اتهام مسؤولي كينيا بالتبذير رغم خطة تقشف أعلنها الرئيس روتو
قال تقرير مالي عن أغسطس/آب الماضي -أعده مراقب الميزانية الكيني مارغريت نياكانغ- إن مسؤولي الدولة أنفقوا 27.3 مليار شلن كيني (210 ملايين دولار) على السفر خلال السنة المالية الحالية، مما أثار تساؤلات حول الإنفاق الحكومي المرتفع في وقت تواجه فيه البلاد عددًا لا يحصى من الأزمات الاقتصادية وفق تقرير لموقع أفريكا ريبورت.
وأوضح الموقع أنه في ذروة الاحتجاجات المناهضة للضرائب التي قادها الشباب في يوليو/تموز الماضي، وعد الرئيس وليام روتو بالشروع في خطة شاملة لخفض التكاليف في إدارته كوسيلة لتهدئة الغضب الشعبي المتنامي الذي تحول لأعمال عنف وشغب أوقعت قتلى وجرحى.
ويقول "أفريكا ريبورت" إنه حسب الإحصائيات فإن سفر مسؤولي الدولة في الغالب غير ضروري. ووفق للتقرير، تم إنفاق 18.2 مليار شلن (140 مليون دولار) من 27.3 مليار شلن على السفر المحلي، بينما أنفق 9.2 مليارات شلن (70.7 مليون دولار) على السفر إلى الخارج.
وتمثل هذه الأرقام زيادة بنسبة 345% في النفقات، مقارنة بالسنة المالية 2022/2023، حيث أنفق مسؤولو الدولة 20.4 مليار شلن (156.9 مليون دولار) على السفر، منها حوالي 14 مليار شلن (107.6 ملايين دولار) للسفر الداخلي و6.3 مليارات شلن (48.4 مليون دولار) للسفر إلى الخارج.
سلسلة من التناقضات
يشير "أفريكا ريبورت" إلى وجود تناقضات في الالتزام بحدود التفويض، فضلاً عن التكرار والتداخل الذي يتجلى في الرحلات المتعددة إلى نفس الوجهات من قبل مختلف الوزارات والإدارات والوكالات الحكومية، مما يشير إلى نقص التنسيق.
ووفق التقرير، أرسلت إدارات تنمية الثروة الحيوانية 3 مرات وفودا مختلفة إلى روما في إيطاليا، في حين أرسلت إدارات الدولة للاقتصاد ومصايد الأسماك والتجارة وفودا إلى أروشا (تنزانيا) 4 مرات لكل منهما، خلال نفس الفترة.
يقول التقرير "من البيانات، زاد الإنفاق على السفر المحلي من 10.9 مليارات شلن في السنة المالية 2019/2020 إلى 18.15 مليار شلن في السنة المالية 2023/24. وكانت النسبة المئوية للزيادة بين 2022/23 (14 مليار شلن) و2023/24 (18.15 مليار شلن) بما يعادل 29%.
ويضيف التقرير "بالمثل، سجل الإنفاق على السفر الخارجي زيادة بنسبة 45% بين السنة المالية 2022/2023 (6.33 مليارات شلن ) والسنة المالية 2023/2024 (9.19 مليارات شلن) رغم الجهود المبذولة لتقليل السفر غير الضروري خلال 2023/2024" بالإضافة لذلك فإن بعض تكاليف السفر لم يتم دفعها، وبالتالي فهي تشكل جزءًا من فواتير الحكومة غير المدفوعة، والتي تصل إلى مليارات الشلنات.
ورغم تأكيدات روتو ونائبه ريجاتي غاتشاغوا بأنهما سوف يحتويان على الهدر في السفر غير الضروري، فقد اتهم مكتباهما باعتبارهما الأسوأ في الإنفاق. فقد استخدمت الرئاسة -التي تتكون من مجلس الدولة ومكتبيْ نائب الرئيس ورئيس وزراء الوزراء- 2.4 مليار شلن للسفر خلال السنة المالية 2023/24 ارتفاعًا من 1.56 مليار شلن خلال 2022/2023.
إنفاق السلطات العليا
ويقول "أفريكا ريبورت" إنه خلال السنة المالية 2022/23، استخدم مجلس الدولة 1.36 مليار شلن للسفر، واستخدم مكتب غاتشاغوا 103.4 ملايين شلن ومكتب أمين مجلس الوزراء موساليا مودافادي 94.4 مليون شلن كيني للسفر. ومع ذلك، زادت هذه الأرقام بشكل كبير خلال 2023/2024، حيث صرف مجلس الدولة 1.74 مليار شلن، ومكتب غاتشاغوا 556.7 مليون شلن، ومكتب مودافادي 154.5 مليون شلن على التوالي.
ويضرب الموقع مثلا بجولة روتو الرسمية في مايو/أيار إلى الولايات المتحدة، وجاء في تقريره أن روتو أنفق أقل من 10 ملايين شلن بينما صرف وفد الرئيس المكون من 13 شخصا 21 مليون شلن. وقد دافع روتو عن استئجار طائرة فاخرة في حين أن كينيا لديها شركة طيران جيدة المستوى (الخطوط الكينية) والتي غالبا ما تسير رحلات بين نيروبي ونيويورك. وأكد الرئيس أن إدارته "استأجرت الطائرة من أصدقائه من دبي بسعر رخيص".
وقال روتو أيضا إن أصدقاءه، الذين علموا بمأزقه، أعطوه الطائرة بتكلفة مدعومة قدرها 10 ملايين شلن، وهو أرخص مما تتقاضاه الخطوط الكينية. كما كشف التقرير أن رحلات نائب الرئيس الخارجية تتكون من وفود كبيرة معظمها غير أساسية.
وقد أعرب خبراء سياسيون وسكان محليون عن خيبة أملهم، ووصفوا تأكيد حكومة روتو للتقشف بأنه مجرد استهزاء. فيقول فيث موتوكو، المحلل السياسي المقيم في نيروبي، لأفريكا ريبورت "هذا أكبر خداع للجمهور من قبل الطبقة السياسية. يحدث هذا بعد وعد روتو وحكومته للكينيين بالتقشف. إذا استمر هذا الاتجاه، فسوف تستأنف الاحتجاجات المناهضة للحكومة".
ويقول البروفيسور إكس إن إيراكي أستاذ الاقتصاد جامعة نيروبي لـ"أفريكا ريبورت" إنه مع الأزمة الاقتصادية الحالية التي تواجه البلاد فإن "الهدر الذي نشهده إدانة كبيرة لعدم كفاءة قيادتنا. هذا أمر لا يسبر غوره". بينما تقول ماري وانجيكو (من مقاطعة ميرو) إنها سئمت من "خداع الطبقة السياسية المستمر" مضيفة "مع مرور كل يوم، تستمر تكلفة المعيشة في أن تصبح لا تطاق، وترتفع أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، ومع ذلك لا يوجد من يهتم. لقد فاض بنا".