ولادة اللوتس ليست الخيار الآمن لطفلك
يعد قطع الحبل السري وفصل المشيمة عن المولود من الممارسات التقليدية المتعارف عليها والسائدة في غرف الولادة بالمستشفيات والولادات المنزلية.
غير أنه وتحت مظلة السباق المجتمعي لاختيار ممارسات بديلة وأكثر طبيعية للولادة، ظهر اتجاه حديث يطلق عليه "ولادة اللوتس" أو "عدم قطع الحبل السري".
ما ولادة اللوتس؟
لا يتم قطع الحبل السري في ولادة اللوتس، وتظل المشيمة عالقة به، ويكون الطرف الآخر من الحبل مرتبطا بالمولود حتى يجف الحبل وينفصل بشكل طبيعي، قد تستغرق عملية الانفصال 5 إلى 15 يوما.
ترجع جذور هذه الممارسة إلى بضعة عقود مضت، عندما حاولت الأميركية كلير لوتس داي عام 1974، اتباع نفس نهج حيوان الشمبانزي الذي يترك صغيره ملتصقا بالمشيمة دون فصل حتى تجف وينفصل الحبل من تلقاء نفسه، وتصدرت هذه الطريقة عناوين الأخبار عام 2008، ومنذ ذلك الحين، تحاول المنظمات الطبية العالمية الحد من هذه الممارسة لعدم وجود أدلة علمية كافية تدعم فوائدها المزعومة.
معالجة المشيمة
تتطلب هذه الممارسة رعاية خاصة للمشيمة بعد الولادة، عادة ما يتم غسلها وتمليحها ووضعها في مصفاة لتصفية المياه والرطوبة مع الحرص على إبقائها بالقرب من المولود.
وتعتمد الأمهات اللاتي يلجأن إلى هذه الممارسة على منتجات تُستخدم في معالجة المشيمة وإخفاء رائحتها مثل الملح والزهور المجففة والزيوت العطرية والأعشاب كالخزامي وإكليل الجبل، كذلك يتم تغليفها بقطعة قماش أو توضع في حقيبة مخصصة، ويختار بعض الآباء لف المشيمة مع الطفل لتسهيل حملهما معا، ولم تتم دراسة أي من هذه الأساليب بشكل منهجي.
فوائد مزعومة
يعتقد أنصار هذه الممارسة أن المشيمة جزء من تكوين الطفل، وأن قطع الحبل السري قد يسبب صدمة نفسية للمولود، على الرغم من عدم وجود دليل علمي يدعم هذه النظرية، ويروج المؤيدون لولادة اللوتس مجموعة من الفوائد مثل:
- تعزيز الترابط بين الطفل والوالدين منذ اللحظات الأولى، إذ يوضع المولود الجديد على صدر أحد الوالدين لاستكمال خروج المشيمة والتي تستغرق من 5 إلى 30 دقيقة.
- تشجيع الوالدين على التصرف بشكل هادف مع أخذ الحيطة والحذر لضمان بقاء المشيمة بالقرب من المولود حتى لا تسحبه أو يُعرض لخطر إصابة الحبل السري، كذلك يتشاركان في حمل الطفل ومعالجة المشيمة، بما يعزز الترابط الأسري.
- تخفيف وطأة انتقال الطفل من رحم الأم إلى العالم الخارجي.
- تساعد المولود أن يكون أكثر هدوءا في الأيام الأولى.
- الانتقال الكامل لدم المشيمة إلى الطفل بما يوفر إمدادات إضافية من العناصر الغذائية التي تعزز صحته.
متى تكون ولادة اللوتس ضرورية؟
لا تدعم الأبحاث العلمية ولادات اللوتس، ولا توجد أدلة كافية توضح كيفية معالجة المشيمة والحفاظ عليها آمنة أو تجنب المخاطر التي قد يتعرض لها المولود قبل انفصالها، وبحسب موقع "هيلث لاين" قد تكون هذه الطريقة ضرورية فقط في حالات الولادة الطارئة، وفي ظروف تحول دون الرعاية الطبية السريعة، كحالات الولادة أثناء الأعاصير حيث تغمر المياة الشوارع ولا يمكن الوصول السريع إلى المستشفى، وفي هذه الحالة، فإن إبقاء المشيمة متصلة بالطفل قد يقلل من خطر حدوث مضاعفات، مثل خطر النزيف أو العدوى إذا تم قطع الحبل السري في ظروف غير مواتية.
هل ولادة اللوتس آمنة؟
أوصت الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد بالمملكة المتحدة عام 2008، في بيان لها، بعدم اتباع هذه الممارسة لنقص الأبحاث المتعلقة بالسلامة.
وأشار الدكتور باتريك أوبراين، المتحدث باسم الكلية الملكية إلى خطر إصابة المولود بالعدوى نظرا لأن أنسجة المشيمة تحتوي على الدم، وبمجرد توقف الحبل السري عن النبض (بعد حوالي 5 دقائق من الولادة) تتوقف الدورة الدموية بها، وتصبح مجرد نسيج ميت تستعمره البكتيريا ومعرض للتلوث بمسببات الأمراض التي من شأنها أن تضر بالرضيع وتصبح مصدرا للعدوى.
وحذرت الجمعية الأميركية لطب الأطفال في إحدى دراسات الحالة عام 2021 من احتمال التهاب السرة وتجرثم الدم مع عدم قطع الحبل السري، كما ربطت دراسة نشرتها دورية طب الأطفال وحديثي الولادة في تايوان عام 2017 بين ولادة اللوتس والتهاب الكبد الوليدي لعدم قدرة كبد الطفل على التعامل مع كمية الدم المنتقلة من المشيمة.
يُضاف إلى ذلك، احتمال ظهور رائحة كريهة بسبب تحلل المشيمة والحبل السري، وفي هذا الصدد، وبحسب موقع "سكبتيكال"، علقت طبيبة النساء والتوليد، جينيفر جونتر، أن ولادة اللوتس ليس لها أي فوائد طبية مثبتة حتى الآن، ولم يتم رصدها في أي من الثقافات، وأضافت، أنها تعادل وضع قطعة لحم نيئة بجوار مولودك الجديد لمدة أيام متواصلة.
ولادة اللوتس مقابل تأخر قطع الحبل السري
لا ينبغي الخلط بين ولادة اللوتس وتأخر قطع الحبل السري الذي أثبتت الأبحاث العلمية فوائده، إذ توصي المنظمات الطبية الكبرى بتأخير قطع الحبل السري، ومنها الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء التي توصي بالانتظار لمدة 30 إلى 60 ثانية على الأقل قبل ربط الحبل السري وفصله عن المشيمة، في حين توصي منظمة الصحة العالمية بالانتظار من دقيقة إلى 3 دقائق.
- وتشمل الفوائد الصحية لتأخير قطع الحبل السري:
- ارتفاع مستويات الهيماتوكريت (النسبة المئوية لحجم خلايا الدم الحمراء من إجمالي حجم الدم)، إذ يسمح التأخير بانتقال 80 إلى 100 مليلتر من الدم المتدفق من المشيمة إلى الدورة الدموية للرضيع.
- تحسين مخزون الحديد في الأشهر الأولى من عمر الطفل، والوقاية من فقر الدم الذي يعوق الأداء العقلي (يعاني ما يزيد على 40% من الأطفال دون الخامسة على مستوى العالم من فقر الدم).
- انخفاض معدلات الإصابة بالتهابات الأمعاء والقولون الناخر ونزيف الدماغ عند الأطفال الخدج بنسبة 50% تقريبا، وكذلك إنعاش الرضع المعرضين لخطر الإصابة بمتلازمة الضائقة التنفسية.