الأمن أم القضاء؟.. تجدد الجدل حول لجنة العفو عن المعتقلين في مصر

الوزير أكّد أن العفو يكون بعد صدور أحكام نهائية، وفقا للقانون.

blogs المعتقلين السياسيين بعهد السيسي
سجناء خلال نظر محكمة مصرية إحدى القضايا (رويترز)

القاهرة- "يستحيل أن يتدخل أحد في أعمال القضاء"، بهذه العبارة نفى وزير العدل المصري عمر مروان إمكانية الإفراج عن أي من المحبوسين احتياطيا بعفو رئاسي، في إشارة إلى لجنة العفو الرئاسي، مؤكدا أن الذين يصرّحون بهذا مخطئون، لأن العفو يكون بعد صدور أحكام قضائية نهائية لا قبلها، وفقا للقانون المصري.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي -خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في رمضان الماضي- أعلن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تشكلت أواخر عام 2016، مؤكدا أن الوطن يتسع للجميع وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، بحسب تعبيره.

وأعرب السيسي عن سعادته بالإفراج عن دفعة من المعتقلين من أبناء مصر حينها، في إشارة إلى إفراج النيابة العامة عن 41 شخصا من المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا سياسية وحرية رأي وتعبير من خلفيات سياسية متنوعة.

تصريحات وزير العدل بشأن اقتصار دور لجنة العفو الرئاسي على اقتراح الأسماء، وعدم وجود أي تنسيق بين أي جهات أو أجهزة أمنية، عادت لتثير السؤال القديم بشأن المسؤول الرئيس عن تحديد وتقرير مصير آلاف المحبوسين، سواء احتياطيا أو بأحكام نهائية تقول السلطة إنها جنائية لا سياسية.

وأوضح وزير العدل -في مداخلة متلفزة- أن العفو الرئاسي يكون عن أحكام قضائية، وهو منظم بمقتضى الدستور والقانون، أما إذا كانت هناك قضايا منظورة أمام المحاكم أو النيابة العامة، فلا أحد يستطيع التدخل، وإلا فسيكون هذا تدخلا في أعمال السلطة القضائية.

إعلان

لجنة العفو

كلام الوزير ينافي تصريحات أعضاء في لجنة العفو الرئاسي التي تنسب الإفراج عن عدد من المحبوسين احتياطيا خلال الفترة الماضية إلى القوائم التي أعدتها وأخذت موافقة عليها من جهات أمنية.

وهو ما أشار إليه أيضا عضو لجنة العفو وعضو مجلس النواب طارق الخولي، حيث أكد في تصريحات سابقة أن هناك تنسيقا كاملا مع كافة الجهات المعنية من أجل الإفراج عن الشباب المحبوسين الذين تنطبق عليهم شروط العفو الرئاسي.

وتقول اللجنة إن هناك معيارين لإدراج أسماء المحبوسين ضمن قائمة العفو الرئاسي، هما: عدم الانتماء لتنظيمات إرهابية وعدم ارتكاب أعمال عنف، وأن كل من تنطبق عليهم هذه الشروط يتم بحث أمرهم.

وبشأن دور الأجهزة الأمنية في ملف الإفراج عن المحبوسين، نقل موقع المنصة الإخباري في وقت سابق، عن أعضاء باللجنة -منهم وزير القوى العاملة السابق كمال أبو عيطة- تذمره من بطء أعمالها، وتهديده بالانسحاب منها بسبب خلافات بينهم وبين ممثلي أجهزة الدولة.

وأضاف أبو عيطة أن "هناك خلافا في أجهزة الدولة، هناك من يريد إخراج السجناء، ولكن هناك قوى تنتمي للدولة العميقة ترفض ليس فقط إخلاء سبيل المحبوسين، لكن تريد حبس الشعب المصري كله".

إفراج أمني أم قضائي؟

وحول هذا الجدل، يقول المحامي والحقوقي المصري عبد الرحمن عاطف إن "تصريحات وزير العدل يجب أن تتوافق مع القانون والدستور ولا يمكن القول بغير ذلك، ولكن الجميع يعلم أن السلطة هي من قررت إعادة تفعيل لجنة العفو التي توقف عملها لسنوات، وهي من تضع الخطوط العريضة لعمليات العفو".

وتساءل عاطف -وهو أحد النشطاء الذين حبسوا احتياطيا على ذمة قضايا سياسية- عن مصير قرارات النيابة التي وثّقها المحامون والمنظمات الحقوقية، بالإفراج عن المئات من المحبوسين احتياطيا، وعرقلتها الأجهزة الأمنية ولم تقم بتنفيذها، مشيرا إلى أن كلام وزير العدل ينافي الواقع، على حدّ تعبيره.

إعلان

وبشأن تجربته الشخصية داخل السجون المصرية، أكد الحقوقي الشاب أنه كان ضمن آلاف الشباب الذين حبسوا بقرار من الأجهزة الأمنية وخرجوا بقرار منها أيضا، وأن الكثير من الحالات التي كان شاهدا عليها تؤكد أن الدور الرئيس هو للأجهزة الأمنية، بحسب قوله.

وفي مطلع يونيو/حزيران الماضي، قلت منظمة العفو الدولية إن مصير الآلاف من الرجال والنساء المحتجزين تعسفيا لا ينبغي أن يكون بأيدي الأجهزة الأمنية المصرية، وبالتحديد قطاع الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) والمخابرات العامة.

وفي بيان لها، شددت العفو الدولية على عدم منح قوات الأمن -بما في ذلك قطاع الأمن الوطني- أي سلطة على عملية الإفراج، لأنها منعت في مرات عدة إطلاق سراح السجناء المحتجزين لأسباب سياسية.

 

أعداد المحبوسين

في هذا الصدد، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) في تقرير لها قبل يومين، أن عدد المحبوسين احتياطيا في مصر على ذمة قضايا يعاد تدويرها إلى ذمة قضايا أخرى بالرغم من قرارات إخلاء سبيلهم، وصل إلى ما يقرب من 4500 مسجون، في فترة لا تتجاوز 6 أشهر بين سبتمبر/أيلول 2020 وفبراير/شباط 2021.

وأكدت الصحيفة الأميركية أن هذا الرقم لا يمثّل العدد الكامل للمعتقلين، ولا يشمل المحتجزين خارج العاصمة ولا المحتجزين في مراكز الشرطة أو المعسكرات أو غيرهم من المختفين قسرا، لافتة إلى أن الأرقام الرسمية لا تُظهر عدد الموجودين في السجون.

وفشلت الصحيفة في الحصول على أرقام دقيقة حول أعداد هؤلاء، وأوضحت أن معظم المسؤولين المصريين الذين سئلوا عن نظام الحبس الاحتياطي رفضوا التعليق على هذا المقال، كما لم يأتِ الرد على الطلبات التي أرسلها معدّو التقرير إلى مكتب المدعي العام ومسؤولي السجون والرئاسة من خلال متحدث حكومي.

إعلان

عدد المساجين السياسيين لا يمكن حصره بدقة، بحسب تصريحات عضو لجنة العفو كمال أبو عيطة، الذي أشار إلى أنه خلال أحد الاجتماعات مع المسؤولين الأمنيين حاول سؤالهم عن عدد المحبوسين، لكن لم يكن لديهم إجابة واضحة.

تضارب أعداد المفرج عنهم

بدوره، توقّع المحامي عضو لجنة العفو الرئاسي طارق العوضي الانتهاء من ملف سجناء الرأي في مصر في مدة أقصاها 6 أشهر، مؤكدا أن اللجنة تسعى لتسريع وتيرة الإفراج عنهم.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية في برنامج "المسائية" على الجزيرة مباشر أنه تم الإفراج بالفعل عن حوالي 700 شخص من المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي، وذلك منذ بدء عمل اللجنة في نهاية أبريل/نيسان الماضي حتى الآن، وأنه سيتم الإفراج عن دفعة جديدة من الناشطين والمعتقلين قريبا، وأنه يتوقع من لجنة الحوار الوطني تعديلات تنهي ملف الحبس الاحتياطي في مصر.

ويقل هذا العدد عن تقديرات موقع مدى مصر (مستقل) وبعض المحامين المهتمين بقضايا المحبوسين على ذمة قضايا سياسية. وبحسب إحصاءات الموقع، فقد وصل عدد المُفرج عنهم بقرار من نيابة أمن الدولة العليا إلى 211 فقط حتى بداية الأسبوع الجاري، بعد إخلاء نيابة أمن الدولة العليا سبيل 6 محبوسين احتياطيا السبت.

ونقل الموقع عن المحامي في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نبيه الجنادي، القول إن إجمالي عدد المُفرج عنهم لا يتجاوز نصف تقديرات العوضي، منذ بدء اللجنة عملها نهاية أبريل/نيسان الماضي حتى نهاية يونيو/حزيران تقريبا.

إعلان
المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

إعلان