كسكسي البُرزقان.. أكلة العيد والاحتفاء بالربيع في الكاف التونسية

يرمز كسكسي البُرزقان إلى الاحتفال بنهاية أيام البرد القارس والجليد التي تمتاز بها منطقة الشمال الغربي التونسي، وإلى الاحتفاء بقدوم فصل الربيع وبحلول موسم الحصاد في المنطقة، وتعود جذوره إلى النوميديين الذين احتفلوا -حسب ما يُشاع- بإقامة دولتهم على أراضي مدينة الكاف بتحضير طبق "كسكسي البُرزقان".

 

ومن الأساطير التي رافقت هذا الطبق والتي يتداولها سكان محافظة الكاف إلى يومنا هذا، أن الفلاحين كانوا قديما يجمعون العمال ويقدمون لهم هذه الأكلة بوصفها طريقة للتعبير عن عرفانهم لهم بالجميل وكرمهم.

طبق فاخر

وبعد شهر من الصيام، تحتفي ربات البيوت الكافيات بقدوم عيد الفطر المبارك، وتدللن أفراد أسرهن صبيحة العيد بإعداد طبق "كسكسي البُرزقان" الفاخر لما يحتويه من مكونات باهظة الثمن ومغذية في الآن ذاته.

الشيف التونسية فاتن كرير صاحبة 15 سنة خبرة في المطبخ التونسي والمغربي والشرقي والفرنسي والإيطالي، تقدم للجزيرة نت مكونات وطريقة إعداد هذه الأكلة التونسية التقليدية الشهيرة والتي تختص بها تحديدا محافظة الكاف.

الكسكسي ومكوناته

يرتكز "كسكسي البُرزقان" أساسا على مادة الكسكسي التي يُحبذ أن تكون يدوية الصنع، وعلى لحم العلوش (الضأن)، ولا يُطهى إلا به، ويُفضل استعمال قطع لحم الكتف والزعفران -الذي يُوضع في قليل من الماء حتى يعطي لونا جذابا- وملح وفلفل أسود وإكليل وحليب ساخن وزبدة.

وبالنسبة لمكونات التزيين، فتضم الفواكه الجافة من لوز وفستق وبوفريوة (بندق) ودقلة (نوع من التمر) وزبيب.

طريقة الطهي

قبل البدء في مرحلة طهي الكسكسي، لا بد من تسخين الفواكه الجافة قليلا أو قليها في قليل من الزبدة حسب الرغبة، ثم نضع قليلا من زيت الزيتون في إناء كبير، ونسخّنه جيدا ثم نضيف له قطع اللحم مع الزعفران وقليل من الملح والفلفل الأسود، ونتركها لبعض الوقت.

بعد ذلك، نضيف كمية من الماء الساخن والإكليل الذي يعطي نكهة خاصة للحم الخروف، ونتركه حتى يُطهى جيدا، ثم ننتقل إلى الكسكسي الذي نقوم برشه بقليل من زيت الزيتون ونخلطه جيدا ثم نضيف عليه قليلا من الماء الدافئ، ونتركه حتى يفور.

عندما يصبح اللحم جاهزا نقوم بتصفية مرقه ونضيف له الحليب الدافئ ثم نسقي به الكسكسي بعد فورانه ونضيف عليه قليلا من الزبدة ونقوم بخلطه جيدا ونتركه حتى يمتص المرق جيدا.

التزيين والتقديم

نصل إلى مرحلة التزيين، ونبدأ بوضع الكسكسي في طبق من الفخار على شكل هضبة صغيرة -والفخار من أساسيات تقديم أكلة الكسكسي في تونس بمختلف أنواعها- ونضع في أعلى قمة الطبق قطع اللحم ثم نزين أطرافه بالدقلة التي قمنا بتقطيعها ونغطي بعدها الطبق بالفواكه الجافة وأخيرا ولإضافة لمسة فنية نضيف غصنا صغيرا من الإكليل.

يُقدم طبق "كسكسي البُرزقان" أثناء موعد الغداء مع اللبن أو الحليب الرائب البارديْن، علما أنه ليس من الأكلات اليومية نظرا لغلاء أسعار مكوناته.

ويحرص أهالي مدينة الكاف على إحياء تراثهم الغذائي والمحافظة عليه من الاندثار، حيث خصصوا له مهرجانا سنويا يدعى "خَرْجَةْ (خروج) مَيو" (مايو/أيار) الذي يقام في منتصف هذا الشهر، حيث يخرجون إلى الطبيعة احتفالا بدفء الربيع ويجمعون أغصان النباتات والزهور البرية ويعلقونها في مداخل المنازل تفاؤلا بقدوم موسم الحصاد.