اليمن.. ما الذي يعنيه سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا على شبوة؟

إشتباكات بين عناصر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً في شبوة
قوات المجلس الانتقالي سيطرت على شبوة بعد معارك عنيفة مع القوات الحكومية (الجزيرة)

الجزيرة نت- بدت المعارك الأخيرة التي حسم فيها المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا سيطرته على محافظة شبوة، جنوبي شرق اليمن، معركة مؤجلة منذ أغسطس/آب 2019 بعد أن انسحب من المدينة أمام القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا.

لكن، بعد 3 سنوات لم يتغير المشهد العسكري على الأرض كثيرًا، فالقوات الحكومية ما تزال تحت إمرة قائد قوات الأمن الخاصة العميد عبد ربه لعكب وقادة موالين له، بينما عادت قوات النخبة الشبوانية التابعة للمجلس الانتقالي تحت اسم قوات دفاع شبوة.

أما المشهد السياسي فكان مختلفًا تمامًا، إذ أُقيل المحافظ المناوئ للمجلس الانتقالي والإمارات محمد صالح بن عديو وعُيِّن في محله عوض بن الوزير العولقي، ويقف على هرم السلطة مجلس رئاسي يقوده رشاد العليمي بدلًا عن الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.

وظهرت القوات الحكومية مكشوفة تمامًا، بعد أن وصفها المحافظ -المتهم بموالاة الإمارات- بـ"المتمردة"؛ بينما سرّع انضمام قوات العمالقة لقوات دفاع شبوة والهجمات الجوية المنسوبة للطيران الإماراتي، من هزيمتها.

ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة ستعمّق الانقسام بين مجلس القيادة الرئاسي الذي يقود التحالف المناهض لجماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من محافظات البلاد منذ سبتمبر/أيلول 2014.

كيف بدأت الأحداث في عتق؟

إعلان

توتر الوضع في المدينة، إثر كمين نصبته قوات دفاع شبوة، لموكب العميد عبد ربه لعكب في 19 يوليو/تموز الماضي، لكن الأخير نجا، ورغم تشكيل لجنة تحقيق فإن المجلس الرئاسي أقال لعكب من منصبه وقادة آخرين قبل صدور نتائج اللجنة.

رفض لعكب، الذي يحظى بنفوذ بين رجال القبائل والمجتمع المحلي، قرار إقالته، لتفرض قوات دفاع شبوة والعمالقة، الأحد الماضي، حصارًا على منزله وفقًا لأوامر المحافظ، الأمر الذي صعّد من حالة الاحتقان في المدينة، حسبما قال مصدران، للجزيرة نت.

لكن الموقف انفجر مع مقتل قائد قوات التدخل السريع في محور عتق الرائد لشقم الباراسي على يد قوات المجلس الانتقالي في دوار الثقافة عند الساعة الثانية من فجر الثلاثاء الماضي، لتشهد المدينة أشد المعارك منذ 2015، حين انسحب الحوثيون منها.

ووفق المصدرين، فإن المعارك التي دارت ليومين شاركت فيها الدبابات والمدفعية الثقيلة، وتركزت في مستشفى الهيئة ومنزل المحافظ ومبنى السلطة المحلية والمطار، وخلال اليوم الأول لم يحقق أي طرف تقدمًا على الأرض، لكن قوات الأمن الخاصة والموالية لها شنت هجومًا في اليوم الثاني وسيطرت على معظم المعسكرات والمواقع.

وأوشكت قوات الأمن الخاصة على أن تحكم سيطرتها على المطار، وهو آخر موقع عسكري لقوات الانتقالي، عند الساعة الخامسة من فجر يوم الأربعاء، قبل أن تبدأ هجمات جوية.

ما عوامل النصر للمجلس الانتقالي للسيطرة على المحافظة؟

إعلان

وفق المصدرين فإن المقاتلات التي يُعتقد أنها إماراتية شنت لنحو 4 ساعات غارات مكثفة غيرت بها الموازين على الأرض، لتنسحب قوات الأمن الخاصة.

وقال أحد المصادر، مفضلا عدم الكشف عن هويته لاعتبارات أمنية، "لولا تدخل الطيران المسيّر الإماراتي لكان الواقع مختلفا، ورأينا أن ننسحب ونقلل خسائرنا".

وأضاف أن موقف المجلس الرئاسي ضد قوات الأمن الخاصة ووقوفه مع المحافظ، وما يصفه بالضوء الأخضر من التحالف بقيادة السعودية، عوامل تسببت في الهزيمة.

في السياق ذاته، قال وزير الدفاع في الحكومة اليمنية اللواء محسن الداعري الذي يترأس لجنة عسكرية وأمنية لتقصي الحقائق، أمس الخميس، إن العملية العسكرية كان لا بد منها لمن يتمرد على القرارات، في إشارة إلى قائد قوات الأمن الخاصة والقوات الموالية له.

هل وقف رئيس المجلس الرئاسي مع الانتقالي؟

ظهر موقف وزير الدفاع انعكاسًا لموقف رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي الذي بدا داعمًا للمحافظ عوض بن الوزير العولقي والقوات الموالية له، وقال "كما رأت السلطة المحلية بقيادة المحافظ، كان للأمر أن يكون، بطريقة أو بأخرى، لتحقيق الأمن والاستقرار".

وصنف معارضون للانتقالي قرار رئيس المجلس بإقالة لعكب والموالين له اصطفافًا للقوات التابعة للمجلس الانتقالي.

وأثار هذا الموقف غضب عضو مجلس قيادة المجلس الرئاسي عبد الله العليمي، ووفق مصادر متطابقة تحدثت للجزيرة نت، فإن العليمي قدم استقالته من عضوية المجلس الرئاسي احتجاجًا على موقف رئيس المجلس، غير أن الأخير رفض الاستقالة.

وقال محافظ شبوة السابق محمد صالح بن عديو، في بيان له، إن ما حدث جريمة تضع مجلس القيادة الرئاسي على المحك في اتخاذ مواقف تناسب جسامة الحدث وينزع عنهما اﻷهلية عند التقصير والخذلان في أن يكونوا مؤتمنين على مصالح الشعب اليمني.

من الخاسر الأكبر في شبوة؟

إعلان

مثلت النتيجة انتكاسة كبيرة لحزب الإصلاح، الذي لم يعد قويا في المحافظة منذ إقالة المحافظ بن عديو، في الوقت الذي ينسب المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا القوات المنهزمة موالاتها لحزب الإصلاح.

وعلى الفور، طالب الحزب في بيان صدر الليلة الماضية، مجلس القيادة الرئاسي بإقالة محافظ شبوة الحالي الذي حمّله مسؤولية الهجوم على مؤسسات الجيش والأمن، مهددًا بالانسحاب من السلطة.

وقال "نحمل محافظ المحافظة عوض العولقي كامل المسؤولية، حيث رفض كافة الجهود السياسية والاجتماعية والقبلية في احتواء الفتنة وقاد عمليات التحريض والاقتتال بمعية العناصر الخارجة عن القانون وباستخدام أسلحة الإبادة الجماعية بما فيها الطيران المسيّر ضد أبناء شبوة ومكوناتها ومنتسبي الجيش والأمن، إمعانا وتنفيذا لأجندات غير وطنية بهدف الاجتثاث والإقصاء".

وقال محافظ شبوة السابق، إن ما حدث هو سلوك مليشياوي، جرى تحت الغطاء الجوي الإماراتي، تسبب في إهانة رمزية الدولة.

غير أن وزير الدفاع حاول تخفيف حجم الخسائر، وقال إن ما جرى قد جرى، والخاسر الأكبر هو جميع اليمنيين، وأي انقسام في التحالف المناهض للحوثيين يصب في صالح الجماعة.

هل تمهد الأحداث لانفصال جنوب اليمن عن شماله؟

يقول الوزير إن الحديث عن سيطرة المجلس الانتقالي على المحافظة قد يمهد لانفصال جنوب اليمن عن شماله تقديرات غير صحيحة، و"شبوة لا تفصل اليمن ولا توحده".

لكن عبد الرحيم العولقي مستشار وزير الداخلية السابق يقول للجزيرة نت، إن ما حدث هو مؤامرة تقودها الإمارات ضد اليمن للسيطرة على جنوب البلاد والثروات النفطية عبر المجلس الانتقالي وقوات العمالقة التابعة لها.

إعلان

وأوضح أن مسألة انفصال جنوب اليمن عن شماله هو مشروع يسعى له المجلس الانتقالي الجنوبي ضمن خطة تدعمها الإمارات التي تسيطر على قرار التحالف بقيادة السعودية في اليمن.

لكن الباحثة في مركز صنعاء للدراسات (يمني غير حكومي) ميساء شجاع الدين، تستبعد انفصال اليمن، وتقول للجزيرة نت "الانفصال صعب، لأن القوانين الدولية عادة تصممها الدول الغربية، وبالتالي كلها ستواجه مطالب انفصالية، لذا صار القانون الدولي محصّنا، ومن الصعوبة أن تجد فيه تشريعات تسهّل تقسيم الدول، في الوقت الذي تؤكد كل القرارات الدولية على وحدة اليمن".

وتضيف ميساء شجاع الدين أن المواجهات في شبوة تتعلق بعملية إضعاف للكل، وألا يكون هناك مكون قوي في اليمن.

المصدر : الجزيرة

إعلان