مع قانون الانتخابات الجديد.. هل يقلص السنّة الهوة في البرلمان العراقي؟

البرلمان العراقي يقر قانونا جديدا لمفوضية الانتخابات
القوى السنّية تأمل في الحصول على مقاعد أكثر في البرلمان المقبل (الجزيرة)

مع كل ما يثار بشأن عملية الانتخابات في العراق من اتهامات بالتزوير ومحاولات تسييرها وفق رغبات من يمتلكون المال والسلاح، تعقد القوى السياسية السنية أملها في قانون الانتخابات الجديد لتعزيز حظوظها في البرلمان المقبل، ولا سيما بعد تراجع تمثيلها بشكل مؤثر في الدورات السابقة.

ويشغل السنّة في البرلمان الحالي 73 مقعدا من أصل 329، موزعين على كتل سياسية عدة، مقابل ما كانوا عليه في السابق عند 90 مقعدا، قبل أن يتراجعوا بسبب ما تعرضوا له من عملية إقصاء ممنهجة إبان حقبة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي التي امتدت لولايتين متتاليتين، وانتهت عام 2014، وفقا للصحفي الباحث في مركز الرشيد للدراسات والتطوير محي الأنصاري.

ويضيف الأنصاري أن كثيرا من رموز السنة تعرضوا خلال فترة المالكي لملاحقات قانونية انتهت بهم خارج العراق والعملية السياسية، إضافة لاعتقال آخرين ثبتت براءة بعضهم أخيرا.

ويتابع أن المكون السني شهد أسوأ حالاته من اعتقالات عشوائية وتهميش وترويع في تلك الفترة التي اتصف بها نظام الحكم بالطائفية، مما أدى إلى عزوف كبير عن المشاركة في الانتخابات، وفقا للأنصاري.

النائب السابق عن سائرون رياض المسعودي: القانون الجديد لن يغير من المشهد أكثر من ١٠٪؜ (الجزيرة نت)
المسعودي رجح أن يحدث تغير طفيف في تمثيل القوى السياسية في البرلمان المقبل (الجزيرة نت)

حظوظ ضعيفة
وفي السياق، يرى رياض المسعودي النائب عن تحالف "سائرون" (المدعوم لتيار الصدر) أن حظوظ جميع المكونات من القانون الجديد لن تكون مختلفة عن الدورات السابقة، وإن تأثرت فلن يكون بأكثر من 10% نقصا أو زيادة.

إعلان

وأضح المسعودي -للجزيرة نت- أن تأخر إقرار القانون كان بسبب اختلاف المكونات لأنها لا ترغب بخسارة تمثيلها، وبالتالي أقِرّ القانون مع مراعاة الجانب الجغرافي والديمغرافي والتكوين السياسي، ولذا لن يكون هناك تأثير كبير في التمثيل على البرلمان المقبل.

وعلى الجانب الأخر، ترى هدار البارزاني النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني -في حديثها للجزيرة- أن هناك سيناريوهات عدة يمكن أن تطرأ وفق القانون الانتخابي الجديد، كما أنه لم يخرج عن سياق الشراكة والتوازن بين جميع المكونات الذي ينص عليه الدستور العراقي، ولم يغفل عن رغبات المتظاهرين في ساحة التحرير.

النائبة هدار البارزاني تعتقد أن القانون الجديد مفتوح على عدة سيناريوهات (الجزيرة نت)
هدار البارزاني رأت أن القانون الانتخابي الجديد لم يخرج عن سياق الشراكة والتوازن بين المكونات (الجزيرة نت)

قانون اعتباطي
من جهته، يقول المحلل السياسي يحيى الكبيسي إن من أبرز أسباب تراجع التمثيل السني هو عمليات التأثير في نتائج الانتخابات بشكل مباشر، بالإضافة إلى انخفاض أعداد المشاركين السنة في الانتخابات بشكل كبير لأسباب عدة، خاصة في محافظة بغداد، وهذا بدوره أدى إلى انخفاض عدد المقاعد في المحافظات ذات الطابع السني مثل ديالى (شرق) ونينوى وصلاح الدين (شمال).

ويضيف في حديثه للجزيرة أن حظوظ السنة تراجعت في تلك المحافظات بشكل كبير، خاصة في ديالى، وذلك لما أتاحته سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية عليها من تغلغل الفصائل الشيعية، ما بعد معارك التحرير، والتحكم بمقدراتها ومنها الانتخابية.

وعلى الرغم من إقرار قانون الدوائر المتعددة الجديد للانتخابات، فإنه ربما لن يغير من المشهد وقد ينعكس سلبا على السنة، وذلك لأن الدوائر الانتخابية صممت بشكل "اعتباطي" ولمصالح قوى سياسية محددة، ومكوناتية، ومن ثم ستنخفض نسبة التمثيل السني في البرلمان، كما يرى الكبيسي.

واتفق المحلل السياسي علي أغوان مع ما ذهب إليه الكبيسي، عازيا ذلك إلى أن تقسيم الدوائر لا يخلو من المصالح، إضافة إلى أنه سيخدم القوى المنظمة مثل التيار الصدري والأكراد.

إعلان

ويضيف أغوان -في اتصال مع الجزيرة نت- أن ضعف أداء وتمثيل القوى السنية في مركز القوة في بغداد، وعدم امتلاكها ملفات الأمن والاقتصاد الرئيسة في مناطقها، أتاح الفرصة أمام زحف القوى غير السنية على المناطق السنية، وبالتالي انعكس ذلك على التمثيل النيابي والحكومي، ولم يستبعد حدوث عمليات تزوير كبيرة.

المحلل السياسي الدكتور يحيى الكبيسي يعتقد أن القانون ربما يقلل من نسبة السنة في البرلمان (مواقع تواصل)
الكبيسي يعتقد أن القانون سيكون له أثر سلبي على تمثيل السنة في البرلمان (مواقع التواصل)

التعويل على الوعي
ويعتقد أغوان أن استعادة السنة تمثيلهم الحقيقي لا بد من أن ينبع من وعي في اختيار ممثليهم، ومن ثم إذا كانت هناك جهود مجتمعية حقيقية قادرة على اختيار أشخاص مؤهلين، فإن هذا سيكون أكثر إنصافا من القانون الجديد وأي قانون آخر، على اعتبار أن كل القوانين فيها إيجابيات وسلبيات، ولا يمكن أن تكون وفق رغبات المذاهب والقوميات بل توجد لبيئة معينة.

ومن جانبه يرى الباحث في الشؤون الإدارية للانتخابات محمد العاني أن القانون يؤخذ على محورين، الأول هو الترشح الفردي الذي حصره القانون، مما سيصب في مصلحة ذوي الشعبية المناطقية والعشائرية، ورغم أنه سيقلل من الجودة النوعية كون التصويت سيخضع للمحسوبية، فإن فيه فرصة سانحة للسنة، ولكن بشرط التنظيم الذي تفتقده قواهم، وحسن اختيارهم لمرشحيهم.

وأوضح للجزيرة أن المحور الثاني الأهم هو العمل على إدارة الحملات الانتخابية وفق دراسة علمية وطرق تعتمد على الكم النوعي في كل شيء، ودراسة مناطق المرشحين وشخوصهم وأعدادهم في الدائرة الواحدة، والحرص على تطابق الخواص، ولا سيما من لهم تجارب سابقة، وهذا ما قد يعزز تمثيلهم في البرلمان.

حرب: الزهاوي كان أحد شموع مدينة بغداد لفترة طويلة - الجزيرة نت
حرب يرى أن السنة ستكون لهم حظوظ أوفر في مقاعد البرلمان المقبل وفقا للقانون الجديد (الجزيرة نت)

آمال كبيرة
ووفقا لتلك الحسابات، أكد العاني أن للسنة على الورق حظوظا كبيرة في استعادة تمثيلهم حتى على مستوى مناطقهم بمحافظات الجنوب ذات الأغلبية الشيعية، إضافة إلى ما سيمثله اعتماد البطاقة البيومترية حصرا للتصويت في الحد من التزوير، فضلا عما سيؤديه الموطنون من دور في استلام بطاقاتهم.

إعلان

وتعقيبا على ذلك أكد الخبير القانوني طارق حرب -للجزيرة نت- أن تقسيم الدوائر الانتخابية في القانون الجديد سيسهم باستعادة حظوظ السنة كما في السابق وربما أكثر، لأنه ليس هناك من يزاحمهم في مناطقهم، إضافة إلى أنهم تمكنوا من رسم دوائر مناطقهم وفق ما يناسبهم.

واختتم حرب قائلا إن ما تم تعديله في قانون الانتخابات بخصوص الترشح الفردي وتحديد شكل الدوائر من حيث العدد والحدود الجغرافية لكل محافظة، سيحدد بدوره المرشحين كلّ في منطقته، وسيمنع الزحف باتجاه الآخرين، فضلا عن منع تحويل الأصوات من قادة الكتل وأصوات الكتل إلى باقي المرشحين كما كان في القانون السابق، وهذا ما سيحصر صعود المرشح بحدود ما يحققه في منطقته، مما قد يتيح فرصة لصعود شخوص سنة جدد بعيدا عن منافسة الآخرين لهم بمناطقهم.

المصدر : الجزيرة

إعلان