ما مصير حركة النهضة بعد غلق مقراتها وحظر أنشطتها وتوقيف قياداتها؟

جانب من احتجاجات للمعارضة تطالب بإطلاق سراح السياسيين الموقوفين/العاصمة تونس/أبريل/نيسان 2023 (خاصة)
احتجاجات للمعارضة التونسية تطالب بإطلاق سراح السياسيين الموقوفين منذ القرارات الاستثنائية التي أعلنها قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021 (الجزيرة)

تونس- في حين تواصل السلطات التونسية إغلاق مقرات حركة النهضة وجبهة الخلاص المعارضة، يقول قياديون بالحركة والجبهة إن قرار الإغلاق يندرج ضمن سياسة التضييق على أنشطتهما السياسية تمهيدا لحظرهما، كما يقول خصومهما إن القرار يأتي في إطار المحاسبة وإقامة العدل والقانون.

ويوم 18 أبريل/نيسان الماضي، أغلقت السلطات مقرات حركة النهضة وجبهة الخلاص، وهما ائتلاف معارض بارز للرئيس قيس سعيد، ويضم النهضة وأحزابا ونشطاء، كما حُظرت الاجتماعات فيها بعد ساعات قليلة من توقيف زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.

وتم توقيف الغنوشي بمنزله وتفتيشه وإحضاره للاستجواب بأوامر من النائب العام، بسبب تصريحات أدلى بها في ندوة رمضانية نظمتها جبهة الخلاص. وقال الغنوشي خلال تلك الندوة المنعقدة في 15 أبريل/نيسان الماضي إن "تونس بلا نهضة أو إسلام سياسي ولا يسار ولا أي مكون آخر مشروع حرب أهلية".

تواصل التفتيش

ولا تزال أعمال التفتيش من قبل السلطات جارية إلى حد الآن بمقر حركة النهضة المركزي ومقراته في أنحاء البلاد، حسب ما أكدته المحامية والقيادية بالحركة زينب براهمي.

وفي حديثها للجزيرة نت، قالت براهمي إن السلطات حجزت وثائق إدارية تهم الحزب، رغم أن غلق وتفتيش المقرات لم يصدر بها قرار واضح، معتبرة أن مقرات الحركة أصبحت مستباحة، وأن كل ما يجري للحركة يأتي في إطار التضييق على أنشطتها السياسية، حسب وصفها.

وحكم على الغنوشي غيابيا في 15 مايو/أيار الجاري بالسجن عاما واحدا، إضافة إلى دفع غرامة مالية، وذلك بتهمة نعته الأمنيين "بالطاغوت" خلال جنازة قيادي بالحركة. لكن هيئة الدفاع عن الغنوشي استأنفت أمس الخميس الحكم، الذي أدانته حركة النهضة وقالت -في بيان لها- إن الغنوشي "معتقل لتعبيره عن رأيه على خلفية تصريح مزوّر".

وتقول المحامية زينب براهمي إنه لا يمكن التنبؤ بما ستنتهي إليه الأمور، غير أنها تمسكت بممارسة حزبها أنشطته طبقا للقانون، مؤكدة أنه سيواصل نشاطه بالطرق السلمية في إطار القانون من دون اللجوء إلى السرية.

تواصل التحركات

من جهته، يقول زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي إن السلطات لا تكتفي فقط بغلق مقر الجبهة المركزي، وإنما بمحاصرة جميع أنشطتها في المناطق الداخلية والتضييق عليها، مشيرا إلى أن بعض الولاة يرفضون حتى تسلم إعلام من قبل مسؤولين بالجبهة للقيام بأنشطة أو اجتماعات عامة.

لكن الشابي أكد أن الاجتماعات العامة والتظاهر السلمي مكسب تحقق بعد الثورة وستستمر الجبهة في ممارسته في تحركاتها، مقدرا بأن تصطدم قرارات السلطة بغلق ومنع أنشطة الجبهة بإرادة النشطاء، الذين جربوا سنوات الجمر في حقبة الاستبداد ولم يخضعوا لقمع السلطة ولم يستسلموا لإرادة الحاكم، حسب ما جاء على لسانه.

وفي حديثه للجزيرة، أضاف الشابي أن السلطة تراكم العديد من الأخطاء التي أثارت ضدها قطاعات متزايدة من الرأي العام، مؤكدا أنه رغم أن المعارضة دفعت تضحياتها باعتقال قياديين فيها في السجون فإن "القمع يضعف السلطة التي لن تعيد عقارب الساعة للوراء"، حسب تعبيره.

وألقت السلطات التونسية هذا العام القبض على شخصيات سياسية بارزة تتهم الرئيس قيس سعيد بالانقلاب على الشرعية في 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ إعلانه الإجراءات الاستثنائية وما صاحبها من إغلاق البرلمان وحل المجلس الأعلى للقضاء، وتغيير نظام الحكم من برلماني لرئاسي بعد كتابة دستور جديد.

جرائم سياسية

من جهة أخرى، يقول محسن النابتي القيادي بحزب التيار الشعبي -أحد الأحزاب المؤيدة للإجراءات التي اتخذها الرئيس- إن العناصر الموقوفة من حركة النهضة "تسعى للعب دور الضحية للتنصل من المحاسبة"، مؤكدا أنه لا يوجد تضييق على الحريات السياسية، وأن تلك التوقيفات ليست جماعية، وإنما شملت عناصر محددة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف النابتي أنه رغم حظر نشاط حركة النهضة قانونيا، فإن عناصرها ما يزالون ينشطون ويعقدون المؤتمرات الصحفية بكل حرية، مشيرا إلى أن قرار غلق مقرات الحركة ومنع أنشطتها "يندرج في إطار أعمال قضائية للتحقيق في جملة من الجرائم السياسية التي تلاحق قيادات تعد على أصابع اليد الواحدة".

ورأى أن ما يحصل لا علاقة له بأي استئصال، وإنما يدخل في باب المحاسبة وإقامة العدل والقانون، موضحا أن حركة النهضة التي كانت لاعبا رئيسيا في الحكم منذ 2011 تلاحقها اتهامات أمام القضاء بالاغتيالات السياسية والإرهاب واختراق أجهزة الدولة، "لكن القضاء في فترة حكمها تغاضى عن محاسبتها"، وفق وصفه.

وكانت حركة النهضة رفضت مثل هذه الاتهامات، مشيرة إلى أنها صادرة عن أطراف تسعى للتضليل لتصفية حسابات أيديولوجية.

المصدر : الجزيرة

إعلان