مدينة معان الأردنية.. إرث تاريخي وديني وآفاق سياحية
رائد عوّاد-معان/الأردن
لطالما اعتبرت معان في جنوب الأردن -التي أنشئت مع قوافل الحجاج والتجار مركز ثقل تجاري تتوسط بلاد الحجاز واليمن والشام وأهم مدن الحجيج والتجارة مع مكة المكرمة إلى حين العهد العثماني، فقد بنيت فيها قلعة وسكة قطار حديدية كانت تصل إسطنبول بمكة المكرمة. وهي المدينة الأولى التي دخلت الإسلام من خارج الجزيرة العربية.
وكان أمير المدينة الغساني في ذلك الزمان فروة بن عمرو الجذامي أول صحابي يعتنق دعوة الإسلام في بلاد الشام، وقتل بسبب ذلك على أيدي الرومان الذين كانوا يسيطرون على جنوب الأردن وكان إحدى أسباب حدوث معركة مؤتة التاريخية كأول التحام بين قوة الإسلام والروم في ذاك الزمان.
تعاقبت على المدينة التاريخية حضارتا الأنباط العربية والرومان جنوب الأردن، وفيها الكثير من البرك الرومانية وأخاديد الماء المحفورة في الصخور، وكانت واحة في الصحراء، وسميت "معان" لكونها بيتاً للماء الوفير الذي يزخر بعشرات العيون.
ويشير ياسين إلى أن القلعة كانت توازي محطة قطار ضخمة -هي الأكبر مع دمشق في بلاد الشام لاستقبال الحجاج والتجار من مختلف البلدان- غير أن الزائر يلحظ كيف كانت المدينة والمحطة الحجازية تعجّ بالسكان منذ أوائل القرن الماضي في رحلتي الحج والتجارة ليتفاجأ بعد ذلك أن سكتها الحديدية صارت متآكلة بسبب الصدأ وباتت مرتعاً للحيوانات البرية والكلاب الضالة.
محطة حجاج
يقول نعيم الشمري -أحد وجهاء معان وتجارها الأقدمين- إن المدينة كانت في عهده مليئة بالمياه وكان الحجاج يقدمون المدينة للراحة على مدار يومين قبل الانتقال إلى الديار الحجازية لأداء الحج والعمرة في رحلة تستغرق أربعة أشهر قبل إنشاء القطار الحديدي.
ويستحضر ذكرياته مع القطار، ويقول إنه كان الوسيلة الوحيدة التي تقوده إلى دمشق من أجل التجارة في رحلة تستغرق يوماً واحداً فقط مما انعكس إيجاباً على انتعاش الحركة التجارية في بلاد الشام -معان تحديداً- التي كانت تمثل مركزاً تجارياً هاماً بين مكة ودمشق وصولاً لليمن.
ويشير إلى وجود محاولات أردنية حثيثة خلال الفترة القادمة لإعادة الحياة للمدينة وتحويل القلعة التاريخية إلى متحف تراث عالمي يؤرخ لها من عهد حضارة الكنعانيين وحتى الوقت الحالي، وذلك بالنظر إلى أهميتها السياسية، ولطالما اعتبرت مركز تأسيس المملكة منذ عهد المؤسس عبد الله الأول مطلع القرن الماضي.
وفي المقابل، يرى بعض أهالي معان أن هذه الجهود متأخرة لوضع المدينة على خارطة السياحة العالمية وإدماجها على مسار مدينتي البتراء ووادي رم، ويأملون أن ينعكس ذلك إيجاباً على الحد من نسب البطالة والفقر.