باب حوار

البيت أم العمل.. أيهما أحق بالمرأة؟

تناول “باب حوار” الذي تنتجه منصة الجزيرة 360 قضية عمل المرأة ومدى تعارضها مع كونها مسؤولة عن أسرتها. وقد تباينت الآراء بشكل كبير بين المشاركين في الحلقة.

فقد أعرب البعض عن اعتقادهم بأن المرأة العاملة قادرة على تربية جيل قوي ومتعلم، بينما قال آخرون إنه من الصعوبة التوفيق بين الأمومة والعمل.

وخلال الحلقة التي يمكن مشاهدتها على الرابط التالي، قالت بنان شمس الدين -وهي مديرة أكاديمية تعليمية- إن عمل المرأة ليس ضروريا كالرجل المسؤول عن تكوين الأسرة وكفالتها، لكنها قالت أيضا إن عمل المرأة ربما ينحصر في التعليم والأمور الطبية النسائية.

وتعتقد شمس الدين أن مهمة تربية جيل متزن نفسيا ومتعلم يشكل ضرورة أكبر للمجتمع من عمل المرأة، خصوصا وأن تجربتها الشخصية الطويلة في العمل "أثبتت أن وجود الأم في البيت مهم للأولاد في مرحلة الطفولة".

لكن الإعلامية والناشطة إسراء المدلل تختلف مع الحديث السابق وترى أن عمل المرأة ضروري جدا لتحقيق أمنها الاقتصادي وإثبات ذاتها، وقالت إن الدراسات أثبتت أن المجتمع الأكثر تماسكا هو الذي تتشارك فيه المرأة مع الرجل في اتخاذ قرارات حاسمة لصالح الأسرة والمجتمع.

وقالت المدلل إن المرأة تنجز أعمالها بزيادة 10% عن الرجل، وبالتالي هي الأقدر على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة بل ويمكنها تحقيق إنجاز ممتاز في حال تفهم الزوج هذا الأمر، حسب قولها.

وفي المقابل، يختلف الطبيب المصري أسامة عودة مع حديث المدلل بقوله إنه "لا يجب وضع الرجل والمرأة في كفة واحدة لأن هذا سيؤدي لاختلال ميزان الحياة، لأن عمل المرأة ليس مرفوضا لكن لا بد وأن يكون بميزان".

واتفقت الباحثة الاجتماعية المصرية سارة صبري مع حديث عودة وقالت إن المرأة تعمل طوال الوقت وهي تقوم بالعديد من المهام المختلفة في بيتها لكنها تعمل بشكل حر وليست مرتبطة بساعات عمل محددة كما تقتضي الوظيفة.

واختلفت الإعلامية رهشان صغلام مع الرأي السابق بقولها إن عمل المرأة "مهم جدا ليس فقط لإثبات نفسها ولتحقيق الاستقلال الاقتصادي وإنما لأنه أصبح ضرورة اقتصادية في الوقت الراهن سواء كانت متزوجة أو عزباء".

وأضافت "الأم العاملة يمكنها تربية أولاد أقوياء يرون فيها القدوة والمثال ولو كانت عزباء فإنها تعطي مثالا لمن حولها" معتبرة أن "المرأة العاملة تكون قوية الشخصية وقادرة على التربية واتخاذ القرارات شريطة ألا يتعارض هذا مع مصلحة أولادها وهذا يأخذنا إلى ضرورة تعديل قانون العمل".

وفي السياق نفسه، قال الصحفي والناشط قتيبة ياسين إن الدول الناجحة هي التي يعمل بها الجنسان لأنه ليس منطقيا الاستغناء عن نصف المجتمع وبالتالي فإن عمل المرأة ضروري جدا ويفترض أنه لم يعد محل نقاش.

لكن عودة رد على هذا القول إن هذه المجتمعات التي تزيد فيها نسبة عمل المرأة وإن حققت نجاحات مادية فإنها في الوقت نفسه تعاني مشاكل كبيرة على غرار مشكلة الكهولة في أوروبا والتي تعود بالأساس إلى استغناء المرأة عن الأسرة والإنجاب بالعمل.

التوفيق بين العمل والأسرة

وعن إمكانية التوفيق بين العمل والبيت، قالت شمس الدين إن المرأة العاملة تواجه صعوبة في ترتيب أمور بيتها، مضيفة "في ظل الأجيال الاتكالية التي تعتمد على الأم في كل شيء فإن المرأة تحاول تحقيق هذا التوازن على حساب نفسها".

كما قال عودة إن تعدد الأعمال يضع المرأة تحت ضغوط كبيرة وهو أمر غير صحيح من الناحية العلمية، وبالتالي فإنه ظلم لها نهاية الأمر.

لكن المدلل قالت إنه لا توجد محددات للتوازن لأن التوازن بين البيت والعمل يعود للمرأة نفسها وقدرتها على العلم والعطاء، والاكتفاء بدور الأم يخلف جيلا اتكاليا، ومن لا تعمل تقوم بمهام أكبر من المرأة العاملة، حسب قولها.

ورغم اعترافها بوجود صعوبة في تحقيق التوازن، فإن صغلام تقول إن عمل المرأة يتطلب تعاونا من الرجل. كما قال قتيبة ياسين "إن هناك نساء عاملات لا يقصرن في أمور بيوتهن والعكس، والأمر نفسه ينطبق على الرجل، فضلا عن أن المرأة ليست ملزمة بعمل كل أمور البيت بينما الرجل لا يقوم بأي شيء".

لكن صبري ترى أن وجود الأم في البيت "لا يعني أنها ستقوم بكل شيء وإنما يمكنها توزيع الأدوار على أولادها بينما العمل الوظيفي يستهلك طاقتها وتركيزها".

العمل أم المنزل؟

تقول شمس الدين إن بيئة العمل "ظالمة للمرأة ولا تساويها ماديا مثل الرجل ولا تراعي ظروفها كأم وزوجة وبالتالي عليها اختيار عمل يتناسب مع أسرتها". بينما قال عودة إن وجود المرأة في سوق العمل "أضر بالرجال وخلّف تنافسية كبيرة وزاد بطالة الرجال، بعدما دخلت في كل الوظائف حتى التي لا يمكنها القيام بها فيزيائيا".

ولكن المدلل قالت إن المرأة يمكنها إيجاد بيئة عمل جيدة وإلا فبيتها أولى بها، وإن كان هذا ليس مبررا للتكاسل لأن الرجل أيضا يواجه بيئة عمل صعبة ومع ذلك لا يجلس في البيت.

أما صغلان فقالت إن المرأة أخذت الكثير من الحقوق لكنها ما زالت مظلومة ماديا وتعاني من أمور في العمل بينها التحرش الجنسي، ومع ذلك فإنها "لم تُخلق للبقاء في المنطقة المريحة وعليها أن تقتحم الأماكن الصعبة وتحاول تحسين بيئة العمل لتتناسب معها".

واختلفت صبري مع هذا الطرح بقوله إن المرأة لم تحقق نجاحات وإنما وجدت فرصا لأنها تقبل بعائد مادي أقل لا يقبل به الرجل لأنه مسؤول عن أسرة تتطلب راتبا أكبر.

بدوره، قال ياسين إن المرأة ليست مظلومة في بيئة العمل بل هناك تفضيل إيجابي لها والظلم يقع في بيئات عمل محددة ويقع على المرأة والرجل على السواء.