قوى الاحتجاج العراقية حققت نتائج لافتة بالانتخابات رغم محدودية المشاركة
أحد الفائزين بالانتخابات من قوى تشرين أكد للجزيرة نت أن نواب حزبه سيعملون على بحث عدة ملفات وطنية أبرزها ما يتعلق بمحاسبة قتلة المحتجين.
الناصرية – انتهت الانتخابات البرلمانية العراقية بنتائج مفاجئة للكثيرين، إذ شكل إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للنتائج الأولية صدمة لأحزاب تقليدية استمرت في السلطة وتحت قبة البرلمان على مدى سنوات كثيرة بعدما منيت بخسارة كبيرة في ظل فوز لافت للقوى المنبثقة من احتجاجات تشرين وهي التي تخوض التجربة السياسية لأول مرة.
أثار إعلان النتائج ردودا متباينة في الشارع العراقي، فخرجت مسيرات احتفالية في عدة مدن عراقية، كان أبرزها مدينة الناصرية في محافظة ذي قار (جنوبي البلاد) بعد حصول مرشحي نشطاء الاحتجاجات على عدد جيد من المقاعد.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكتلة الصدر في المقدمة.. قوى سياسية ومسلحة ترفض نتائج انتخابات العراق
نتائج مفاجئة.. تعرف على الرابحين والخاسرين في انتخابات العراق
أحزاب تقدمت وأخرى تخلفت.. تعرف على نتائج الانتخابات العراقية بالأرقام
ترافق ذلك مع أسئلة عديدة حول إمكانية تحديد الوقت لإعلان النتائج بشكل نهائي، وسط احتجاج ورفض لتلك النتائج من قبل الخاسرين.
فوز كبير
وأظهرت النتائج الأولية فوز حزب امتداد (وهو حركة كان يقودها الناشط في الحراك الاحتجاجي في ذي قار الصيدلي علاء الركابي) بـ9 مقاعد، في حين نال حزب إشراقة كانون 6 مقاعد، وهما حزبان منبثقان عن الاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق خلال العامين الماضيين، من أصل 5 أحزاب مثلت المتظاهرين في الانتخابات النيابية، وتوزعت المقاعد على محافظات ذي قار وواسط وكربلاء والنجف وبابل وبغداد.
يؤكد الفائز عن حزب امتداد في محافظة ذي قار فلاح الهلالي للجزيرة نت أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة وتحتاج إلى جهود كبيرة، كما أن نواب امتداد سيعملون على عدة ملفات مهمة، أبرزها ما يتعلق بالاحتجاجات ومحاسبة قتلة المتظاهرين.
وأكد الهلالي أن حزبه سيكون في صفوف المعارضة داخل قبة البرلمان.
نتائج مفاجئة
ولفت الناشط والمدون مصطفى الفارس إلى أن تقديرات الحراك كانت تشير إلى إمكانية فوز قوى الاحتجاجات بمقعد واحد فقط في ظل سيطرة الأحزاب الكبرى على مفاصل الدولة واستخدامها المال السياسي لكسب الجمهور، لكن الذي حدث كان مفاجأة بتحقيق حزبين يمثلان ساحات التظاهر 15 مقعدا وفقا للنتائج الأولية.
وأضاف الفارس للجزيرة نت أن الأرقام التي حققها مرشحو حزب امتداد وإشراقة كانون، أبعدت نوابا مرشحين لم يخسروا أي انتخابات طوال سنوات ماضية، وهذا التغيير من شأنه أن يدعم ممثلي حراك تشرين أكثر خلال الفترة المقبلة.
واعتبر الفارس أن مهمة ممثلي الحراك الشعبي في البرلمان المقبل ستكون صعبة، وستكون اختبارا حقيقيا.
قرار المقاطعة
في المقابل، يرى الأكاديمي والناشط في احتجاجات ذي قار الدكتور حازم هاشم أن طريقة إجراء الانتخابات والقانون الانتخابي وطبيعة النظام السياسي والنتائج الأولية التي يتم الآن إعادة ترتيبها، أثبتت أن قرار المقاطعة كان صائبا، ذلك أن الذين شاركوا بحسن نية وبصدق نوايا لم يستطيعوا أن يشكلوا نسبة تكون قادرة على تشكيل معارضة قوية.
ويضيف هاشم للجزيرة نت أن قرار المقاطعة ليس قرار أفراد أو جهات حزبية أو سياسية مؤدلجة، وإنما هو استفتاء شعبي على شرعية النظام السياسي الذي سقط في احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 من خلال ضعف المشاركة الشعبية بالانتخابات.
ويتابع هاشم أن الذين رفعوا شعار تشرين ودخلوا لقبة البرلمان هم في محنة حقيقية، فإذا اختاروا شعبهم فإنهم أقلية غير مذكورة، وخاصة بعد عودة الأحزاب للتحالفات القديمة بالتركيبة نفسها التي تقوم على أساس الدين والمذهب والطائفة والعرق، وإذا ما انخرطوا في التحالفات مع الكتل الأخرى التي عليها دوائر اتهام فإنهم سيدخلون في مطب "التنكر لدماء شهداء تشرين وعدم محاسبة قتلتهم".
وطالب هاشم من أسماهم بـ"الفائزين من أصحاب حسن النوايا" أن يعلنوا أولا رفضهم لكل الامتيازات التي سيحصلون عليها كونهم نوابا، ثم إعلان رفضهم لكل أنواع المحاصصة والتمرد عليها من داخل البرلمان.
كما طالبهم بالعودة للقواعد الجماهيرية لا سيما التحالفات الشبابية في تشرين لتشكيل تحالف ضغط وعبر جناحين، واحد في الساحات يقود الاحتجاج السلمي، وجناح آخر يكون ذراعا وصوتا لهذه الساحات في البرلمان.
معادلة غير كاملة
ويقول الناشط والمدون حيدر اليعقوبي إن قوى تشرين لم تخض الانتخابات مجتمعة، ولو خاضتها لكانت المعادلة قد تغيرت كثيرا ولحققت مكاسب أكبر بكثير.
وفي حديثه للجزيرة نت، بيّن اليعقوبي أن حزب امتداد الذي فاز في محافظة ذي قار لم يكن يعرف أن له جماهير بهذا الحجم، وأنه ربما كان يطمح للحصول على مقعدين.
وأكد اليعقوبي أن السواد الأعظم من نشطاء الاحتجاجات قد قاطعوا الانتخابات، وأن الذين شاركوا نسبة قليلة، ومع ذلك حققوا نتائج جيدة.
وأضاف أن حزب امتداد فاز بـ5 مقاعد عن محافظة ذي قار، في حين حصل التيار الصدري على 8 مقاعد، رغم أن التيار جهة منظمة وله جماهيره ولديه سنوات كثيرة في العمل السياسي.
تأثيرات كبيرة
من جهته يقول صادق السهل الناشط في حراك تشرين إن هناك محاور عدة أثرت في الانتخابات الأخيرة، بدأت بإعلان عدد من الناشطين اعتراضهم ومقاطعتهم العملية الانتخابية برمتها منذ البداية، وقد استغلت ذلك الكتل السياسية التقليدية لصالحها.
من ناحية أخرى، كما يقول السهل للجزيرة نت، فإن القوى الناشئة الجديدة وعددا من المستقلين الذين كانوا يمارسون نشاطا احتجاجيا أو اجتماعيا قد استثمروا خطاب المرجع الأعلى للشيعة علي السيستاني لتعبئة الجمهور نحوهم من جهة، ومن جهة أخرى استغلوا غضب الشارع من القوى التقليدية التي أهدرت سنوات حكمها من دون تقديم أي خدمات للمواطنين، فتحوّل غضب أبناء تشرين من الشارع نحو صناديق الاقتراع، وكان الأثر الأبرز لذلك ظاهرا في مدن الناصرية والنجف والحلة.