طائرات وقوارب وسيارات ذاتية القيادة في الأولمبياد التونسية للروبوت
خديجة بن الحاج حميدة-تونس
لم تمنع الساعة المتأخرة نسبيا وحالة الطقس الباردة والإنهاك بعد يوم دراسي طلبة المدرسة العليا للعلوم والتكنولوجيا بمدينة حمام سوسة (بالوسط الشرقي لتونس) من الالتقاء في قاعة متواضعة تتوسطها طاولة مليئة بقطع الغيار والتجهيزات البسيطة.
اقتربنا من عالمهم المتواضع والثري في الوقت ذاته، إذ بدت معدّاتهم بسيطة ولكنّ أفكارهم كانت تدلّ على طموح ورغبة في التطوير. فهؤلاء الشباب هم الأعضاء المؤسسون لنادي الروبوت "آيروتاك" بالمدرسة، وقد نجحوا مؤخرا في تنظيم مسابقة وطنية كبرى هي الأولمبياد الوطنية للروبوتيك.
ثراء مواضيع المسابقات
الأولمبياد الوطنية للروبوتيك -في نسختها الثانية- كانت قد انتظمت في شهر فبراير/شباط الماضي وشارك فيها نحو ستمئة فريق من جميع أنحاء تونس في ثمانية تحديات، منها اثنان موجّهان للصغار دون 16 سنة والبقية للكبار.
جاء حجم المشاركة في هذه المسابقة ليعكس الاهتمام المتزايد بعالم الروبوتات في تونس من قبل شرائح عمرية مختلفة، فكرة تؤكدها أيضا إبتسام الحطاب لموقع الجزيرة نت، وهي طالبة تدرس الإعلام ومن الأطراف المنظمة للتظاهرة.
وتشير إبتسام إلى أن المسابقة ضمت اختصاصات عديدة، من ذلك "إنترنت الأشياء"، وروبوتات القوارب ذاتية القيادة، وسباق بين طائرات دون طيار هو الأول من نوعه في تونس، وسباق للتحكم في سيارات مجهزة بكاميرات لاجتياز العقبات وغيرها من التحديات.
وتضيف إبتسام أنّ هذه المسابقة تبقى عيّنة من المسابقات المختصة بمجال صناعة الروبوتات في تونس والتي يبقى هدفها الأسمى هو تعزيز التواصل وتبادل الأفكار بين الخبراء والباحثين من جهة وجيل الهواة من جهة ثانية وكذلك تشجيع الشباب على إنشاء المشاريع في مجال صناعة الروبوتات بمختلف أشكالها.
يستقطب الشباب والأطفال
يستقطب مجال الروبوتات الشباب والأطفال في تونس، حيث تحدثنا ياسمين الميلي -وهي مهندسة في مجال الإعلام- في تصريح للجزيرة نت عن تجربتها في مجال نوادي الأطفال والشباب المختصة في الروبوتية.
وقالت ياسمين إن التجربة كانت ثرية وواعدة، مشددة على أن تعلّم صناعة الروبوتات لا يرتبط بسن معيّنة، مؤكدة أن النوادي تفسح المجال واسعا للأطفال من أجل إشباع فضولهم وممارسة شغفهم بالاكتشاف.
من ناحيته أكد مروان بن سمينة -وهو طالب في مجال الهندسة الإلكترونية الميكانيكية ومؤسس "نادي الروبوتات الغواصة" (under water technologies club) بنابل (بالشمال الشرقي)- أنه اختار التوجه نحو صناعة الغواصات الآلية ذات مهمات المراقبة والاستكشاف، وهي تكنولوجيا لا تزال غير منتشرة في تونس بشكل كبير عكس بقية أنواع الروبوتات.
ويشير إلى بعض الصعوبات التي تتخلل نشاطه في صنع هذه الروبوتات من ذلك قلة الدعم وصعوبة الحصول على قطع الغيار وارتفاع كلفتها، فضلا عن العراقيل البيروقراطية.
صناعة الروبوتات ومجالات التأطير
أنيس السحباني أحد الكفاءات التونسية، متخرج في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وحاصل على الدكتوراه من جامعة تولوز بفرنسا، اختار العودة إلى الوطن والاستقرار فيه منذ 2013 وأسس أول شركة في العالم العربي وفي أفريقيا مختصة في صناعة الروبوتات "إينوفا روبوتيكس Enova Robotics".
خبرة السحباني في المجال جعلته يتنبه إلى أن النوادي والجمعيات المهتمة بالروبوتيك في تونس تفتقد إلى هيكل موحّد ينسق بينها ويحل مشاكلها. لذلك بادر بتأسيس الجمعية التونسية للروبوتية في أكتوبر 2018 التي تستهدف تعزيز تقنيات الروبوتية وتطويرها وتعزيز التعاون والتبادل مع الشركات والهيئات الوطنية والدولية الناشطة في المجال.
ويعترف أنيس أنّ من المعضلات الكبرى التي ترافق صناعة الروبوتات في تونس، نقص التأطير وترسخ عقلية الهواية التي تنعدم معها الاستمرارية، فضلا عن ضعف المسابقات التي بقيت -حسب رأيه- تكرر نفسها شكلا ومضمونا، وقلة الدعم المادي من الدولة.
ويأمل أنيس في تأسيس شعبة جامعية قائمة بذاتها لتدريس صناعة الروبوتات، مؤكدا أن هذه المسألة ستساعد كثيرا في الانتشار الأفقي والرأسي لهذه الصناعة وتطويرها.