نيويورك تايمز: هل غيّر عام من الحرب حزب الله؟
يؤكد الخبراء أن الحروب تُحدث تغييرا جذريا في واقع الأطراف التي تخوضها، ولعل هذا ما تجلى بوضوح في الصراع الشامل الذي اندلع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، كما ورد بصحيفة نيويورك تايمز.
وفي التقرير، أشار كولين كلارك، عضو مجموعة "سوفان غروب" للاستشارات الاستخباراتية والأمنية، إلى أن حزب الله خرج من حرب عام 2006 الشاملة -التي استمرت شهرا ونيفا- منهارا، ولكن بنزوع إلى التحدي بعد أن صمد أمام "أعتى جيش في الشرق الأوسط"، حسب قوله.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsالصدمة والرعب في شمال غزة.. قصص يشيب لها الولدان
وقال كلارك إن تلك التجربة، إلى جانب الدعم الإيراني، أعدَّته لإحراز تقدم مهم عسكريا وسياسيا في السنوات التي تلت تلك الحرب، وحوّلته إلى تنظيم عابر للحدود، ومزودا بـ150 ألف قذيفة وصاروخ، وممثَّلا بنواب في البرلمان اللبناني.
تحول
والآن مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ أمس الأربعاء، فمن الواضح -برأي كاتب المقال- أن حزب الله يمر بتحول من نوع آخر.
فقد شهدت الأشهر الأولى من الحرب الحالية بينه وبين إسرائيل تبادلا للضربات، بينما ظل قطاع غزة هو مركز الثقل في الصراع بالمنطقة.
ومع تصاعد حدة الحملة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية ضده منذ بداية يوليو/تموز الماضي، فإن كلارك يعتقد في مقاله أن قدرة حزب الله على النشاط عبر الحدود باتت مقيدة.
ولعل ما قد يبرز على الأرجح، بعد أن أصبح حزب الله يتمركز محليا أكثر مع تراجع نفوذ إيران في المنطقة، فإن من شأن ذلك -وفق كلارك- أن يحدث تغييرا في ميزان الأمن الإقليمي القائم منذ عقود في أرجاء الشرق الأوسط كافة.
وادّعى الكاتب أن إسرائيل نجحت في إضعاف كل من حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وحزب الله وخصمها اللدود إيران على مدار العام الماضي.
إيران تبقى خطيرة
ومع ذلك، فهو يحذر من أن إيران "الضعيفة" قد تظل خطيرة، على حد تعبير الكاتب الذي أضاف أن العديد من المراقبين أعربوا عن مخاوفهم من أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ربما يسارع لامتلاك قنبلة نووية، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع حاليا على أنها الرادع الوحيد الممكن ضد إسرائيل.
وبينما يجف مداد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، فإن كلارك يرى أن إسرائيل في "وضع إستراتيجي مواتٍ" ربما لم يسبق له مثيل "في الذاكرة الحديثة"؛ إذ نالت من قدرة خصومها وتترقب الآن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الجديدة التي تبدو على استعداد لتعزيز خطتها القائمة على ممارسة "أقصى الضغوط" على إيران.
ويمضي الكاتب إلى القول إن إيران قد تنصرف -على المدى القريب- إلى تعزيز فروعها الأخرى في شبكة وكلائها في المنطقة، أمثال جماعة الحوثيين في اليمن أو الفصائل الشيعية في العراق، على حد تعبيره.
حزب متجذر
ولكنه يستدرك قائلا إن من الصعب أن تتخلى إيران تماما عن حزب الله بالنظر إلى علاقتها الطويلة الممتدة ذات الجذور الأيديولوجية والسياسية والعسكرية العميقة.
وعلى عكس تنظيمي القاعدة و"الدولة"، فإن حزب الله جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي للبنان.
ويشير مقال نيويورك تايمز إلى أن المراقبين ظلوا يرددون، طوال هذا العام، أن الشرق الأوسط وصل إلى لحظة فارقة حتى إن إسرائيل وحلفاءها بدوا متفائلين بأن التحولات الأخيرة في ميزان القوى ستستمر.
لكن الكاتب لا يتفق مع ذهب إليه هؤلاء، ويستند في ذلك إلى أن من يتابعون ما يجري في المنطقة عن كثب يعتقدون أن رأي أولئك المراقبين يتسم بقصر النظر.