انتخابات ناميبيا 2024: من المرشحون؟ وماذا على المحك؟
يتوجه الناميبيون إلى صناديق الاقتراع هذا الأسبوع، وسط موجة من الاضطرابات الانتخابية التاريخية في الجنوب الأفريقي، للتصويت في انتخابات رئاسية وبرلمانية من المتوقع أن تكون الأشد تنافسية والأكثر حدة حتى الآن.
ويأتي تصويت يوم الأربعاء بعد أن طردت أحزاب التحرير من بوتسوانا بعد حكم طال أمده وامتد منذ عهد الاستقلال، وشلت سلطت هذه الأحزاب في جنوب أفريقيا في وقت سابق من هذا العام، أما في موزمبيق، فقد أدى فوز حزب فريليمو الحاكم إلى استمرار الاحتجاجات الدامية وسط مزاعم بالتلاعب في الانتخابات.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsنيوزويك: حصول المعارضة السورية على هذا السلاح الروسي تحول مهم
ومن المتوقع أن يتسبب حزب وافد جديد بتقويض سلطة حزب المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو) الحاكم في ناميبيا، وقد حكم الحزب البلاد منذ استقلالها عن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عام 1990.
وقد يؤدي الاستياء المتنامي في أوساط الشباب إلى احتمال خسارة سوابو الرئاسة والأغلبية البرلمانية للمرة الأولى، فقد انخفضت حصته من الأصوات بوتيرة متسارعة خلال الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين.
ومع ذلك، يقول محللون إنه على الرغم من مواجهة حزب سوابو نفس المشاكل التي يواجهها نظراؤه في الدول المجاورة، فإن المعارضة الناميبية تفتقر إلى التنسيق.
وقال غراهام هوبوود، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث السياسات العامة في ويندهوك العاصمة، للجزيرة نت: "إن أحزاب المعارضة ليست منظمة بشكل جيد هنا كما هو الحال في جنوب أفريقيا أو بوتسوانا، وقد يؤدي ذلك إلى إفلات حزب سوابو من عواقب المأزق الحالي والفوز بالبرلمان".
ورغم اتساع مساحة ناميبيا الشاسعة فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة، مما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعب المعيشة فيها، ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.
وسيكون تصويت الـ27 من نوفمبر/تشرين الثاني هو السابع منذ الاستقلال، ويبلغ عدد الناخبين المشاركين في التصويت نحو 1.45 مليون شخص.
إليك كل ما تحتاج إلى معرفته عن المرشحين وما هو على المحك:
كيف سيتم التصويت؟
- سيصوت نحو 1.45 مليون ناخب مسجل لاختيار الرئيس وأعضاء الجمعية الوطنية.
- يتنافس 21 حزبا على 96 مقعدا في البرلمان، وهناك 15 مرشحا رئاسيا.
- يشترط أن يفوز المرشحون للرئاسة بأكثر من 50 في المئة من الأصوات للحصول على المنصب.
- إذا لم يفز أي مرشح بالأغلبية، يتواجه المرشحان الحاصلان على أعلى نسبة من الأصوات في جولة انتخابية ثانية، ولكن لم يسبق أن حدث ذلك في ناميبيا.
من المرشحون لمنصب الرئاسة؟
نائبة الرئيس نيتومبو ناندي-ندايتواه (72 عاما): هي أول امرأة مرشحة للرئاسة عن الحزب الحاكم، والمرشحة الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، ولكن المحللين يقولون إنها تواجه منافسة قوية، وإذا فازت ستصبح أول رئيسة لناميبيا.
كانت ناندي-ندايتواه أحد أفراد مجموعة من أعضاء حزب سوابو الذين كافحوا بنشاط لاستقلال البلاد في المنفى، وعادت من المملكة المتحدة لتنضم إلى البرلمان في 1990، ثم تولت عدة مناصب وزارية على مر السنين.
وقد عين الرئيس الراحل الحاج جينغوب، والذي توفي بالسرطان في فبراير/شباط، ناندي-ندايتواه نائبة لرئيس الوزراء واختارها خلفا له قبل وفاته.
ويقول محللون إنه على الرغم من تقلد حزب سوابو منصب الرئاسة، فإنه يواجه العديد من العقبات، فهناك استياء شعبي نظرا لعدم المساواة في السكن والتوظيف، ولا يؤمن الشباب، على وجه الخصوص، باستمرار سلطة الحزب.
ففي حين حصل جينغوب على أكثر من 80 في المئة من الأصوات في عام 2014، انخفضت حصته في عام 2019 إلى 56 في المئة، وبالمثل فقدت سوابو أغلبية الثلثين في البرلمان في 2019، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ عام 1994.
وقال هوبوود من معهد أبحاث السياسات العامة: ”إن جاذبية نضال التحرير تتلاشى بالنسبة لسوابو، لأن العديد من الشباب لا يتذكرون تلك الحقبة، أو أنهم ولدوا بعد ذلك"، وأضاف المحلل إن مدى تقبل الناخبين الذكور في ناميبيا لتولي امرأة لمنصب الرئيس غير معروف.
تُعد ناميبيا واحدة من أكثر البلدان الأفريقية مساواة بين الجنسين. وتشغل النساء نحو نصف مقاعد البرلمان، كما أن رئيسة الوزراء سارا كوغونجيلوا-أمادهيلا امرأة. ولكن رئيس الوزراء يختار بالتعيين، بينما ستكون هذه هي المرة الأولى التي ينتخب فيها الناخبون امرأة لمنصب قيادي.
ومع ذلك، قال هوبوود إن ناندي-ندايتواه، على عكس بعض نظرائها في سوابو، يُنظر إليها عمومًا بأنها ليست مسؤولة فاسدة.
وفي جلسة تصويت خاصة عقدت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني لنحو 16 ألفا و300 شخص، بمن فيهم أولئك الذين لا يستطيعون الإدلاء بأصواتهم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، تصدرت السياسية ناندي- ندايتواه القائمة وحصلت على 60 في المئة من الأصوات.
باندوليني إيتولا (67 عاما): كان إيتولا أحد قادة سوابو الشباب قبل نفيه إلى المملكة المتحدة في السبعينيات حيث درس وعمل طبيب أسنان لأكثر من 30 عاما، ثم عاد إلى ناميبيا في عام 2013.
وفي انتخابات 2019، هز إيتولا الساحة السياسية عندما خاض الانتخابات كمرشح مستقل ضد الرئيس الراحل جينغوب، مما أثار غضب قيادة سوابو، وتمكن إيتولا من الحصول على 29% من الأصوات، وبينما لم يكن ذلك كافيا لعرقلة ترشح الرئيس وقتها لولاية ثانية، إلا إنه كان أفضل مما حققه أي منافس ضد الحزب الحاكم.
ينتقد إيتولا حكومة سوابو بسبب ما يصفه بالفساد المتفشي وانعدام الكفاءة بشكل عام في ناميبيا، وطُرد من حزب سوابو في عام 2020.
والآن، عاد تحت قيادة حزبه "الوطنيون المستقلون من أجل التغيير"، ولا يزال يحظى بشعبية خاصة بين شباب ناميبيا.
وقد وعد إيتولا بتحقيق الازدهار الاقتصادي للشباب، ويريد تخفيض الضرائب على الشركات حتى تتمكن المزيد من الشركات الأجنبية من المجيء إلى البلاد.
وقال المحلل هوبوود إنه إذا أقبل الشباب على صناديق الاقتراع، فقد يهدد إيتولا فرص حزب سوابو، إذ إن السياسي يستقطب الشباب. وتقول لجنة الانتخابات الناميبية إن 91 في المئة من الناخبين المؤهلين قد سجلوا أسماءهم للتصويت، والعديد من الناخبين الجدد هم دون سن الـ30.
وقال هوبوود: "يواجه حزب سوابو تحديا خطيرا من الدكتور إيتولا، وسيشعرون بالقلق قبل التصويت".
ماكهنري فينانى (47 عاما): هو زعيم الحركة الديمقراطية الشعبية، أكبر أحزاب المعارضة في ناميبيا، وعلى الرغم من أن الحزب يشغل 16 مقعدا من أصل 96 مقعدا في البرلمان، وهو أكبر عدد من المقاعد بعد حزب سوابو، فإن فينانى لم يتمكن من الحصول سوى على 5% من الأصوات في انتخابات 2019 عندما ترشح للانتخابات الرئاسية.
برنادوس سوارتبوي (47 عاما): يقود حركة "الشعب بلا أرض" التي تناضل من أجل إعادة توزيع الأراضي على الناميبيين الذين سلب المستوطنون الألمان أراضيهم في القرن الـ20، وتشغل الحركة الشعبية بلا أرض 4 مقاعد في البرلمان، وفي عام 2019، فاز سوارتبوي، الذي كان ينتمي سابقا إلى حزب سوابو، بنسبة 3% من الأصوات.
جوب أموباندا (37 عاما): يقود الأستاذ الجامعي حركة "إعادة التموضع الإيجابي" التي بدأت كمجموعة مناصرة تركز على برامج استرداد الأراضي، ويدعو إلى اتباع نهج أكثر عدوانية، مثل الاستيلاء بالقوة على الأراضي التي يملكها الأجانب.
وينحدر العديد من ملاك الأراضي الغائبين من أصول ألمانية وجنوب أفريقية، ويعيشون بشكل دائم في جنوب أفريقيا أو ألمانيا أو بلدان أوروبية أخرى.
ما هي القضايا الرئيسية في الانتخابات؟
الاقتصاد وعدم المساواة: على الرغم من أن ناميبيا بلد متوسط الدخل وغني باليورانيوم والماس، فإن ثروات ناميبيا موزعة بشكل غير متساو، ويعود ذلك إلى إرث الفصل العنصري والاستعمار العنيف، وهي ثاني أكثر بلد من حيث عدم المساواة في العالم بعد جنوب أفريقيا.
كما أن مستويات الفقر مرتفعة، إذ يعيش أكثر من 64 في المئة من السكان بأقل من 5.50 دولارات أمريكية في اليوم وفقا للبنك الدولي. ويعاني غالبية السكان الناميبيين السود ومجموعات الأقليات العرقية بشكل خاص.
وفي الوقت نفسه، يدمر الجفاف الشديد إنتاج الغذاء في البلاد. وهو الأسوأ منذ قرن، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي. ويحتاج نحو 48 في المئة من السكان إلى مساعدات غذائية عاجلة، ويعاني 17 في المئة من الأطفال دون سن الخامسة من التقزم.
البطالة: نحو 43 في المئة من الشباب في ناميبيا عاطلون عن العمل، وهو أحد أعلى المعدلات في القارة، وفقًا للأرقام الرسمية الصادرة آخر مرة في عام 2016.
وقد تعهدت ناندي-ندايتواه بإنفاق حوالي 85 مليار دولار ناميبي (4.7 مليارات دولار أميركي) على مدى السنوات الخمس المقبلة لخلق أكثر من 500 ألف فرصة عمل، ولكن هناك تساؤلات حول كيفية الحصول على الأموال، كما يريد إيتولا تحرير الاقتصاد والسماح بدخول المزيد من الشركات الأجنبية.
الفساد: تُتهم حكومات سوابو جميعها بالفساد المتجذر، ولا تزال فضيحة السمك التي انتشرت في 2019 حاضرة في أذهان الشعب، ويُعتبر صيد الأسماك مربحا في ناميبيا ويمثل 20% من عائدات التصدير.
وقد تورط العديد من كبار المسؤولين الحكوميين في الفضيحة، بمن فيهم الرئيس الراحل جينغوب، بعد أن نشر موقع ويكيليكس ملفات تكشف كيف أدار المسؤولون مخططات للسيطرة على حصص صيد الأسماك القيمة قبل تحويلها إلى شركة آيسلندية مقابل رشاوى، وسُجن 6 أشخاص، من بينهم وزيران من سوابو.
وعلى الرغم من أن نائبة الرئيس ناندي-ندايتواه ليست متورطة، فإن سوابو تعرضت لانتقادات لسماحها لبعض أعضاء الحزب الذين لا يزالون قيد التحقيق بالمشاركة معهم بالحملة الانتخابية قبل الانتخابات، مثل أمين رابطة الشباب في سوابو إفرايم نيكونغو.
أزمة الإسكان وإصلاح الأراضي: تمتد مشكلة عدم المساواة إلى ملكية الأراضي والعقارات، وتحتاج ناميبيا بشكل طارئ إلى أكثر من نصف مليون منزل لحل مشكلة النقص الحاد في المساكن، لكن معظم السكان غير مؤهلين للحصول على قرض عقاري بسبب الفقر وارتفاع أسعار العقارات، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، ويعيش نحو نصف مليون شخص في أكواخ ووحدات سكنية غير رسمية في ويندهوك.
وقد وعدت الأحزاب اليسارية مثل حركة "إعادة التموضع الإيجابي" ببناء 300 ألف منزل على مدى 5 سنوات، وفي الوقت نفسه يقول حزب إيتولا إنه سيعلن حالة الطوارئ في مجال الإسكان.
ولم ينجح برنامج إصلاح الأراضي، الذي يهدف إلى إعادة شراء الأراضي من أصحاب المزارع ومعظمهم من البيض لإعادة توطين الناميبيين الأكثر فقرا، فالمزارعون يحجمون عن بيع الأراضي، أو يبيعونها بأسعار مبالغ فيها، مما يجعل من الصعب على الحكومة الحصول على أراض كافية لإعادة التوطين.
وقد اتخذت أحزاب مثل حزب "إعادة التموضع الإيجابي" ما يسميه المحللون "موقفا راديكاليا"، حيث وعدت باستصلاح نحو 1.4 مليون هكتار (3 ملايين و500 ألف) فدان من الأراضي من الأجانب وملاك الأراضي الغائبين، كما وعدت الحركة الشعبية الديمقراطية بتوفير أراض مجانية للشعب.
ماذا أيضا؟
ستُغلق صناديق الاقتراع يوم الأربعاء في الساعة 9:00 مساء بتوقيت وسط أفريقيا (19:00 بتوقيت غرينتش)
وقد تُعلن النتائج في اليوم التالي، 28 نوفمبر/تشرين الثاني.
ولكن، قد تستغرق النتائج بضعة أيام أخرى مع عودة اللجنة الانتخابية إلى استخدام أوراق الاقتراع، وقد أدت مشاكل في فرز الأصوات في انتخابات 2019 لاستبدال قارئات البطاقات الإلكترونية بالورق.
ويقول المحللون إنه من المرجح أن يكون تصويت يوم الأربعاء سلميا كما كانت الانتخابات في الماضي، ومع ذلك، يشعر بعض الخبراء بالقلق من أن يؤدي تأخر النتائج إلى مزاعم بالتزوير أو حتى العنف، كما حدث في موزمبيق.