محمد عايش.. فلسطيني يواجه مخططات الاستيطان ببيت لحم
فادي العصا-بيت لحم
يواجه المسن محمد عايش (61 عاما) من بلدة أرطاس جنوب بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، سلطة الاحتلال والمستوطنين منذ سبعينيات القرن الماضي، للحفاظ على إرث عائلته من أرض ممتدة على مساحة أربعمئة دونم.
يستيقظ عايش باكرا للتوجه إلى أرضه في "خلة نحلة" وزراعتها والعناية بها، ثم يكمل نهاره متنقلا بين المحامين ومحاكم الاحتلال التي استطاع أن يثبت فيها أن أرضه ملك للعائلة بأوراق ملكية (طابو) عثمانية ووثائق إسرائيلية وفلسطينية، ليبعد أطماع المستوطنين عنها، لأنها تقع بين مستوطنة "إفرات" المقامة على أراضي جنوب بيت لحم وبؤرة "جفعات هيتيم" المقامة في "خلة القطن" المجاورة.
يقول عايش للجزيرة نت إن هذه المعركة بدأت عام 1979، عندما حاول الاحتلال شق طريق استيطاني في أرضه لربط المستوطنة بالبؤرة المجاورة، واستطاع الاحتلال مصادرة ما يقرب من خمسين دونما بمساعدة ما تسمى الإدارة المدنية وسلطة الاحتلال، كما أنه يطارده وقام بإخطاره بهدم غرفة زراعية بناها في أرضه بحجة أنها "أرض دولة".
مواجهة الاستيطان
ويصف مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية المواطن محمد عايش بالمرابط في أرضه وبالعقبة الأولى للمستوطنين في هذه المنطقة، مشيرا إلى أنه يرفع قضية بمحاكم الاحتلال لتثبيت حدود أوراق "الطابو" التركية التي يمتلكها، والاحتلال يحاول تأجيل القضية حتى يفرض حقائق على الأرض.
ويقول بريجية للجزيرة نت إن "خلة النحلة" تقع ضمن مخطط "إي2" (E2)، وهو مشروع استيطاني "قديم جديد" لعزل مدينة بيت لحم عن الريف الجنوبي لها، وكذلك عن جنوب الضفة الغربية، وذلك بربط مستوطنة "إفرات" جنوب غرب بيت لحم، بمستوطنة "تقوع" جنوب شرق بيت لحم عن طريق مستوطنة "جفعات عيتام".
وعام 2004 تم تفعيل قضية أخرى، عندما تم إعلان المنطقة "أراضي دولة"، بمعنى أنه يمنع على أحد استخدامها، ولكن أصبح التناقض واضحا عندما ثبت هذا القرار عام 2016، بأن المستوطنين يحق لهم استخدامها بينما يمنع ذلك على الفلسطينيين.
ويؤكد بريجية أن هذا المخطط الاستيطاني يبتلع 1182 دونما، وأعلن الاحتلال عن بناء 2500 وحدة استيطانية في الموقع، وهذا من أجل عزل بيت لحم تماما؛ فالمدينة مغلقة من الشمال بسبب الجدار، ومن الغرب والشرق بفعل الطرق الالتفافية والأنفاق، ولا يوجد امتداد سكني لمدينة بيت لحم وبلدات وقرى أرطاس ووادي رحال وهندازة، إلا هذه المنطقة؛ وبالتالي فإنه يغلق التوسع الفلسطيني، ويُنفذ مخطط "القدس الكبرى" بتحديد الفلسطينيين في منطقة مغلقة وضم أراضيها لتصل إلى الخليل جنوبا.
وبحسب الخبير في الشأن الاستيطاني من معهد "أريج" سهيل خليلية، فإنه تم أيضا إيقاف مخطط بناء الجدار في محيط التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" الذي يبتلع أراضي جنوب بيت لحم وشمال الخليل، بسبب الأوضاع السياسية فترة ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وبالرغم من ذلك، تم وقتها إرضاء المستوطنين بإنشاء بؤرتين قيد الإنشاء حاليا شمال مستوطنة "فرات"، هما: "جفعات هتمار" و"جفعات هرمغان"، وشُرع في بناء 1100 وحدة استيطانية فيها، وبذلك تركوا المجال مفتوحا لضم أراض أخرى.
وقت ذهبي
ويصف خليلية الحالة السياسية الإسرائيلية اليوم بالذهبية، لأن الحكومة التي تحكم إسرائيل يمينية، وهناك قوة غير مسبوقة لقطاع الاستيطان، ولذلك تمت إعادة كل المشاريع السابقة للدفع بها نحو التنفيذ على الأرض، وستتم إعادة رسم الجدار ليضم مستوطنة "جفعات هيتيم"، وتصبح ضمن تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" الاستيطاني.
ويضيف أن هذا الأمر يعني أن المساحات المحيطة لتأمين بناء الجدار ستبتلع بين خمسة إلى ستة آلاف دونم من أراض بيت لحم، والقضية لن تبقى عند 1200 دونم فقط.
وسياسيا، يعتبر ذلك انتصارا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولا ينعكس فقط على أصوات المستوطنين في "غوش عتصيون" وإنما يمتد إلى باقي المستوطنات، لأنهم يعتبرون أنفسهم كتلة واحدة، وهدفهم واحد بابتلاع الأرض، ووجود حكومة يمينية تقوم بتسهيل أهدافهم.
كما يمكن قراءة ذلك من خلال ما تم إعلانه رسميا عن هذا المخطط للتنفيذ، بعد اجتماع جمع نتنياهو مع رؤساء مجالس المستوطنات، مقابل الحصول على الصوت الانتخابي والفوز بالانتخابات المقررة في أبريل/نيسان المقبل، وكذلك دفع تهم الفساد التي تدور حول نتنياهو، وتعتبر كذلك فرصة ذهبية يجب استغلالاها من المستوطنين ونتنياهو، ولكن الضحية ستكون فلسطين أرضا وشعبا.