أسرار الملح الأخضر.. كنز صحي ومذاق فريد
يقوم ملح الطعام بأدوار أساسية في الطهي، غير أن تناول أكثر من 2300 مليغرام يوميا أو ما يعادل ملعقة صغيرة منه، قد يشكل خطرا على صحة القلب وضغط الدم، وفق إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
ولتحقيق التوازن بين النكهة وصحة الجسم، اتجه البعض في السنوات الأخيرة إلى استبدال ملح الطعام التقليدي واستعمال ملح آخر منخفض الصوديوم يعرف بـ"الملح الأخضر".
ما الملح الأخضر؟
هو ملح نباتي لونه أخضر، يتم تصنيعه عن طريق تجفيف نبات الساليكورنيا وطحنه وتحويله إلى مسحوق، وينمو هذا النبات -الذي يعرف أيضا بالعديد من الأسماء الأخرى مثل فاصوليا البحر أو الهليون البحري أو السامفير- بشكل طبيعي في مصبات الأنهار والمستنقعات المالحة حول العالم، ويمكن أن ينمو في الأراضي ذات الملوحة العالية وغير الصالحة لزراعة معظم النباتات.
يُعرف نبات الساليكورنيا منذ قرون في آسيا وأوروبا، حيث تم تناوله مطهوا على البخار في أوروبا، وتزداد شعبيته في الطب التقليدي الكوري لتحسين الهضم وعلاج مرض السكري ويؤكل طازجا أو مطبوخا أو مجففا، وفي القرن السابع عشر كان البحارة يتناولونه لاعتقادهم أنه قد يعزز مناعتهم.
يتفق هذا الاعتقاد بالفعل مع البحث العلمي حول الفوائد الصحية لنبات الساليكورنيا وملحه الأخضر، فهو يحتوي على نصف كمية الصوديوم الموجودة في الملح العادي فقط، ومليء بكميات من الألياف (20%) والبروتين (11%)، اللذين لا يمكن العثور عليهما في الملح العادي.
كما أنه غني بفيتامين "ب 3″ و"فيتامين ج" والمغنسيوم والكلوروفيل والبوتاسيوم (مستويات البوتاسيوم في الملح الأخضر لا تتجاوز 10 مليغرامات لكل 1.5 غرام، وهو ما يعد آمنا لمن يعانون من أمراض الكلى)، كذلك يحتوي على اليود الطبيعي بنسبة 0.27 ميكروغرام لكل 1.5 غرام، مما يجعله مكملا جيدا لنظام غذائي متوازن.
طعم الملح الأخضر
يعد الملح الأخضر بديلا للملح دون التأثيرات السلبية المحتملة لبدائل الملح الأخرى وله نكهة مميزة يمكن أن تعزز أطباقك، وينقل موقع "وومنز وورلد" عن اختصاصية التغذية كيسي كوستا أن الملح الأخضر يتمتع بطعم مالح بدرجة كافية لاستخدامه بديلا لملح الطعام العادي، وهو ملح قليل الصوديوم، إذ يحتوي على نصف كمية الصوديوم الموجودة بالملح العادي.
وتوضح كوستا أن كل نصف ملعقة من الملح الأخضر يحتوي على حوالي 280 ملغم من الصوديوم مقارنة بـ1150 ملغم موجودة في الكمية نفسها من ملح الطعام التقليدي، وأضافت: يتمتع الملح الأخضر أيضا بنكهة "أومامي" تشبه نكهة المأكولات البحرية بفضل أصوله النباتية البحرية، كما يتميز بلون أخضر مميز بفضل وجود الكلورفيل، مما أدى إلى زيادة شعبيته مؤخرا في عالم الطهي.
طريقة استخدامه
يمكن استخدام الملح الأخضر بديلا للملح العادي في الوصفات المختلفة، ويوصي ريك ميندرمان مدير متجر "كورتي براذرز" للأغذية في كاليفورنيا باستخدامه يوصفه ملحا نهائيا قبل تقديم الأطباق مباشرة، مبررا أنه قد يضفي صبغة خضراء خفيفة على طعامك. ويضيف ميندرمان لموقع "إيتنج ويل": يمكن رشه فوق الأرز أو المأكولات البحرية أو الخضروات المشوية أو العدس والحمص وغيرها للحصول على نكهة مالحة ولذيذة.
ووفق موقع "هيلث دايجست"، فإن الملح الأخضر لا يذوب تماما، وبالتالي فهو ليس خيارا مناسبا لتطرية الدجاج أو اللحم البقري، ورغم أنه مثالي لإضفاء اللمسات الأخيرة وإضافة نكهة وجاذبية بصرية، فإنه يمكن استخدامه أيضا في الطهي، بدءا من السلطات والمأكولات البحرية إلى اللحوم والخضروات المشوية والحساء واليخنات، كذلك يمكن أن يضفي الملح الأخضر شكلا جماليا على المخبوزات والمعجنات بفضل لونه الأخضر الطبيعي، مما يجعلها مناسبة للاحتفالات والأعياد.
ويضيف موقع "ديلي ميل" أن الملح الأخضر قد يكون بديلا مثاليا لصلصة الصويا في الوصفات المستوحاة من المطبخ الآسيوي، ويمكن أن يقلل بشكل كبير من محتوى الصوديوم في هذه الأطباق مع الحفاظ على النكهة القوية التي تمنحها صلصة الصويا.
كيف يعزز الملح الأخضر الصحة؟
يقدم ملح الساليكورنيا الأخضر العديد من الفوائد الصحية، وفي بحث نشرته دورية "الغذاء وتأثيره على وظائف الجسم" عام 2015، اختبر الباحثون آثار هذا الملح على ضغط الدم لدى الفئران، وقاموا بتغذية المجموعة الأولى من الفئران اعتمادا على ملح الطعام العادي، في حين اعتمدت المجموعة الثانية على نظام غذائي قائم على ملح الساليكورنيا بكميات تعادل مستويات الصوديوم نفسها.
كشفت النتائج عن التأثير السلبي لملح الطعام على قياسات ضغط الدم، في حين حافظت الفئران التي اعتمدت على نظام غذائي قائم على الساليكورنيا على ضغط دم صحي.
ويعتقد الباحثون في الدراسة أن المعادن الأخرى في الساليكورنيا (المغنيسيوم والكالسيوم والبوتاسيوم) قد يكون لها تأثير وقائي ضد ارتفاع ضغط الدم والآثار الضارة للصوديوم.
وقد ربطت دراسات إضافية تناول الساليكورنيا بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات ومضادة للسكري، ومنها دراسة نشرت عام 2009 في مجلة "الأغذية الطبية" وجدت أن مستخلص الساليكورنيا له خصائص مضادة للأكسدة في التجارب المعملية، كما أظهرت دراسة أجريت عام 2022 ونشرت في مجلة "مضادات الأكسدة" (Antioxidants) أن مضادات الأكسدة الموجودة في الساليكورنيا تتسم بفعاليتها في تقليل الالتهاب في بعض خلايا الدم البيضاء.
معايير ينبغي الانتباه إليها
قبل شراء الملح الأخضر ينبغي مراعاة ما يلي:
- ابحث عن الملح الأخضر الذي يتكون من أوراق الساليكورنيا المجففة بنسبة 100% من دون إضافة أي مواد كيميائية.
- تحقق من الملصق الخاص بالمنتج، إذ يوجد في الأسواق أنواع متعددة من الملح المصبوغ بألوان طبيعية أو غير طبيعية تعطيه اللون الأخضر، ولكنها ليست خيارا منخفض الصوديوم، مثل ملح هاواي المنقوع بالخيزران الأخضر، وملح البحر المنقوع في الشاي الأخضر، وهناك بعض أنواع من ملح البحر التي يتم خلطها بالزعتر والشبت والريحان أو الأعشاب البحرية.
- تأكد من المعلومات الغذائية للمنتج، مثل انخفاض نسبة الصوديوم، وتوفر العناصر الغذائية الأساسية مثل فيتامينات "أ" و"ب 3″ و"د"، بالإضافة إلى المعادن مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم والزنك.
- اختر الملح الأخضر المعبأ بشكل صحيح للحفاظ على نضارته وجودته، إذ يساعد التغليف المحكم على الحفاظ على النكهة الفريدة والعناصر الغذائية للملح.