قطر اقترحت تخصيص يوم عالمي له.. مؤتمر يبحث تحديات حماية التعليم من الهجمات
مع تفاقم الهجمات المتربصة به على شتى المستويات، يمثل إحياء اليوم العالمي لحماية التعليم من الهجمات، فرصة لحشد التأييد الدولي من أجل ضمان المساءلة عن الانتهاكات المستمرة والمتعمدة التي تتعرض لها المدارس والمؤسسات التعليمية، جراء العنف المسلح في عدد من مناطق العالم.
وبعد أن تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا اقترحته الشيخة موزا بنت ناصر رئيسة مجلس إدارة مؤسسة "التعليم فوق الجميع" والمبعوثة الخاصة لليونسكو للتعليم الأساسي والتعليم العالي بتخصيص 9 من سبتمبر/أيلول يوما عالميا لحماية التعليم من الهجمات، يتكشف حجم المأساة التي يعيشها التعليم في كثير من مناطق الصراعات، ومعاناة الأطفال المتضررين من النزاعات المسلحة، وحاجتهم الملحة إلى الدعم التعليمي.
وفي هذا السياق، يتوقع أن يسلط مؤتمر حماية التعليم من الهجمات الأربعاء المقبل الضوء على حجم الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الأطفال والشباب في مناطق الصراعات، واستهدافهم من طرف القوات غير النظامية والجماعات المسلحة، كما سيعمل على اقتراح أفضل الحلول التي تساهم في وقف هذا النزيف.
وسيتحدث في هذا المؤتمر، عن بعد، الذي تفتتحه الشيخة موزا، كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس وزراء باكستان عمران خان، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير، ونجم كرة القدم الإنجليزي ديفيد بيكهام.
وينتظر أن تنبثق عن هذا المؤتمر -الذي تشارك فيه أيضا منظمات أممية معنية بالتعليم والطفولة مثل اليونسكو واليونيسيف- توصيات ترسم خطوط عمل عريضة من شأنها تحييد المدارس عن التوترات الداخلية ووقف استهدافها، وسبل دعم الجهود التعليمية في المناطق المتضررة.
تنسيق الجهود
ويتوقع أن يظل هذا اليوم بمثابة منصة سنوية للمجتمع الدولي لمراجعة التقدم المحرز وتقييم البيانات الجديدة، والالتزام بآليات فعالة لمساءلة مرتكبي هذه الهجمات، ووضع حد لإفلاتهم من العقاب.
ومع استمرار جهود الحكومات لمواجهة التأثير متعدد الأوجه لأزمة كوفيد-19، والتي أدت إلى إغلاق المدارس، فقد تكشف بشكل جلي مدى الفوارق في فرص التعليم، وعدم المساواة بين أكثر من مليار متعلم غير ملتحق بالمدارس، وتعطل الخدمات التعليمية المباشرة للطلاب في 184 دولة، مما رسخ الحاجة لجعل حماية التعليم خلال الأزمات على رأس الأجندة العالمية.
ويرى الشيخ مبارك بن ناصر آل ثاني مدير إدارة الاتصالات في مؤسسة "التعليم فوق الجميع" أن كثيرا من مناطق الصراعات الملتهبة حول العالم تتعرض فيها المنظومات التعليمية لهجمات منهجية ومتعمدة، فوفقا لتقرير التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات لسنة 2020، فقد سجل ما لا يقل عن 11 ألف هجوم متعمد على التعليم بالسنوات الخمس الماضية، وفي الفترة نفسها تم اختطاف عدد من الأطفال أو تجنيدهم قسرا من مدارسهم في 17 دولة على الأقل.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال الشيخ مبارك إن مؤسسة "التعليم فوق الجميع" وشركاءها ملتزمون بقيادة الجهود التي تحمي التعليم حول العالم، والدفع بالإصلاحات من أعلى إلى أسفل، وقد أطلقت المؤسسة وشركاؤها بالأمم المتحدة يوم 2 سبتمبر/أيلول الجاري، بشراكة مع صندوق قطر للتنمية وحملة "أنقذوا مستقبلنا الآن"، حملة عالمية تدعو إلى حماية التعليم من الهجمات باسم #معاً لحماية التعليم، بهدف وقف انتهاكات القانون الدولي المتعلقة بالتعليم، ومنع الإفلات من العقاب، وضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع.
أرقام مفزعة
وتجمع التقارير الدولية المعنية بالتعليم وقضايا الطفولة على أن حماية التعليم تمثل مشكلة مطروحة على منصات صنع السياسات، مع مشاركة ضئيلة لفعاليات المجتمع المدني التي تنخرط ضمنها كثير من الأصوات بهدف دفع القضية إلى الأمام، وجعلها أولوية على جدول الأعمال العالمي، وحقا مكتسبا للفئات الأكثر ضعفا وتهميشا.
واستناد إلى تقرير "التعليم تحت الهجوم 2020″، الذي أصدره التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات، فقد شهد اليمن 130 هجومًا على المرافق الجامعية بين عامي 2015 و2019، إما بسبب القصف أو المتفجرات أو الغارات الجوية، من بين أكثر من 300 هجوم طالت مرافق التعليم العالي في العالم.
كما شهدت أفغانستان وسوريا، وهما البلدان الأكثر تضررا، ما بين 20 و30 هجمة خلال السنوات الخمس الماضية، بالإضافة إلى استهداف طلاب وأساتذة الجامعات في عدد من البلدان بعد احتجاجهم على سياسات الحكومات في مجال التعليم، كما سجل حوالي 850 تدخلا لقوات أمن الدولة، أو الجماعات المسلحة المرتبطة بالحكومات، مما أسفر عن قتلهم أو إصابتهم أو احتجازهم.
وفي رقم تقريبي، سجل حوالي 22 ألف انتهاك بلغ حد القتل، في صفوف الطلاب والمعلمين من مختلف المستويات التعليمية في جميع أنحاء العالم، في أكثر من 11 ألف هجوم بـ 93 دولة على مدى السنوات الخمس الماضية.
وحتى اليوم، صادقت 104 دول على إعلان المدارس الآمنة لعام 2015، الذي يلزم الحكومات بحماية التعليم من الاستخدام العسكري أثناء النزاعات المسلحة، ورغم افتقار الإعلان لآلية إنفاذ، يبدو أنه قد كان له بعض التأثير الملموس.