في إثيوبيا.. الكراهية تجتاح الشبكات الاجتماعية
على هامش الصراع الذي مزّق شمال إثيوبيا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تدور حرب أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالذات فيسبوك وتويتر وذلك في مجتمع إثيوبي شديد الاستقطاب بالفعل.
هذا ما قاله مراسل صحيفة لوموند بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا نوي هوشي بودين في تقرير له، حذر في بدايته من أن مروجي هذه الدعايات سواء من مناصري تحرير تيغراي أو مؤيدي حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد وحلفائه، ينقلون صراعهم إلى الإنترنت مستخدمين كمّا هائلا من المعلومات المضللة.
وأضاف أن هذه المعركة الكلامية يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة، في الوقت الذي كانت فيه الأمم المتحدة قد حذرت من أن جرائم ضد الإنسانية ربما قد ارتكبت في إقليم تيغراي.
وذكّر المراسل بما قالته الموظفة السابقة بفيسبوك فرانسيس هاوغن أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي في 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما عبّرت عن خشيتها من "التأثير المدمر" المحتمل لمنصة فيسبوك في مجتمع إثيوبي شديد الاستقطاب بالفعل.
وهذه المخاوف، وفقا لبودين، لها ما يبررها، في ظل الصعوبات التي تواجهها الشركة في تعديل الرسائل من مجموعات تتحدث بلغات محلية مثل الأمهرية أو التيغرينية أو الأورومو أو الصومالية.
حسابات قريبة من راديكاليي أمهرة
وأضاف المراسل أن إحدى الحالات، على وجه الخصوص، لفتت انتباه المراقبين، دون أن يكون من الممكن إقامة علاقة سببية بين الكلمات والأفعال، ففي 30 أغسطس/آب، اتهمت مجموعة من حسابات فيسبوك المقربة من مليشيات فانو الأمهرية أقلية قمانت العرقية بدعم متمردي تيغراي التابعين لجبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي، واصفة إياهم بـ"الموازين".
وبعد يومين من ذلك الاتهام، دخلت مجموعة من فانو قرية أيكل، على مشارف مدينة جوندر، بحسب عدة مصادر، وقتلوا على الفور العشرات من قمانت ودمروا منازلهم، وفي نفس اليوم، حرض حساب آخر يطلق عليه "القوات الشعبية لقوميي فانو من أجل التغيير الجذري" على قتل المنحدرين من تلك الإثنية بالقول: "لا تأخذكم بيرقات قمانت رأفة ولا رحمة".
ولفت الكاتب إلى أن هذا السديم من الحسابات المقربة من الأمهرة الراديكاليين والدعوات العلنية للعنف لم تكن غائبة عن فيسبوك، بل كانت موضوع تقرير داخلي كشفت النقاب عنه فرانسيس هاوغن أوصى، اعتبارًا من مارس/آذار 2021، بتحييد هذه الشبكة التي أطلق عليها مروجوها اسم "نزع سلاح لوسي".
ومع ذلك، يضيف الكاتب، فإن العديد من هذه الحسابات المقربة من رجال مليشيا فانو لا تزال نشطة حتى اليوم، مثل "القيادة المركزية لأمهرة فانو"، التي تضم حوالي 25 ألف مشترك.
وتدافع مديرة السياسة العامة لمنصة فيسبوك بشرق أفريقيا ميرسي نديغوا عن نفسها، مؤكدة عدم وجود أي إهمال قائلة: "مع تفاقم الوضع، اتخذنا تدابير طارئة إضافية ونواصل مراقبة النشاط على منصتنا وتحديد المشكلات فور ظهورها وإزالة كل محتوى يخالف قواعدنا على الفور".
إستراتيجيات الإشراف غير الكافية
لكن فرانسيس هاوغن، أشارت إلى نقص الوسائل التي وضعتها المنصة لتخفيف التحريض على العنف والتضليل، فضلاً عن ميل فيسبوك إلى تفضيل المحتوى الفيروسي.
وشدد الكاتب على أن فيسبوك، باعتراف الجميع، وضعت إثيوبيا قبل عامين في فئة "البلدان المعرضة لخطر كبير من الصراع والعنف"، مشيرا إلى أن هذه الشركة تتبجح اليوم بأنها حذفت 92 ألف رسالة كراهية من فيسبوك وإنستغرام بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2021، ومع ذلك، يصف تقرير داخلي "إستراتيجيات التدقيق بأنها غير كافية".
وبعد أن تعرضت لانتقادات شديدة، يقول الكاتب، إن هذه المنصات عززت من إجراءاتها الرقابية هذا الخريف، وهكذا قامت بحذف منشور لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حثّ فيه المواطنين على التعبئة و"الاستيلاء على أي سلاح لقتال متمردي التيغراي وسحقهم ودفنهم"، وهو ما اعتبره فيسبوك خطاب كراهية "انتهك" سياساته ضد التحريض على العنف ودعمه.
ومن جانبها، تقول شبكة تويتر إنها اتخذت تدابير "لاجتثاث المحتوى العنيف"، كما أنها أوقفت حسابات قريبة من الحكومة، بتهمة تضليل الرأي العام وانتهاك قواعد المنصة، ويقول متحدث باسم تويتر: "يتضمن ذلك إنشاء حسابات متعددة لنشر محتوى مكرر (…)، وكذلك استغلال الحسابات المزيفة".
من جهتها، تتهم الحكومة الإثيوبية هذه المنصات بأنها تعمل، بشكل حثيث، ضد المصالح الإثيوبية، وتقول إنها ستعمل على إنشاء شبكة اجتماعية إثيوبية خالصة على غرار "وي تشات" (WeChat) الصيني و"فكونتاكتي" (Vkontakte) الروسي.