إنهاء حروب التاريخ في شرق آسيا
ذات يوم، قال جورج كليمنصو، رئيس وزراء فرنسا الذي قاد بلاده إلى النصر في الحرب العالمية الأولى، "إن الحرب أكثر أهمية من أن تترك للجنرالات". والآن تكتشف اليابان أن التاريخ أكثر أهمية من أن يُترَك لمحرري الصحف.
في تسعينيات القرن العشرين، تسببت صحيفة أساهي شيمبون في إحداث عاصفة نارية في اليابان وكوريا الجنوبية عندما نشرت سلسلة من المقالات التي استندت إلى شهادة الجندي الياباني السابق سيجي يوشيدا بشأن "نساء المتعة"، النساء الكوريات اللاتي أرغمن على تقديم خدمات جنسية للجيش الإمبراطوري الياباني خلال الحرب العالمية الثانية. والآن اعترفت صحيفة آساهي بأن اعترافات الجندي كانت بلا أساس، وتنصلت من الأدلة الأساسية الداعمة للمقالات.
من الواضح أن لا أحد قد يستفيد من جولة جديدة من المناقشات التاريخية المحتدمة، ولن تتمكن بلدان شمال شرق آسيا من إنشاء بنية دائمة حقا من السلام إلا عندما يصبح بوسعنا أن نناقش الماضي من دون تعريض المستقبل للخطر |
ويبدو أن هذا التراجع يثير اليوم نفس القدر من الإحراج -والانتقادات الدبلوماسية اللاذعة- الذي أحدثته السلسلة الأصلية في اليابان وكوريا الجنوبية. ولكن في وقت لا يسع فيه أيا من البلدين أن يسمح للانتهاكات الحزبية أو الإساءات السخيفة للتاريخ بإفساد وتعكير العلاقات الثنائية بينهما، فإن عمل صحيفة أساهي الطائش يصبح أكثر من مجرد صحافة بالغة السوء، فقد أدخل عنصرا خطيرا في الدبلوماسية الإقليمية.
بطبيعة الحال، لا تشبه العلاقة بين اليابان وكوريا نظيرتها بين ألمانيا وفرنسا، لأنهما لم تخوضا سلسلة من الحروب ضد بعضهما بعضا. ولكن من الواضح أن لا أحد قد يستفيد من جولة جديدة من المناقشات التاريخية المحتدمة. ولتجنب هذه النتيجة فإننا نحتاج إلى زعماء من أمثال ديغول وأديناور. ولن تتمكن بلدان شمال شرق آسيا من إنشاء بنية دائمة حقا من السلام إلا عندما يصبح بوسعنا أن نناقش الماضي من دون تعريض المستقبل للخطر.
وكما ذَكَر الأدميرال دينيس بلير، القائد السابق لأسطول الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، في مؤتمر عقد مؤخرا، "فإن تاريخ آسيا منذ ثلاثينيات القرن العشرين وحتى عام 1955 تقريبا لم يكن جميلا بأي شكل من الأشكال.. ولا أعتقد أن أي بلد يستطيع أن يزعم احتكاره للصلاح والاستقامة، أو الشعور بالذنب والخزي" في ذلك الوقت. وأضاف بلير: "إن محاولة توزيع الأدوار، من كان على حق ومن كان على خطأ، لن تساعد أبناءنا وأحفادنا في فهم ماذا حدث هناك".
مع احتدام حرب كلمات جديدة، يتعين على زعماء اليابان وكوريا الجنوبية أن يتراجعوا خطوة إلى الوراء، لكي يتأملوا أين تكمن المصالح الحقيقية لشعبيهم، اليوم وفي المستقبل |
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.