تحقيق يكشف تعمد الجيش الإسرائيلي قصف كنيسة الروم الأرثوذكس بغزة

كشف تحقيق -أجرته وكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة- عن تعمد الجيش الإسرائيلي استهداف كنيسة الروم الأرثوذكس وسط مدينة غزة -والتي كانت تؤوي نازحين، مما خلف شهداء ودمارا كبيرا- وذلك خلافا لرواية الاحتلال.
وتوصل هذا التحقيق إلى أن القصف كان يستهدف مبنى الكنيسة بشكل مباشر في 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتتبع مقطع فيديو نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للغارة التي استهدفت مبنى الكنيسة.

وكان متحدث باسم جيش الاحتلال ادعى -في بيان بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري- أن طائراته الحربية قصفت في منطقة الزيتون مركز قيادة وسيطرة تابعا لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في منطقة قريبة من كنيسة الروم الأرثوذكس.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsوأضاف المتحدث الإسرائيلي أن "أي ضرر ناجم عن الغارة الإسرائيلية جانبي ولم يكن مقصودا من وراء (هذه) العملية" الإسرائيلية.
بالمقابل، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن جيش الاحتلال قصف مبنى الكنيسة في 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري خلال احتماء عشرات العائلات المسيحية فيها، مما أدى إلى استشهاد 20 شخصا، بينهم 18 مسيحيا.
وجاء قصف هذه الكنيسة بعد يومين من قصف استهدف المستشفى الأهلي العربي المعمداني المجاور لها بمدينة غزة، والذي تعرّض مساء الثلاثاء الماضي لمجزرة إسرائيلية كبيرة خلفت 471 شهيدا، ويتبع المستشفى للكنيسة الأسقفية الإنجيلية بالقدس.
من قصَف الكنيسة؟
اعتمد تحقيق "سند" على مقطع فيديو نشره المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للغارة الجديدة التي استهدفت مبنى الكنيسة، الحدث الذي يفصله زمانيا يومين ومكانيا 120 مترا تقريبا عن مسرح القصف الذي استهدف مستشفى المعمداني بمدينة غزة الذي وقع قبلها بيومين.
بيان بخصوص الغارة التي استهدفت منطقة قريبة عن كنيسة الروم الأرثوذكس بغزة:
استهدفت طائرات حربية لجيش الدفاع أمس الأول في منطقة الزيتون مركز القيادة والسيطرة التابع لإرهابي من عناصر حماس ضالع في إطلاق القذائف الصاروخية وقذائف الهاون باتجاه اسرائيل.
وكان مركز القيادة هذا يستخدم… pic.twitter.com/XPEzuQdOB0
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) October 21, 2023
ويظهر فيديو المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي علامتين إحداهما دائرة استهداف كدائرة التصويب (الاستهداف) على مبنى سكني، والثاني علامة استهداف بشكل + على مبنى تابع للكنيسة، كما في الصورة التالية:

وهنا تحليل الفيديو مشهدا بمشهد، في محاولة لرصد سقوط الصاروخ ومساره، وهو ما يظهر في الثانية (6 + 4) من الفيديو، وسنعرض مسار الصاروخ وفق اللقطات التالية:







وبعد هذا المشهد، يحدث الانفجار ويليه غيمة ثم عمود من الدخان للأعلى يكشف موقع الانفجار، باللون الأصفر، واتجاه الخيمة التفجيرية الرئيسية للأعلى، مع موجات تفجيرية أخرى من الجوانب وضعت دائرة حمراء على إحداهما.

ثم يظهر بعدها خروج دخان من المبنى الذي وضع عليه كلمة كنيسة.

وبعد تحليل الفيديو، استعرضنا المشهد قبل الاستهداف، وقمنا بوضع علامات ترقيم لمسرح الحادثة من رقم 1- 5.
وتشير الأرقام التالية للمعالم الرئيسية للمنطقة -كما وردت في فيديو المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي- وهي كالتالي:
- (1) المبنى الذي ظهر عليه علامة الجيش الإسرائيلي في الفيديو وهو الذي زعمت تل أبيب أنها استهدفته.
(2) المبنى الذي وضع عليه كلمة كنيسة.
(3) المبنى الذي تظهر عليه دائرة توجيه الصاروخ للإطلاق، وأثبتنا أن الصاروخ انفجر فيه.
(4) منطقة دخول الصاروخ للمبنى.
(5) منطقة بجوار المبنى رقم 1.

ولمشاهدة المكان بشكل أوضح، استشهدنا بصورة ملتقطة من خرائط غوغل في مايو/أيار 2022 لنفس المنطقة:

وبمطابقة الأماكن، نجد أن الصاروخ قد استهدف المبنى المرقم (3) مرورا من نقطة رقم (4) ليظهر أن الموقع الجغرافي لمبنى الكنيسة والذي دمره القصف الإسرائيلي يقع عبر الإحداثيات:
31°30’14.05″N 34°27’44.54″E
هذا المبنى ملحق للكنيسة وتابع لها وتقام فيه فعاليات خاصة بالكنيسة. ويمكن ملاحظة اللوغو المعلق باللافتة داخل مبنى رقم (3) بالكنيسة التي كتب عليها "مجموعة الكشافة الأرثوذكسية العربية" والدمار الكبير الذي لحق بالمكان، الأمر الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن القصف الإسرائيلي كان للكنيسة وليس مبنى تابع لحماس، وأن الضرر والشهداء الذين قتلوا في القصف لم "يكن ضررا جانبيا" حسبما أعلن هذا الجيش.

وبإسقاط المشاهد والمعطيات السابقة على مقطع فيديو على الأرض، وثق في اليوم الثاني للدمار الذي حل بالموقع المستهدف:
يمكن ملاحظة الحطام في الفيديو بشكل جلي كما هو موضح بالصور.

وخلُص التحقيق إلى أن الجيش الإسرائيلي تعمد استهداف النازحين في مبنى الكنيسة بصاروخ مباشر أدى للخسائر المادية والبشرية.

وتعتبر كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس أقدم كنيسة في قطاع غزة لا تزال مفتوحة، وهي تقع بجانب مسجد بالبلدة القديمة في غزة القديمة، وقد بنيت فوق ضريح القديس برفيريوس.
وقد أصدرت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس بيانا استنكرت فيه القصف الإسرائيلي، ووصفته بجريمة حرب.