هل يهدد الخلاف بين مجلسي النواب والدولة مستقبل الحل السياسي في ليبيا؟
طرابلس – أثار تصويت مجلس النواب على استبعاد المجلس الأعلى للدولة من المشاركة في تزكية رئيس الحكومة الجديدة، الجدل مجددا بشأن مستقبل العملية السياسية، رغم تأكيد استمرار التشاور بين المجلسين.
وقد يعيد القرار البرلماني الاختلاف من جديد بين مجلسي النواب والدولة، اللذين يتنافسان على أحقية كل منهما في اختيار السلطة التنفيذية الجديدة بعد تعثر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ولم يرد مجلس الدولة رسميا على قرار مجلس النواب، لكن مصادر خاصة قالت لمراسل الجزيرة في ليبيا إن هناك تواصلا بين رئاستي مجلس النواب والدولة لحل هذا الاختلاف لتشكيل حكومة جديدة بالتشاور والاتفاق على المناصب السيادية.
وأكد المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق في ختام الجلسة أمس الثلاثاء على استمرار التشاور مع مجلس الدولة وفقا للاتفاق السياسي لتحقيق توافق سياسي، خاصة فيما يتصل بخارطة الطريق بمساراتها المختلفة: الدستوري والسياسي والأمني والتنفيذي وملف المناصب السيادية.
وقد اتفق غالبية أعضاء مجلس النواب في الجلسة على استبدال السلطة التنفيذية الحالية، وانفراد المجلس بالتشكيلة الوزارية الجديدة، ورفض مشاركة المجلس الأعلى للدولة فيها، لكنهم اختلفوا على مدة ولاية الحكومة الجديدة وبرنامج عملها.
وأقر مجلس النواب 13 شرطا في خارطة الطريق للترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، من بينها حصول رئيس الوزراء الجديد على تزكية 25 عضوا من مجلس النواب، و15 عضوا من مجلس الدولة، وألا يكون الرئيس الجديد حاملا لجنسية دولة أخرى، إضافة إلى تقديمه تعهدا مكتوبا بعدم ترشحه للانتخابات القادمة، وأن يقدم استقالته قبل الترشح.
لم يعد شريكا
وقال عضو مجلس النواب محمد العباني إن استبعاد مجلس الدولة، الذي لم يعد شريكا في العملية السياسية، الغرض منه أن يتمكن البرلمان من إنجاز الاستحقاقات المكلف بها دون عرقلة من أحد بشأن مسارات خارطة الطريق.
وأكد العباني في تصريحه للجزيرة نت، أن فتح باب الترشح وقبول المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة سيبدأ منذ الجلسة القادمة لمجلس النواب.
وأفاد العباني بأن مجلس النواب وضع شروطا واضحة للترشح، ومن تنطبق عليه هذه الشروط بإمكانه التقدم لمجلس النواب، الذي سيجري المفاضلة بين المتقدمين لتكليف أفضلهم بتشكيل الحكومة القادمة.
تصرفات لم تتغير
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة فتح الله السريري أن تصرفات مجلس النواب لم تتغير، متخذا خطوات انفرادية بطرح تغيير الحكومة دون التوافق على خطة طريق متكاملة محددة الملامح والمدد.
وأضاف رئيس اللجنة القانونية بمجلس الدولة "لا وجود لآلية لاختيار على حكومة جديدة ولا خارطة طريق، مع العلم أن السلطة التنفيذية جاءت ضمن قائمة مغلقة رباعية لا تتجزأ".
وصرح السريري للجزيرة نت بأن "لمجلس النواب سحب الثقة من وزراء الحكومة دون رئيسها، أو إعادة تشكيل السلطة التنفيذية كاملة".
وأشار السريري إلى أن مجلس النواب إذا لم يلتزم ببنود الاتفاق السياسي -الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة الانتقالية- فلن يكون هناك تشاور حقيقي، وستبقى العملية السياسية في عالم المجهول وتمدد المراحل الانتقالية بعد إجهاض العملية الانتخابية.
استبعاد لا يملكه
وأكد عضو المجلس الأعلى للدولة بالقاسم دبرز أن مجلس النواب لا يملك استبعاد مجلس الدولة، وأنه ليس من اختصاصه ومهامه التفرد بالقرار السياسي في البلاد باعتبار أن الوثيقة الحاكمة للمرحلة الحالية هي الاتفاق السياسي.
وقال دبرز للجزيرة نت "يجب معالجة جميع المسارات بشكل متواز بالتوافق بين اللجان المختصة المنصوص عليها بين مجلسي النواب والدولة، ولن يمر شيء دون التوافق عليه، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة".
وأوضح دبرز أن من المهم التركيز على المسار الدستوري لتنظيم انتخابات، وإشراك جميع الجهات المختصة وهيئة الدستور من أجل طرح الدستور للاستفتاء عليه كي ينظم الحياة السياسية والخروج من الأزمة الحالية.
تفويت فرصة تاريخية
ويرى المحلل السياسي موسى تيهوساي أن استبعاد مجلس النواب من تزكية الحكومة الجديدة يخل بشريكه السياسي مجلس الدولة في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بدل حكومة الوحدة الوطنية.
وأضاف تيهوساي للجزيرة نت "مجلس النواب فوّت على نفسه فرصة تاريخية بالاتفاق مع مجلس الدولة لأول مرة لتشكيل حكومة جديدة بالتوافق بينهما، وإذا ما حدث هذا الاتفاق سيعزز فرص التهدئة والحوار والوصول إلى حل لمختلف الخلافات بين الأطراف الليبية".
واستبعد تيهوساي إعادة ليبيا إلى مربع الصفر بعد تشكيل حكومة جديدة، مؤكدا أن حالة الاصطفاف السياسي الحاد قد تضيع آمال الليبيين في التغيير وإزاحة أجسام غير قابلة للتطوير.