كييف تقيم "منطقة عازلة" في كورسك وواشنطن تنفي التخطيط للتوغل الأوكراني
أعلنت أوكرانيا -اليوم الأربعاء- أنها تقيم منطقة عازلة وتبحث إنشاء إدارات عسكرية في المناطق التي سيطرت عليها في مقاطعة كورسك بغرب روسيا، في حين نفت واشنطن أن تكون شاركت في التخطيط للتوغل الأوكراني في الأراضي الروسية.
فقد تحدث وزير الداخلية الأوكراني إيغور كليمنكو عن إنشاء "منطقة عازلة" في كورسك لحماية السكان الأوكرانيين عند الحدود من القصف الروسي، بينما قالت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إن كييف تعمل على إقامة "منطقة أمنية" في المقاطعة الروسية، وتعتزم فتح ممرات لإجلاء المدنيين الروس الراغبين في الذهاب إما إلى روسيا أو أوكرانيا.
كما تحدث مفوض حقوق الإنسان الأوكراني دميتري لوبينيتس عن منطقة عازلة سيتم في إطارها توفير الغذاء والدواء ومستلزمات أخرى للسكان المدنيين.
من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده قد تضطر إلى فرض حكم عسكري في مقاطعة كورسك الروسية التي تتوغل فيها قوات أوكرانية للأسبوع الثاني.
ونشر زيلينسكي مقطع فيديو -عبر تطبيق تليغرام- قال فيه إنه عقد اجتماعا مع كبار المسؤولين الأمنيين في كييف، مشيرا إلى أن الاجتماع بحث الوضع الإنساني وإنشاء إدارات عسكرية في المقاطعة الحدودية.
وأضاف أن قواته تتقدم جيدا في كورسك، إذ توغلت اليوم كيلومترين إضافيين وأسرت 100 جندي روسي آخرين، وتابع أن بلاده تحقق ما سماه هدفها الإستراتيجي.
وكانت قوات أوكرانية بدأت في السادس من الشهر الجاري الماضي هجوما بريا غير مسبوق على مقاطعة كورسك الروسية، وأكد قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أول أمس أن قواته سيطرت على نحو ألف كيلومتر مربع.
وتحدثت كييف عن سيطرة قواتها على 74 بلدة وقرية في كورسك منذ بدء الهجوم البري. وفي المقابل، أقرّت موسكو بأن القوات الأوكرانية أصبحت على عمق 30 كيلومترا من الحدود، كما أقر حاكم كورسك بسقوط 28 بلدة على الأقل بيد القوات المهاجمة.
واعتبرت كييف توغل قواتها في كورسك نتيجة للحرب التي تشنها روسيا منذ أواخر فبراير/شباط 2022، في حين قالت موسكو إن الغاية من الهجوم هي تخفيف الضغط الروسي على كل من خاركيف وسومي (شمال شرق) ودونيتسك (شرق).
وأفادت تقارير بأن روسيا سحبت قوات من أوكرانيا بهدف تعزيز قواتها في كورسك لصد الهجوم الأوكراني، بينما قال الحرس الوطني الروسي إنه عزز إجراءات الأمن عند محطة كورسك للطاقة النووية التي تبعد نحو 35 كيلومترا فقط عن جبهة القتال.
معارك شرسة
وفي التطورات الميدانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية -اليوم الأربعاء- أن قواتها أحبطت هجمات أوكرانية تستهدف التوغل أكثر في عمق منطقة كورسك وألحقت بالقوات المهاجمة خسائر فادحة.
وقالت الوزارة إن مقاتلاتها شنت غارات جديدة على تجمعات للقوات الأوكرانية في كورسك، ونشرت صورا لمقاتلات من طراز "سوخوي 34" أثناء استهدافها تجمعات وعتادا للجيش الأوكراني، كما نشرت صورا لمن وصفتهم بأسرى أوكرانيين.
وبشكل متزامن، قال التلفزيون الرسمي الروسي إن القوات الروسية قلبت الكفة لمصلحتها في معارك كورسك، وبث لقطات لتنفيذ هجمات على مواقع أوكرانية، وخصص تغطية واسعة لإجلاء مدنيين روس من المنطقة الحدودية.
وقال قائد عسكري روسي في مقاطعة كورسك إن ما يقارب 12 ألف عسكري أوكراني دخلوا أراضي المقاطعة، مضيفا أن كثيرا من الأجانب كانوا بين القوات الأوكرانية المتوغلة وتم القضاء على معظمهم، وفق تعبيره.
وفي المقابل، عرض التلفزيون الأوكراني الرسمي اليوم الأربعاء لقطات لجنود أوكرانيين وهم ينزلون العلم الروسي من على بناية رسمية في بلدة سودجا الروسية الحدودية، وهي مركز لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وقال مدونون عسكريون روس إن القوات الروسية تخوض معارك شرسة ضد الوحدات الأوكرانية في كورسك، وذكر أحد هؤلاء المدونين أن القوات الأوكرانية المهاجمة لا تزال تملك زمام المبادرة وتزيد من وجودها في المقاطعة.
وتسبب الهجوم الأوكراني في نزوح نحو 200 ألف روسي من مقاطعة كورسك، في حين قتل وأصيب العشرات منذ بدء المعارك في هذه المنطقة.
وفي واشنطن، قالت الخارجية الأميركية -اليوم الأربعاء- إن الولايات المتحدة لم تشارك في التخطيط أو الإعداد للتوغل الأوكراني، بينما أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن التزام بلاده بمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها إزاء ما وصفه بالعدوان الروسي.
كما قال البيت الأبيض إنه سيواصل التركيز على ضمان استمرار حصول الأوكرانيين على ما يحتاجون إليه للرد على ما وصفه أيضا بعدوان روسيا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال أمس الثلاثاء إن أوكرانيا "بمساعدة أسيادها في الغرب" تحاول من خلال توغلها في كورسك تحسين موقفها التفاوضي قبل مفاوضات سلام محتملة.
هجمات متبادلة
في غضون ذلك، أعلن حاكم مقاطعة أوديسا (جنوبي أوكرانيا) أن صاروخا باليستيا روسيا أصاب -اليوم الأربعاء- منشآت في ميناء المدينة وأسفر عن جرح شخص.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت قيادة القوات الجوية الأوكرانية -في بيان- أن الجيش الروسي شنّ مساء أمس الثلاثاء هجوما على أوكرانيا باستخدام صاروخين و23 طائرة مسيرة.
وقال البيان إن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت 17 من أصل 23 طائرة مسيرة من طراز شاهد (إيرانية الصنع) أطلقتها روسيا.
في الجانب الآخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية -اليوم الأربعاء- أن قواتها دمرت 117 طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا مساء أمس الثلاثاء معظمها في مناطق كورسك وفورونيج وبيلغورود ونيجني نوفغورود.
وقالت الوزارة إن الدفاعات الروسية أسقطت صواريخ وعرضت لقطات لقاذفات قنابل من طراز سوخوي-34 تضرب مواقع أوكرانية في كورسك.