تحديات عدة ومطالبة بالحوار.. أزمات تلاحق نقابة الصحفيين في مصر
القاهرة – أزمات عدة تتعرض لها نقابة الصحفيين المصريين وفق بيانات نقابية وتوثيق حقوقي، وذلك بالتزامن مع دعوة للحوار الوطني في البلاد مطلع يوليو/تموز المقبل الذي يتولى مهمة المنسق العام له نقيب الصحفيين ضياء رشوان، مما جدد الحراك النقابي للمطالبة بحوار داخلي يتصدره الإفراج عن الصحفيين المحبوسين وتحسين الظروف الاقتصادية لأبناء المهنة.
ولا تزال السلطات المصرية تنفي وجود صحفيين محبوسين على خلفية قضايا نشر، لكن آخر إحصائية غير رسمية نشرها المرصد العربي لحرية الإعلام كشفت عن وجود أكثر من 55 صحفيا وصحفية قيد الحبس الاحتياطي وقضاء فترة محكوميتهم، من بينهم 4 صحفيين في قناة الجزيرة مباشر وهم ربيع الشيخ، وبهاء نعمة الله، وهشام عبد العزيز، وأحمد النجدي، إلى جانب إصدار حكم نهائي نهاية مايو/أيار الماضي بسجن المذيع في قناة الجزيرة مباشر أحمد طه لمدة 15 عاما.
وبحسب مصدر نقابي مطلع تحدث لمراسل الجزيرة نت، فإن نقيب الصحفيين ضياء رشوان يسير على الجمر، في محاولة للحفاظ على مسافة متوازنة بين الحكومة ومعارضيها داخل وخارج النقابة، وبحيث لا يخسر هؤلاء ولا أولئك، في انتظار أي انفراجة بقرار سيادي تسمح له بالتحرك والحصول على بعض مطالب الصحفيين تخفيفا للاحتقان الذي يرصده نقابيا.
أزمات عدة
وبينما يحاول صحفيون تقصي الحقائق حول انتحار زميلهم مدير تحرير جريدة الأهرام الحكومية عماد الفقي في مقر صحيفته نهاية أبريل/نيسان الماضي فوجئوا قبل أيام بسرقة مبلغ مالي كبير من النقابة، واتهم البعض عضو نقابة مقيدا حديثا بذلك نتيجة لعوزه، وفق شهادات لصحفيين متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دعاهم إلى مزيد من القلق بشأن الأوضاع الاقتصادية للصحفيين.
وفي هذا السياق، يرى مدير المرصد العربي لحرية الإعلام قطب العربي أن الأزمات عميقة ومتجذرة في نقابة الصحفيين، إذ تبدأ من استمرار الحبس خارج إطار القانون وعدم قدرة النقابة على معالجة الملف جذريا، والاكتفاء بمسكنات دون قرار حاسم بعدم الحبس في قضايا النشر طبقا للقانون والدستور.
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف قطب العربي الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للإعلام بمصر أن غياب الحرية والاستقلال الكاملين واستمرار إغلاق الصحف وتردي الأوضاع المالية للمؤسسات الصحفية والصحفيين والتعسف الإداري كل ذلك أدى إلى وجود شلل كامل لنقابة الصحفيين ومظالم كثيرة تهدد الصحفيين في أقواتهم بل وحياتهم، وليس أدل على ذلك من واقعة انتحار مدير تحرير جريدة الأهرام الصحفي عماد الفقي داخل مؤسسته، وفق رأيه.
ويوضح العربي أن الحوار الداخلي بين الصحفيين في مقر نقابتهم بات من الأهمية بمكان قبل أي حوار خارجي، على أن يدور حول استعادة مكانة الصحافة المصرية عبر تفعيل النصوص الدستورية الخاصة بالصحافة والتي تضمن حريتها واستقلالها التام، كما تمنع الحبس في قضايا النشر أو إغلاق الصحف والقنوات كما ينص على ذلك الدستور، وأيضا النصوص المتعلقة بالهيئات الإعلامية مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.
ويشير إلى أنه من المهم أيضا أن تتم مناقشة الأوضاع المالية للصحفيين في ظل الغلاء المتصاعد والأزمات المالية للمؤسسات الصحفية والمديونيات المتراكمة عليها، موضحا أن مصر تراجعت إلى المركز 168 عالميا في مؤشر حرية الصحافة للعام الجاري، خاصة أنها ثالث دولة عالميا في حبس الصحفيين، حسب قوله.
حرية الصحافة
بدوره، يرى نقيب الصحفيين السابق والقيادي في "تيار الاستقلال النقابي" يحيى قلاش أن دعوة الحوار داخل نقابة الصحفيين يجب أن تتم قبل المشاركة في الحوار الوطني، وذلك من خلال جلسات استماع تحدد الأولويات والرؤى، على أن يكون التركيز الأكبر خلال النقاش على القضايا التي ترتبط بحرية الصحافة وبدورها في المجتمع وبتفعيل نصوص الصحافة في الدستور.
وفي بيان عبر صفحته بالفيسبوك دعا الصحفيين للتوقيع عليه، أكد نقيب الصحفيين السابق أن تهيئة الأجواء المناسبة لنجاح الحوار تستلزم بالضرورة إطلاق سراح كل الصحفيين المحبوسين في قضايا النشر والرأي، والإفراج عن سجناء الرأي الذين لم يتورطوا في ممارسة العنف أو التحريض عليه، وإطلاق حرية النقد والتعبير، ووقف الحبس الاحتياطي المطول والقبض على المواطنين بسبب التعبير عن آرائهم.
وشدد قلاش على أهمية إلغاء الحجب عن المواقع الإلكترونية، وتحرير الصحافة من الحصار المفروض عليها لتكون لسان حال المواطنين، مؤكدا أهمية إدراك أن الصحافة جزء من قوة مصر وتأثيرها، وأن حريتها بمثابة قرار بتمكين محارب من النصر في أي معركة لصالح هذا الوطن.
3 محاور
من جانبه، حدد نقيب الصحفيين المصريين ضياء رشوان الأبعاد الرئيسية لحل الأزمات التي تكتنف الصحافة، والتي يتقدمها البعد التشريعي.
ووفق بيان عبر صفحته بالفيسبوك، يرى رشوان أن هناك 3 محاور لأي حوار داخلي بشأن أولويات الصحافة، وهي المحور التشريعي ويشمل كل ما ينبغي تعديله أو إضافته أو حذفه في القوانين واللوائح ذات الصلة بالصحافة، مؤسسات وممارسة مهنية ونقابة.
أما الثاني فهو محور الممارسة المهنية، ويشمل كل ما هو ضروري لإتاحة ممارسة مهنية جادة وحرة وقادرة على أداء رسالة الصحافة السامية تجاه المجتمع، إلى جانب محور الأوضاع العملية والنقابية والمادية والمهنية الواجب توافرها تشريعيا أو تنفيذيا، لتسهيل عمل الصحفيين وتوفير شروط عمل تناسب مهنتهم وظروفهم بصورة مستقرة.
وفي السياق نفسه، يعتبر الأمين العام المساعد في مجلس نقابة الصحفيين حماد الرمحي وصول نقيب الصحفيين إلى منصب المنسق العام للحوار الوطني مكسبا للنقابة، وفرصة ذهبية للصحفيين والمعارضة المصرية، وفق منشور على صفحته بالفيسبوك.
رصد المرصد العربي لحرية الإعلام 38 انتهاكاً للحريات الصحافية خلال شهر واحد مؤكداً أن 66 إعلامياً لازالوا في السجون .
⬇️ pic.twitter.com/p4GdLSoyQ2— البوسطجي (@PoostEgy) June 13, 2022
عقبات كثيرة
ووفق آخر توثيق أجراه المرصد العربي لحرية الإعلام (جهة مستقلة) عن شهر مايو/أيار الماضي، فإن من أبرز الصحفيين الموقوفين، هم: رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق عبد الناصر سلامة، ومدير مكتب قناة الأقصى السابق بالقاهرة أحمد سبيع، والمدير السابق لمكتب وكالة الأناضول في القاهرة توفيق غانم، ورئيس تحرير جريدة آفاق عربية السابق بدر محمد بدر، والنقابي البارز هشام فؤاد، والباحث الصحفي إسماعيل الإسكندراني.
ورصد التوثيق الإعلان عن أكبر قضية نشر خلال العام الحالي، والتي ضمت 17 إعلاميا وموظفا، من بينهم إعلاميون في القنوات الفضائية المعارضة بالخارج، مثل حمزة زوبع وسيد توكل وحسام الشوربجي من قناة مكملين، وعماد البحيرى من قناة الشرق، والذين أحالتهم النيابة العامة إلى محكمة الجنايات بتهمة نشر أخبار كاذبة بشأن تفشي فيروس كورونا.
وفي الإطار نفسه، وثق المرصد المصري للصحافة والإعلام (جهة مستقلة) خلال حملة للتدوين بمناسبة يوم الصحفي المصري العديد من مطالب الصحفيين التي تكشف القيود على الصحافة ونقابة الصحفيين.
ويحتفل الصحفيون المصريون كل عام في يوم 10 يونيو/حزيران بإسقاط القانون رقم 93 لسنة 1995 الذي يعرف بقانون "اغتيال الصحافة"، وكان أبرز سماته تغليظ العقوبات والجزاءات وإباحة الحبس الاحتياطي في قضايا النشر.
وأكد المرصد أن الصحافة المصرية لا تزال تتعرض لقيود شديدة على حرية الصحافة، مع استمرار حجب المواقع الإلكترونية وإخفاء البيانات والمعلومات عن الجمهور، والقبض على عدد من الصحفيين بتهم فضفاضة كإشاعة أخبار كاذبة.
واعتبر المرصد الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين من أخطر الانتهاكات التي يتعرضون لها، حيث وثق 17 حالة فصل تعسفي بالإضافة إلى 9 حالات حجب حقوق مادية خلال عام 2021، بالإضافة إلى 22 حالة فصل تعسفي، وحجب حقوق مادية خلال الربع الأول من العام الحالي.