مسجد الفرقان في مدينة جادو.. منارة للعلم وجوهرة العمارة الإسلامية في ليبيا
مسجد الفرقان في ليبيا تلفت الأنظار في واجهته وداخله الزخارف الإسلامية المنقوش عليها آيات قرآنية وزخارف نباتية بدقة عالية، ويشبه كثيرا في شكله مساجد المغرب.
طرابلس – ينفرد مسجد الفرقان في مدينة جادو فوق سفوح جبل نفوسة غربي ليبيا بنقوشه الإسلامية على الطراز المغربي واكتسابه أهمية بالغة لدى سكان الجبل من الأمازيغ.
وتلفت الأنظار الزخارف الإسلامية في واجهة المسجد وداخله المنقوش عليها آيات قرآنية ونقش نباتي صمّم بدقة عالية، ويشبه كثيرا في شكله المساجد في مدن المغرب.
وبالوقوف على تفاصيل الزخرفة الإسلامية بالمسجد ترى طراز العمارة الحديث المتناسق مع الأصالة والجمال ودقة التصميم وروعة الحجارة المستخدمة في بناء المسجد.
ويعدّ مسجد الفرقان في جادو صرحا عمرانيا فريدا وأحد أكبر المساجد في مدن جبل نفوسة حيث شيّدت أعمدة مزخرفة بشكل حديث لا تعتمد على مادة بناء واحدة في مظهر هندسي إسلامي رائع.
ورغم حداثة إنشائه وافتتاحه عام 2006 فإن سكان الجبل يحتفظون للمسجد بمكانة عالية لكونه امتدادا أصيلا للهوية الأمازيغية الممتدة في دول شمال أفريقيا.
ويتكون المسجد من ساحة كبيرة للصلاة يوم الجمعة وفي المناسبات الدينية ويحتوي على فصول لتعليم القرآن الكريم ودروس في الشريعة.
تفاصيل البناء
أوضح أحمد الساحلي أحد القائمين على مسجد الفرقان أن المسجد بني بعد إزالة المسجد القديم، فبدأت أعمال إنشاء المسجد عام 2003 وافتتح عام 2006.
وتابع الساحلي قوله للجزيرة نت "والدي رحمه الله كان متعلقا بالنقوش الإسلامية الأندلسية ولذلك بنى هذا المسجد على الطراز الأندلسي المغربي بمواصفات دقيقة".
وصرح الساحلي للجزيرة نت بأن فريقا فنيا من المهندسين والمتخصصين في الديكور والعمارة الإسلامية جاء من دولة المغرب إلى ليبيا لبناء المسجد وفقا لأدق التصاميم والنقوش الإسلامية، ثم أُرسلت مواد المشروع البناء من المغرب لانطلاق أعمال التشييد.
وأكد الساحلي أن مسجد الفرقان يتسع لنحو 1300 مصلّ في داخله، كما تسع ساحته الكبيرة عشرات آلاف المصلين في الخارج ويحظى بمتابعة أهالي المدينة والجبل عموما.
ومن بين ملحقات المسجد أكبر مكتبة إسلامية في المنطقة الغربية، وتضمّ وفقا للساحلي مجموعة كبيرة من كتب الشريعة الإسلامية في مجالات الفقه والحديث والمعاملات والتفسير.
وأفاد الساحلي بأن المسجد نسخة من مسجد "للا سكينة" في المغرب مع إضافة بعض الملحقات الأخرى المهمة من فصول دراسية لتعليم القرآن الكريم والفقه الإسلامي وشقق وصالات للمناسبات الدينية.
النقوش الأمازيغية
وأكد الشيخ يحيى العيدودي من مدينة جادو أن المسجد يحظى بأهمية لدى سكان المنطقة باعتباره مستوحى في نقوشه من الطراز المغربي الشبيه بالنقوش الأندلسية القديمة لأهل جبل نفوسة قبل مئات السنين.
وقال إن المسجد "يستقبل الوفود والزوار الذين يأتون إلى جادو فضلا عن إقامة المناسبات الدينية المهمة فيه التي تحظى بإقبال كبير من المواطنين".
وأضاف للجزيرة نت أن المسجد يتكون من ثانوية شرعية ومنارة كبيرة لتعليم القرآن الكريم وصالة تحت الأرض لإقامة المناسبات وساحة مفتوحة للصلاة إذا امتلأ المسجد، فضلا عن شقق لاستقبال الضيوف الزائرين للمدينة.
وأشار العيدودي إلى أن القائمين على مسجد الفرقان يهتمون بكل كبيرة وصغيرة في المسجد للحفاظ على هذه القيمة الفنية الرائعة في فن العمارة الإسلامية رغم أنه لم يحظ بمتابعة من الجهات المختصة في الدولة من حيث اعتباره منارة إسلامية تنشر روح التسامح والتآخي بين الليبيين.
صرح إسلامي فريد
بدوره، أكد عميد بلدية جادو السابق سعيد البدراني أن مسجد الفرقان يحظى بأهمية كبيرة لدى سكان جادو ومدن الجبل الغربي بشكل خاص باعتباره صرحا إسلاميا فريدا في ليبيا.
وأضاف البدراني "كل من يأتي إلى مدينة جادو لا بد من أن يزور مسجد الفرقان ليشاهد فن العمارة المتميز بالمسجد ويأتي هنا لالتقاط الصور التي تظهر النقوش الإسلامية الرائعة بالمسجد".
وأكد البدراني في تصريحه للجزيرة نت أن المسجد كان "شاهدا منذ أحداث الثورة الليبية عام 2011 على اجتماعات في إطار تحفيز المقاتلين وتشجيعهم بالإضافة إلى كونه مكانا لمساعدة المواطنين عبر المجلس المحلي السابق لمدينة جادو".
وأوضح البدراني أن المسجد شهد اجتماعات للمصالحة، من بينها اجتماع لمختلف ممثلي المدن الليبية الذين جاؤوا بعد اتهامات من السلفية في شرق ليبيا شملت أنصار المذهب الإباضي، فاجتمع المواطنون ولجان المصالحة والشيوخ بمسجد الفرقان لإرسال رسالة واحدة "أن كل الليبيين مسلمون ولا تفرقهم مذاهب أو فرق".
وأشار البدراني إلى أن مسجد الفرقان مقصد للجميع بالمدينة لأنه يتوسط مدينة جادو التي كانت مركزا مهما منذ الحكم العثماني عندما كانت قضاء فساطو، فضلا عن كون مسجد الفرقان واسعا ويسهل الوصول إليه كما أن بعض الناس يفضل الاجتماع بالمسجد لما تحمله المساجد من قيمة دينية للتسامح والعفو.