أخطاء يرتكبها رواد الأعمال عند البحث عن ممولين

midan - work
دخول عالم الأعمال والبدء بمشروع ما ليس بالأمر السهل، المسألة أشبه بكونك تدعو المشكلات والصعوبات لزيارتك واستضافتها في مكتبك، وليس استضافتها وحسب بل يتعدى ذلك إلى تحدي تلك المشكلات والصعوبات والتغلب عليها وإبراز تفوقك وامتيازك، عبر استعراض مهاراتك الإدارية والتنظيمية وما تتميز به من قدرات في التفاوض والإقناع والتأثير واتخاذ القرارات، كل ذلك في سبيل النجاح بمشروعك والوصول إلى هدفك الذي تسعى له.


من ذلك يتبين بوضوح أن عالم الأعمال يحتاج إلى حنكة ودراية ليس من السهل اكتسابها للتغلب على تحديات المجال وصعوباته، وربما إيجاد الممولين المناسبين للمشروع أو الشركة التي نعمل عليها هي أحد أصعب الأمور والمهمة الشاقة لبدايات العمل. بالتأكيد أنت تعرف أن المستثمرين ليسوا هم أصحاب الأيادي البيضاء ليكونوا على استعداد لتمويل فكرة أو مشروع لا يؤمنون به ولا يكونون واثقين من أن الأرقام التي أنفقوها سترتد إليهم مضاعفة، وإلا لن يكونوا مستعدين حتى لسماع وجهة نظرك حول المشروع الذي تعمل عليه.

                           

الأخطاء التي يرتكبها رواد الأعمال المبتدئون وحتى غير المبتدئين كثيرة، وكثيرا ما تتشابه وأحيانا تختلف، هنا سنلقي الضوء على مجموعة من أبرز الأخطاء التي ترتكب عند البحث عن ممولين، وعند السعي للحصول على السيولة اللازمة للوصول بالمنتج أو الخدمة إلى السوق.

  

تلميع الفكرة على حساب الإستراتيجية
الإستراتيجية هي العامل الحاسم في نجاح أو فشل مشروع ما، فالكثير من المشاريع التي تمتلك فكرة منتج رائعة تفشل بسبب الإستراتيجية الرديئة، والعكس صحيح
الإستراتيجية هي العامل الحاسم في نجاح أو فشل مشروع ما، فالكثير من المشاريع التي تمتلك فكرة منتج رائعة تفشل بسبب الإستراتيجية الرديئة، والعكس صحيح
         
"جميعنا في لحظة ما قد نمتلك فكرة رائعة وفريدة لم يسبقنا إليها أحد من قبل، هذه الفكرة قد تكون بمنزلة الشغف الحقيقي لنا وتدر دخلا يجعلنا من كبار رواد الأعمال المستقبليين"، كل هذا الكلام ليس له أي قيمة إذا لم يكن مصحوبا برؤية واضحة ومعقولة لكيفية تنفيذ تلك الفكرة العظيمة، وهذا ما يسميه المستثمرون الإستراتيجية أو خطة العمل.(1)
    

المستثمر يعرف جيدا أن الإستراتيجية هي العامل الحاسم في نجاح أو فشل مشروع ما، فالكثير من المشاريع التي تمتلك فكرة منتج رائعة تفشل بسبب الإستراتيجية الرديئة، والعكس صحيح، كم من المشاريع تنجح بسبب إستراتيجيتها الجيدة على الرغم من أن فكرة المنتج التي تعمل عليها ليست بتلك التميز.(2)

       

وبالتالي من الضروري عندما يبحث رائد الأعمال عن تمويل لمشروعه أو منتجه أو فكرته أو أيًّا يكن ما يعمل عليه أن يمتلك إستراتيجية مبنية على خطة تنفيذية واضحة وأسس سليمة تقنع المستثمر بأهلية هذه الفكرة لتكون منتجا ملموسا على أرض الواقع، وليست مجرد فكرة براقة دون دراية بما ستكون عليه أو ما ستؤول إليه.

          

خطة العمل الجيدة تمنح المستثمر صورة كاملة عن وضع المشروع وإلى أين يتجه وكيف يعمل للوصول إلى الأهداف المحددة، فضلا عن دراسة مستفيضة للسوق وآليات التسويق وتحليل المنافسين والمخاطر والعمليات والوضع الإداري، هذا بالإضافة إلى الإنتاج أو الخدمة التي ستقدم وكل ما يتعلق بها من البداية حتى الوصول إلى الجمهور المستهدف.(3)

              

التركيز على الأهداف والإنجازات التي سيحققها المشروع بما حصل عليه من تمويل أهم بكثير من الانشغال بالفترة التي يمكن لهذا التمويل تشغيل المشروع فيها
التركيز على الأهداف والإنجازات التي سيحققها المشروع بما حصل عليه من تمويل أهم بكثير من الانشغال بالفترة التي يمكن لهذا التمويل تشغيل المشروع فيها
   

بالتأكيد هناك أجزاء من خطة العمل تهم المستثمر أكثر من أجزاء أخرى أو بالأحرى تساهم أكثر في تشكيل وجهة نظر الممول، من الضروري أن نولي هذه الأجزاء تركيزا أكثر من حيث التعمق في دراستها والبحث فيها وصياغتها بأفضل شكل ممكن في سبيل تقديم الصورة المناسبة للمستثمر، هذه الأجزاء قد تشمل التقنيات المتبعة للحد من الإنفاق ريثما الوصول إلى نموذج ربح واضح ووضعية المشروع بين المنافسين الآخرين والقيمة المضافة إلى المنتج وما إلى ذلك.

        

القياس بالوقت وليس بالإنجازات
أحد أكثر الأمور التي تستفز المستثمرين خلال اجتماعاتهم مع إدارات المشاريع الناشئة ورواد الأعمال المبتدئين هو أن المديرين المستجدين يركزون على الفترة التي يمكن لقيمة التمويل التي طلبوها أن تشغلهم، وكأنهم سيستمرون بالاعتماد على المستثمرين بتمويلهم إلى ما لا نهاية. فيذكر المديرون أن هذا الرقم من التمويل سيكفيهم لفترة سنة مثلا من الآن قبل جولة التمويل الثانية، في حين أن الممول يريد سماع الإنجازات التي يمكن تحقيقها بقيمة التمويل الذي سيقدمه.(4)
              

لذلك فإنه من الضروري لمدير الشركة الناشئة أن يبين للمستثمر ما الذي سيحققه من جراء جولة التمويل هذه قبل أن يعود ليطلب جولة تمويل ثانية. من الأفضل للشركات الناشئة أن تركز على الـ "Milestones" التي ستحققها بين فترة وأخرى والأهداف التي ستصل إليها، وهذا ما يريده المستثمر، وإلا لن يقدم تمويلا دون أي خطة واضحة يعرف من خلالها ما الأهداف التي ستحققها الشركة بناء على المال الذي ضخه كسيولة.

      

التركيز على الأهداف والإنجازات التي سيحققها المشروع بما حصل عليه من تمويل أهم بكثير من الانشغال بالفترة التي يمكن لهذا التمويل تشغيل المشروع فيها، هذا يساعد على طمأنة المستثمر ويمنحه دافعا للوثوق بالمشروع الذي يضخ أمواله فيه.

           

التقدير الخاطئ للميزانية
undefined
         
في الغالب ينتج هذا الخطأ عن سوء تقدير وقلة خبرة من مديري المشاريع الناشئة الذين يبحثون عن ممولين لمشاريعهم تلك. حتى لو قدمت إستراتيجية ممتازة لمشروعك وبيّنت في رؤيتك الأهداف التي ستحققها عقب جولة التمويل فإنه ستكون هناك مشكلة كبيرة في حال أسأت تقدير الميزانية التي تحتاجها لمشروعك خلال الفترة المقبلة، وهذا سيؤثر بدوره على ثقة الممول بالمشروع وإمكانية حصولك على التمويل أساسا.(5)
          

من الضروري للشركة الناشئة إعداد خطة ميزانية دقيقة لكل التكاليف المطلوبة خلال الفترة المقبلة عليها من خدمات تسويق وعلاقات عامة وموارد بشرية وتكاليف إنتاج وغير ذلك من الأمور التي يحتاجها سير العمل، حتى تتوصل إدارة المشروع في النهاية إلى ميزانية دقيقة لما تريده من الممول.

      

فضلا عن ذلك فإن الممول ستكون لديه الخبرة اللازمة والكافية بناء على خبرته الطويلة في عالم المال الأعمال والتي ستمكّنه من معرفة القيمة الفعلية التي يحتاجها المشروع الذي يُعرض عليه، مما يعني أن أي خطأ ولو صغيرا في تقدير الميزانية من قِبل الشركة الناشئة سينعكس بالسلب على قرار الممول وثقته بالمشروع وإدارته.

       

تعامل خاطئ مع الانتكاسات
هذا الأمر يتعلق بما بعد التمويل أو على الأقل جولة التمويل الأولى، كل الشركات والمشاريع على الإطلاق لديها إستراتيجيات وخطط وتعرف جيدا ما تكسبه وما تخسره والالتزامات والحاجات وإلى أين تسير. ولكن عندما يتعلق الأمر بالشركات الناشئة حديثة العهد والتي لم تمتلك بعد نموذج ربح واضحا، من الصعب لمثل هذه المشاريع أن تسير تماما وفق الخطة المرسومة لها في كثير من الأحيان(6). وبالتالي الجهة الممولة تعرف هذا جيدا وتتوقع الانتكاسات والعقبات في مسيرة المشروع، عندها تقع المسؤولية على عاتق الإدارة لتُحسن التصرف في إدارة الأزمات والانتكاسات عند حصولها.
         
عملية إقناع المستثمر لا تتم بمجرد الكلام والحديث عن الفكرة التي نمتلكها أو مدى حاجاتنا إلى التمويل، وإنما من الضروري إقناع المستثمر من خلال عرض لخطة عمل محكمة تسعى لتحقيق أهداف واضحة خلال فترة زمنية محددة
عملية إقناع المستثمر لا تتم بمجرد الكلام والحديث عن الفكرة التي نمتلكها أو مدى حاجاتنا إلى التمويل، وإنما من الضروري إقناع المستثمر من خلال عرض لخطة عمل محكمة تسعى لتحقيق أهداف واضحة خلال فترة زمنية محددة
     

يهم المستثمر في مثل هذه الحالات أن تتواصل إدارة المشروع معه بشكل واضح وصريح وتُعلمه بالأمر الواقع وتبين له بكل شفافية لماذا حصل ذلك، وإذا ما كانت هناك أية أخطاء ارتكبتها الإدارة عن قصد أو غير قصد، ولماذا سارت الأمور على غير ما هو محدد بخطة عمل الشركة.

   

مثل هذه التصرفات تزيد من ثقة المستثمر بالمشروع وإدارته وتجعله أكثر تمسكا به حتى لو لم يصل إلى الأهداف التي حُدّدت خلال جولة التمويل، فالممولون يهمهم أيضا التعامل مع فرق عمل ذات كفاءة تعرف كيف تُسيّر الأمور وفق ما يجب حتى في الحالات الطارئة بمقدار ما يهمهم جودة المشروع والإستراتيجية التي يعمل وفقها.

   

أخيرا، من الجدير بالذكر أن عملية الحصول على تمويل لمشروع ناشئ ما زال في بداياته وربما دون رؤية واضحة بعد هو موضوع صعب في الحقيقة وخاصة على رواد الأعمال المبتدئين الذين يرتكبون ذات الأخطاء، لذا من الضروري التذكير هنا أن عملية إقناع المستثمر لا تتم بمجرد الكلام والحديث سواء عن الفكرة التي نمتلكها أو عن مدى حاجاتنا إلى التمويل للقيام بالعمل، وإنما من الضروري إقناع المستثمر من خلال عرض لخطة عمل محكمة تسعى لتحقيق أهداف واضحة خلال فترة زمنية محددة. يمكنك اعتبار هذا الأمر بمنزلة وصفة يستخدمها رواد الأعمال المحنّكون لإقناع المستثمر والظفر بالكعكة التي يريدون.

     

من الضروري أن تجعل المستثمر يتخيل نجاح مشروعك أمامه بناء على التوصيف الدقيق الذي تقدمه سواء في إستراتيجية العمل أو الإنجازات التي ستحققها أو تقديرك الصحيح للميزانية، وتترجم هذا إلى آلية تواصل ناجحة وفعالة تؤكد له من خلالها على أهليتك وجدارتك بالثقة.

المصدر : الجزيرة

إعلان