على أعتاب مرحلة جديدة.. ليبيا تبحث عن أهداف الثورة في ذكراها الـ11
يقول عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة "جون هوبكنز" الأميركية حافظ الغويل إن الأهداف النبيلة التي تحمس لها اللبيبون في ثورة 17 فبراير/شباط تعثرت وفشلت في ظل طرح البعض طموحات مستحيلة للشعب، من أجل استمرار الفوضى والتناحر والنهب.
طرابلس– تحيي ليبيا ذكرى مرور 11 عاما على ثورة 17 فبراير/شباط 2011، في ظل تخوّف من المرحلة السياسية القادمة، وجدل حول الاحتفال، خاصة بعد ظهور نجل القذافي، سيف الإسلام، كلاعب جديد في الساحة الليبية.
لكن ذكرى الثورة تحلّ مع اتفاق مجلسي النواب والدولة في خريطة الطريق على مستقبل المرحلة السياسية القادمة للخروج بحكومة واحدة، والاتفاق على المسارين الدستوري والانتخابي؛ هو توافق تاريخي نادر يُبشر بتفاهم أكبر بين الأطراف الليبية رغم اعتراض أعضاء بالمجلسين على بعض تفاصيل خريطة الطريق.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsباشاغا وصالح وحفتر.. كيف يعيد تحالف أعداء الأمس رسم مستقبل ليبيا؟
لوبوان: برلمانان وحكومتان.. فهل نشهد قريبا دولتين في ليبيا؟
ليبيا.. كابوس الأفارقة الحالمين بالهجرة إلى أوروبا
ويطمح الليبيون في ذكرى الثورة كل عام إلى تحقيق أهدافها التي خرج لأجلها الشعب في المدن الليبية في مواجهة نظام معمر القذافي، وفي مرحلة رآها البعض نموذجا سطّره الليبيون في التلاحم والتضامن من مدن الشرق إلى الغرب والجنوب.
وينقسم الليبيون في كل عام في هذه الذكرى بين مؤيدين يصفونها بـ"الثورة" انشطروا في ما بعد بين متمسك بمدنية الدولة ومنحاز يسعى إلى إعادة حكم الفرد العسكري من جديد، وآخرين يخالفونهم تماما ويعدّون الثورة "فوضى" حلّت بليبيا وتسبّبت في شرخ آثاره باقية إلى الآن.
ومرّت ليبيا بمراحل متبانية بينها سنوات نزاع واقتتال وهدوء واستقرار نسبي، جعلتها حتى الآن تحت المتابعة الدولية من الأمم المتحدة ومنظماتها وعرضة للتدخلات الخارجية على أراضيها.
لا رجوع إلى الوراء
في المناسبة، يقول عضو المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز إن ليبيا تخلصت من أعتى دكتاتور في التاريخ كان همّه الوحيد صناعة مجده الخاص به وبعائلته ورفاقه، بعيدا عن حالة ليبيا التي تعاني منذ سنوات طويلة.
وأضاف دبرز للجزيرة نت "الثورة ما زالت تتلمّس طريقها إلى الديمقراطية وبناء دولة مدنية ذات مؤسسات قوية، ومواصلة التبادل السلمي للسلطة، والسعي إلى دستور يحترمه الجميع، وإبعاد شبح التدخلات الخارجية السلبية عن البلاد".
واستبعد دبرز رجوع ليبيا إلى المربع الأول من الفوضى والاقتتال والحرب، خاصة بعد ما وصفه بـ"التوافق النسبي" بين مجلسي النواب والدولة، وفشل الحلول العسكرية للسيطرة على ليبيا بالقوة، مشيرا إلى أن التقارب بين المجلسين فرضته الظروف بعد تعطّل الاستحقاقات الانتخابية.
وأوضح دبرز أن ليبيا لن تعود إلى ما قبل عام 2011، لأن الظروف تغيّرت بعد أن اختار معمر القذافي قمع المظاهرات وعدم الاستماع إلى مطالب الليبيين البسيطة المتمثلة في الحرية والعدالة والمساواة والمشاركة السياسية وإعادة بناء الدولة بجميع أركانها.
أهداف تعثرت
من ناحيته، أكد عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة "جون هوبكنز" الأميركية، حافظ الغويل، أن الأهداف النبيلة التي تحمس لها اللبيبون في ثورة الـ17 من فبراير/شباط تعثّرت وفشلت في ظل طرح البعض طموحات مستحيلة للشعب من أجل استمرار الفوضى والتناحر والنهب.
وتابع الغويل "يجب إدخال أنصار النظام السابق في أي عملية سياسية مستقبلية، لأن الأطراف المتنازعة لا تستطيع بناء دولة عند إقصاء جزء واسع من الشعب لإخراجه من المشهد بسبب أنهم مناصرون للقذافي".
ورأى الغويل، في تصريحه للجزيرة نت، أن إقصاء مؤيدي معمر القذافي والسعي لإخراج عائلته المتمثلة الآن في سيف الإسلام وحرمانه من الرجوع إلى السلطة ما هو إلا محاولة لإعادة الانقسام بين المجتمع الليبي ونسف خطوات المصالحة الوطنية.
وبرأي الغويل، فإن التوافق بين مجلسي النواب والدولة "وقتي انتهازي" من أجل ضمان البقاء أطول مدة ممكنة؛ حيث يضمن الاتفاق بين المجلسين الخروج من ضغط المجتمع الدولي الذي كان يسيطر من خلال التفاهمات بين الأطراف المتنازعة.
وأشار الغويل إلى أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح استطاع أن يرجع إلى المشهد بقوة جديدة من دون أي التزامات دولية مع أحد، إلا مع الدول المتحالفة معه، فضلا عن الاستحواذ على مهام المجلس الرئاسي الذي كان أعلى سلطة في البلاد.
احتفال رغم التهميش
ورأى المحلل السياسي من جنوب ليبيا موسى تيهوساي أن الثورة لدى سكان الجنوب ما زالت حية واضحة رغم دفع هذه المناطق فاتورة باهظة في الحروب، والتهميش، وضعف سيطرة الدولة على الحدود.
وأردف تيهوساي قائلا للجزيرة نت "بلا شك أن من يكرهون الثورة ولم يشاركوا فيها استعادوا جزءا كبيرا من حاضنتهم في المنطقة، واستطاعوا استغلال حالة نسيان الحكومات المتعاقبة للجنوب لبث الكراهية لثورة فبراير/شباط، وتسويق أنها أتت بالفوضى وإغراق البلاد بالدماء".
وباعتقاد المحلل، فإن نظام القذافي لا يختلف كثيرا عن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة؛ فالكل يشترك في طريقة التعامل مع الجنوب، والدليل على ذلك مستوى الخدمات السيئ وضعف المؤسسات والبنية التحتية ومشروعات التنمية في المنطقة الجنوبية التي تزخر بثروات هائلة بما في ذلك النفط الذي يشكل 70% من إنتاج ليبيا.
وأوضح تيهوساي أن إمكانية عودة سيف القذافي إلى الحكم مجددا لخلافة والده هو أمر بعيد الاحتمال، إلا بحصوله على دعم خارجي واضح من روسيا تحديدا، "وهو ما تسعى إليه موسكو منذ مدة عبر استخدام مرتزقة فاغنر الذين قد يضعون روسيا ضمن معادلة جديدة في ليبيا إذا تفاقم الوضع السياسي".