقوده أموال المخدرات.

بدوره، يقول نبيل الدندل -وهو رئيس شعبة أمن سياسي سابق- إن هؤلاء من القطط السمان الذين تربوا في حقبة حافظ الأسد، وأصبحوا قادة التهريب الرئيسيين بمحافظة اللاذقية، كاشفا أن رفعت الأسد أنشأ "الميناء اليوغسلافي" الذي لا تسيطر عليه الدولة.

تسجيلات وفيديوهات

وتطرق غنيجة في أحد التسجيلات إلى هارون الأسد، الذي عرف عنه "التشبيح"؛ أي القيام بأعمال تنافي القانون دون أي حساب أو رقيب بسبب نفوذه، حيث يملك شركة للنقل والشحن البحري تمارس الترفيق للبضائع والمخدرات.

وشرح المتحدث نفسه -عبر فيديو- كيف يتم نقل المخدرات ليتم تفريغها بسفن كبرى في المياه الإقليمية، وأشار إلى الحجم الكبير للتجارة وما تدره من أرباح، رغم اتساع عمليات المكافحة والضبطيات.

بدوره، توصل الفريق الميداني بالداخل السوري إلى وثيقة تكشف عمل غنيجة مع هارون الأسد، كما بث البرنامج لقطات تبرز دور أجهزة الأمن السورية في تجارة المخدرات.

وفي اللاذقية، تنتهي خطوط التصنيع والترفيق لتبدأ مراحل التهريب بحرا انطلاقا من "الميناء اليوغسلافي"، حيث يتم استخدام كل السلع لتهريب المخدرات أو عبر طائرات مسيرات، أو نقلها في خزانات بحرية للتمويه بتجارة المخدرات.

وتحدث "المتحري" مع العقيد في الشرطة المالية كلاوديو موناري، أحد كبار ضباط الشرطة الذين أشرفوا على تحقيق مرتبط بضبط أكبر شحنة كبتاغون في أوروبا كانت تحتوي على 80 مليون قرص وتبلغ قيمتها التجارية نحو 80 مليون يورو.

وأوضح موناري أن المخدرات عثر عليها داخل حاويتين قادمتين من سوريا، وكانت الشحنة متوجهة إلى ليبيا والسعودية.

لمشاهدة الحلقتين كاملتين، يرجى الضغط على الرابط 1 والرابط 2 في منصة "الجزيرة 360".

إعلان