إقبال على الحياة رغم الألم.. أحلام الطفولة السورية في انتظار وقف الحرب
رغم أن الحرب ألزمته كرسيا متحركا منذ 5 سنوات بعدما تهدم البيت على رأسه وعائلته وتم سحبه من تحت الركام، يحرص عبد الله على الذهاب يوميا للمدرسة بعربته التي يدفعها أصدقاؤه في طريق مليء بالحفر وركام المنازل المدمرة شمال مدينة حلب، وهو يحلم بأن يصبح بطلا في لعبة كمال الأجسام.
بقدم اصطناعية وعكازتين تلحق الطفلة السورية سجى (13 عاما) كرة القدم، وتجاري أقرانها رغم إصابتها، فقد اغتالت ساقَها قذائف الحرب الدائرة هناك منذ 10 سنوات، وباتت مقعدة معاقة لا تقوى على الحركة، إلا أنها تقبلت وضعها الصحي وتأقلمت معه، وبدأت حياة جديدة.
وكثيرا ما حلمت سجى بأن تصبح لاعبة جمباز محترفة، تفوز بالبطولات الدولية وترفع علم بلادها، لكن ويلات الحرب كان لها رأي آخر، ومع إصرارها على الحياة وتقبّل الواقع عادت للدراسة وهي تأمل بأن تصبح معلمة رياضة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبين القصف والخيام المحترقة والباردة.. مآسي أطفال بالشمال السوري
"معا نغني".. نقش عربي للأطفال على حجر الغربة في تركيا
شبان متطوعون ينظمون فعالية لنقل معاناة أطفال مخيمات الشمال السوري
يشابه سجى عشرات آلاف الأطفال السوريين الذين أصيبوا بالحرب، فمنهم من فقد أحد أعضائه، ومنهم من فقد عائلته، وطالما بقيت الحرب مستمرة هناك فستبقى قصص مآسي الأطفال السوريين مستمرة أيضا، لكن مع أطفال جدد.
إن وضع الأطفال والعائلات السورية ما يزال محفوفا بالمخاطر، وخاصة أن نحو 90% من الأطفال السوريين يحتاجون للمساعدة الإنسانية -وفق منظمة "يونيسيف" (UNICEF) للطفولة-، وبزيادة بلغت نسبتها 20% في العام الماضي 2020، وذلك نتيجة جائحة كورونا التي اجتاحت العالم.
بطل كمال أجسام
وللناظر يبدو وضع سجى أفضل حالا من الطفل السوري عبد الله (15 عاما)، فجرائم الحرب ألزمته كرسيّا متحركا منذ 5 سنوات، وذلك بعدما تهدم البيت على رأس عائلته وتم سحبه من تحت الركام، فبات لا يقوى على تحريك أطرافه السفلى.
ورغم حالته الصحية، يحرص عبد الله على الذهاب يوميا إلى المدرسة بعربته التي يدفع عجلاتها أصدقاؤه، في طريق مليء بالحفر وركام المنازل المدمرة شمال مدينة حلب، وهو يحلم بأن يصبح بطلا في لعبة كمال الأجسام.
وقد خلفت الحرب المستمرة منذ 10 سنوات آثارا مريعة على الطفولة والعائلات السورية، وفق اليونيسيف، حيث ارتفع سعر السلة الغذائية العادية في العام الماضي أكثر من 230%، ويعاني أكثر من نصف مليون طفل دون سن الـ 5 سنوات في سوريا من مرض التقزُّم نتيجة سوء التغذية المزمن، إضافة إلى أن نحو 3.2 ملايين طفل -في سوريا ومخيمات اللاجئين بدول الجوار- لا يذهبون إلى المدرسة، و40% منهم فتيات.
جولة بالزعتري وحلب
منظمة اليونيسيف للطفولة نظمت مساء الخميس الماضي زيارة ميدانية افتراضية لمناطق الشمال السوري ومخيمات اللاجئين في الأردن عبر تطبيق "زوم" (Zoom)، تلاها مؤتمر صحفي استعرض آثار الحرب في سوريا على الأطفال والطفولة، وذلك في الذكرى العاشرة للثورة السورية.
وأظهرت الجولة أن الحرب السورية المستمرة على مدى عقد كامل أثّرت بشكل مدمر على الأطفال والطفولة، فهناك ما يزيد على 6 ملايين طفل داخل سوريا بحاجة للمساعدة، وقد ولد العديد منهم خلال الحرب، ولم يعرفوا في حياتهم سوى النزاع والنزوح والخسارة.
وخلال العام الماضي تضاعف عدد الأطفال الذين يعانون من ضائقة نفسية، وهو ما يؤشر إلى العواقب الدائمة للحرب على الصحة النفسية ورفاه أطفال سوريا، وفق المنظمة.
المديرة الإقليمية للإعلام بمكتب اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جولييت توما قالت في المؤتمر الصحفي إن نصف أطفال سوريا لا يذهبون للمدرسة وحرموا من التعليم، وواحدة من كل 3 مدارس داخل سوريا لم تعد صالحة للاستخدام جراء إصابتها بالأضرار أو الدمار أو لاستخدامها أماكنَ لإيواء العائلات النازحة أو لأغراض عسكرية.
مثابرة وحب للعلم
اللقاءات التي أجراها موظفو اليونيسيف مع الأطفال السوريين -سواء داخل سوريا أو في مخيمات اللجوء بالأردن- أظهرت حب الأطفال للحياة والمدرسة والعمل، وقدرتهم على الجمع بين الدراسة والعمل بعدها في مهن شاقة على أطفال بعمر 10-15 عاما، وذلك لإعالة ذويهم وتأمين احتياجاتهم المعيشية.
المدير الإقليمي لليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تيد شيبان قال في المؤتمر الصحفي إن الأطفال السوريين "يتمتعون بروح معنوية عالية رغم التحديات الهائلة التي يواجهونها، وتصميم هؤلاء الأطفال والشباب على التعلم والتغلب على الصعاب وبناء مستقبل أفضل هو أمر يستحق التقدير".
ووفق إحصائيات اليونيسيف فإن 12 ألف طفل سوري قتلوا أو أصيبوا في هذه الحرب، وتم تجنيد أكثر من 5.7 آلاف طفل للقتال، بعضهم لا تزيد أعمارهم على 7 سنوات، إضافة لتعرض أكثر من 1300مرفق تعليمي وطبي وطواقم صحية للهجوم.
ووسعت اليونيسيف مجال عمليات الاستجابة التي تقدمها للأزمة السورية، وذلك من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الفورية وطويلة الأمد، وسط تحديات صعبة بما فيها التطور السريع لجائحة فيروس كورونا، وتسعى للحصول على مليار و400 ألف دولار لاستكمال خطة استجابتها داخل سوريا والدول المجاورة لعام 2021.