الصائم الذي لا يفطر.. الأسير الفلسطيني عواودة يواصل إضرابه عن الطعام رفضا للاعتقال الإداري

بيت لحم- وزع الأسير الفلسطيني خليل محمد عواودة من بلدة "إذنا" غرب الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، الحلوى على رفاقه الأسرى في سجن "عوفر" قرب رام الله، قبل أيام من البدء بإضراب عن الطعام ضد الاعتقال الإداري في الثالث من مارس/آذار 2022.
ويقول أحد الأسرى في سجن "عوفر" العسكري إن عواودة وزع الحلوى على الأسرى لأنه واثق بنصره في معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها لنيل حريته، بالرغم من مقاطعة الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي للمحاكم العسكرية من أكثر من 115 يوما.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsقوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم منزل الصحفي علاء الريماوي في رام الله وتعتقله
بعد وقف الاحتلال إجراءاته العقابية.. أسرى حركة الجهاد يعلقون إضرابهم عن الطعام و90 أسيرا بسجن جلبوع يتعرضون لاعتداء
لماذا أجبر إعلان الأسرى خوض الإضراب الجماعي إدارة السجون على الاستجابة لمطالبهم؟
عواودة الذي يبلغ من العمر 40 عاما -وهو أب لـ4 بنات- أمضى ما يزيد على 12 عاما في سجون الاحتلال في 5 اعتقالات، 3 منها كانت حكما إداريا.
لليوم الـ 51 على التوالي يواصل الأسير خليل عواودة (40 عامًا) من بلدة إذنا غرب الخليل إضرابه عن الطعام رفضاً لاعتقاله الإداري في سجون الاحتلال.#فلسطين pic.twitter.com/Ox9oxW0aqx
— شبكة قدس | الأسرى (@asranews) April 22, 2022
تقصير مدة الاعتقال
اعتقل آخر مرة في 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، بتهمة التحريض، قبل إسقاط التهمة عنه في الخامس من يناير/كانون الثاني 2022، وهو ما دفع سلطة الاحتلال لتحويله للاعتقال الإداري، أي بدون تهمة، لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد.
وقرر عواودة خوض الإضراب عن الطعام، وفق زوجته دلال، لأنه يعلم أن الاعتقالَين الإداريين الماضيين لم يمرا إلا بمكوثه العامين داخل المعتقلات.
وتقول زوجته دلال عواودة للجزيرة نت إن خليل خاض الإضراب 6 مرات سابقا، وكانت كلها في إضرابات جماعية للأسرى، وهي المرة الأولى التي يخوض الإضراب الفردي عن الطعام.
وماطل الاحتلال كثيرا قبل نقله إلى عيادة طبية، وبعد أن أمضى 36 يوما مضربا عن الطعام داخل زنازين معتقل عوفر العسكري، نقله إلى معتقل عيادة سجن الرملة، وهو طوال هذه المدة لم يبدل ملابسه ولم يُقدم له أيا من حاجياته اليومية، للضغط عليه لإجباره على إيقاف إضرابه.
جسد منهك وثقة بالنصر
ولا يستطيع عواودة اليوم الوقوف على قدميه، ويعاني من أوجاع في خواصره وعظامه، كما أن معدته لم تعد تستوعب الماء، ويستفرغ الماء والدم، ما أجبره على تلقي الماء دون أملاح أو مدعمات عن طريق الوريد، خشية من وصول جسده لجفاف شديد.
وبالرغم من أنه بحالة صحية صعبة ولديه صعوبة في الكلام، إلا أنه استطاع الثلاثاء الماضي إيصال رسالة إلى أهله ومحبيه عن طريق المحامي الذي زاره، بأنه مستمر في الإضراب عن الطعام حتى نيل حريته، وهو بمعنويات عالية وبعزيمة واثقة بالنصر، ووصف نشطاء إضرابه بأنه الصائم الذي لا يفطر.
ولم يتخرج عواودة بعد في جامعة القدس المفتوحة التي يدرس فيها لنيل درجة البكالوريوس، بسبب اعتقالاته المتكررة وهو في الفصل الأخير في الجامعة، وكان يعمل سائقا على مركبة عمومية، يزاوج بين دراسته وعمله لكسب رزقه ورزق زوجته وأطفاله.
ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي قرابة 600 أسيرا إداريا في سجونه، وهم من دون تهم واضحة، ما دفعهم لمقاطعة محاكم الاحتلال العسكرية منذ 115 يوما، ولكن من دون أي تخفيف من الاعتقال الإداري.
تولين، لورين، ماريا، مريم أبناء خليل عواودة المضرب من ٤٩ يوم #الحرية_لخليل_عواودة pic.twitter.com/r0AMMxrSaI
— الأسير مش رقم (@Freethemall6) April 20, 2022
سرقة أعمار الفلسطينيين
وتقول أماني سراحنة من نادي الأسير الفلسطيني، إن هذا العدد يعد عاليا جدا، وإن عام 2022 يعد من الأعلى في التحويل للاعتقال الإداري، وتم إحصاء قرابة 200 حالة اعتقال إداري شهريا منذ بداية العام، عدا أن الكثير من المستهدفين لم يمروا بتجربة الاعتقال من قبل أو لم يُعتقلوا إداريا قبل ذلك.
وترى سراحنة في حديثها للجزيرة نت، أن الهدف من الاعتقالات الإدارية تقويض أي حالة مواجهة أو نهوض على المستوى الشعبي والسياسي، ويتم استهداف أشخاص فاعلين في مجتمعهم، وخليل عواودة واحد منهم، فضلا عن وجود جرائم تمارس بحق الأسرى الإداريين، معتبرة ذلك سرقة لأعمار الشعب الفلسطيني.
ومن هذه الجرائم، التي وصفتها سراحنة بالقذرة، مساومة الأسير بشير الخيري 80 عاما، بالاعتراف على قضية معينة مقابل تحويل ملفه من الاعتقال الإداري، وهدفها إجبار الأسير على الاعتراف على أمر لا يريده لوقف اعتقاله الإداري.
كما أن هناك أسيرتبن معتقلتين إداريا، وفق سراحنة، هما بشرى الطويل، والتي خاض والدها إضرابا عن الطعام لوقف اعتقالها الإداري، وأعاد الاحتلال اعتقالها وحكمها إداريا.
وكذلك شروق البدن -وهي أم لطفلة- والمعتقلة إداريا منذ عام 2019. وبالرغم من الإفراج عنها، إلا أنه أعيد اعتقالها إداريا.
ومن الحالات المعتقلة إداريا أيضا الأسير عبد الباسط معطان المريض بالسرطان، والأسير رائد ريان 28 عاما، من بلدة بيت دقو قرب رام الله، المضرب عن الطعام ضد الاعتقال الإداري منذ 17 يوما، بعد تعرضه لإجراءات تنكيلية كثيرة داخل المعتقل.
وتقول سراحنة، إن مقاطعة الأسرى الإداريين لمحاكم الاحتلال تهدف إلى عدم الاعتراف بهذه المحاكم العسكرية، وهذه المقاطعة تحتاج لزمن طويل كي يكون لها نتائج، معتبرة إياها الخطوة الأولى التي شرع بها الأسرى الإداريون، وأن هناك خطوات أخرى ستكون بعد العيد قيد الدراسة من قبلهم، منها الإضراب الجماعي عن الطعام، أو عودة الإضرابات الفردية للواجهة مرة أخرى، لمحاولة كسر الاعتقال الإداري.