"المناطق الآمنة" أثناء الحروب تعريفها ونشأتها وأشكالها

213444 06: A United Nations Protection Force truck patrols the city December 1, 1994 in Tuzla, Bosnia-Herzegovina. When Bosnia declared its independence in March of 1992, the Bosnian Serbs set up local militias and established several autonomous regions warring with their Muslim neighbors. (Photo by Roger Lemoyne/Liaison)
المناطق الآمنة في البوسنة والهرسك لم توفر الأمان وأدت بالنهاية لارتكاب أكبر مجزرة في تاريخ أوروبا عام 1995 (رويترز)

مناطق تتفق على تحديدها أطراف النزاع أو تجبر عليها، وتهدف إلى الحفاظ على سلامة المدنيين الذين لا علاقة لهم بالنزاع المسلح، لحمايتهم وتجنيبهم الأعمال العدائية، وتؤطرها شروط يجب توفرها، وانتهاكها يعد انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

ولا يعني إعلان منطقة آمنة أن المدنيين آمنون فعلا، فقد تجلّى فشل هذه المناطق في حماية المدنيين خلال عدة حروب أولها تلك التي رسمها الفرنسيون لحماية المدنيين المهجرين في رواندا عام 1994، ثم عندما سيطر جيش صرب البوسنة على مدينة سربرنيتسا عام 1995، وفي قطاع غزة 2023/2024، عندما أعلن الاحتلال مناطق آمنة لنزوح الغزيين، لكنه قصفها وارتكب فيها مجازر راح ضحيتها الآلاف.

تعريف المناطق الآمنة

مفهوم "المناطق الآمنة" مصطلح غير رسمي في القانون الدولي، إذ لا تنص عليه الاتفاقيات الدولية، بل ذكرت مصطلحات أخرى قريبة منه، مثل "المناطق الطبية" أو "مناطق الاستشفاء" و"المناطق المحايدة" و"المناطق منزوعة السلاح"، ومنها:

ما ذكره مجلس الأمن في قراره رقم (819) في 16 نيسان/أبريل 1993 بأنها "مناطق محمية من الاعتداءات المسلحة، ومن كل عمل عدائي من شأنه أن يعرض سلامة وأمن السكان المدنيين للخطر. ويكون توجيه المساعدة الإنسانية للمدنيين فيها مضمونا".

وتعريف منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها "مناطق محددة تتفق أطراف النزاع المسلح على عدم نشر قوات عسكرية فيها أو تنفيذ هجمات عليها، وتنشأ بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي".

Henry Dunant
هنري دونان مؤسس الصليب الأحمر الدولي حاول إقامة ما يشبه المناطق الآمنة عدة مرات (غيتي)

ممهدات للمناطق الآمنة

ظهرت فكرة المناطق الآمنة عام 1870 أثناء الحرب الفرنسية البروسية على يد مؤسس الصليب الأحمر الدولي السويسري هنري دونان، الذي حيّد مدنا وخصصها لرعاية الجرحى من المحاربين، فكان ذلك أول شكل من أشكال مناطق الاستشفاء والأمان، لكنها لم تؤخذ على محمل الجد بسبب التطورات العسكرية.

وحاول دونان مرة أخرى تطبيق الفكرة خلال "تمرد كومونة" في العاصمة الفرنسية باريس عام 1871، عبر إنشاء مناطق لجوء للمدنيين.

ونَهَج الطبيب الفرنسي جورج سانت بول نَهْج دونان عام 1929، ورسم خطة لإنشاء مناطق آمنة بهدف توفير الحماية للمرضى من المدنيين إلى جانب الجنود والجرحى والمرضى من القوات المسلحة. وأنشأ بعدها بـ3 سنوات الرابطة الدولية لمدينة جنيف.

واجتمعت لجنة من الأطباء والمحامين في موناكو عام 1934، بهدف إعداد مشروع اتفاقية دولية تهدف إلى تنظيم احترام الحياة البشرية أثناء النزاعات المسلحة، وعرفت الوثيقة باسم "مشروع موناكو"، وتضمنت أحكاما تتعلق بمناطق الاستشفاء والمناطق الآمنة.

نشأة المفهوم

تعد اتفاقية جنيف الأولى حول "تحسين أوضاع الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان" عام 1923 أول نص تطرق إلى إنشاء مناطق وأماكن صحية، وفيما بعد أشارت اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 إلى إقامة مناطق آمنة بمسميات أخرى، لكن دون ذكر تعريف واضح لها في بنودها.

وكانت الحكومة الفرنسية أول من عرض مفهوما مبدئيا للمناطق الآمنة عبر تقرير اقترحت فيه على مجلس الأمن الدولي إنشاء مناطق آمنة في البوسنة والهرسك عام 1993.

وعرفت الحكومة الفرنسية المناطق الآمنة في مقترحها بأنها "منطقة محاصرة ضمن إقليم محدد، موضوعة تحت حماية الأمم المتحدة، تكون فيها المساعدة الإنسانية مضمونة، ويحظر فيها كل اعتداء". لكنها لم تحظ بموافقة النخبة العسكرية الفرنسية والأعضاء الدائمين في المجلس.

أعادت فرنسا صياغة مقترحها وقدمت فكرة لكيفية حماية المدنيين في يوغوسلافيا السابقة، وتركت لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة حرية اتخاذ القرارات بناء على إمكانيات الأمم المتحدة، مما نتج عنه قرار مجلس الأمن رقم 819، الذي دعا إلى إنشاء مناطق آمنة في يوغوسلافيا.

وحدد مفهوم المناطق الآمنة فيما بعد بقرار مجلس الأمن رقم (819) في 16 أبريل/نيسان 1993، وأعاد المجلس تأكيده في الرابع من يونيو/حزيران 1993، في قراره رقم (836)، ورقم (824) الذي أيد مضمون المقترح الذي قدمته الحكومة الفرنسية.

واعتبر المجلس أن مقترح فرنسا "يوفر قيمة" لا يجب اعتبارها غاية في حد ذاتها، إنما خطوة من الخطوات المفروضة خلال عملية محاولة التوصل إلى حل سياسي "عادل ودائم"، وأن المناطق الآمنة حل مؤقت للحيلولة دون تعرض المزيد من المدنيين للقتل والتشرد.

الغارات الجوية المكثفة على رفح ومدن جنوب قطاع غزة تكشف أكذوبة مزاعم اسرائيل عن المناطق الآمنة-رائد موسى-رفح-الجزيرة نت
إسرائيل قصفت مناطق في غزة كانت قد أعلنتها "مناطق آمنة" أثناء عدوانها على القطاع عام 2023 (الجزيرة)

المناطق الآمنة في اتفاقية جنيف الرابعة

أشارت اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 المتعلقة بـ"حماية المدنيين وقت الحرب"، إلى إقامة "مناطق آمنة" في المادة رقم 14، التي ذكرت أنه "يجوز للأطراف السامية المتعاقدة في وقت السلم، ولأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الـ15 من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة".

وتضيف أنه "يجوز للأطراف المعنية أن تعقد عند نشوب نزاع وخلاله اتفاقات فيما بينها للاعتراف المتبادل بالمناطق والمواقع التي تكون قد أنشأتها".

وذكرت في المادة رقم (15) أنه "يجوز لأي طرف في النزاع، أن يقترح على الطرف المعادي، إما مباشرة أو عن طريق دولة محايدة أو هيئة إنسانية، إنشاء مناطق محيّدة في الأقاليم التي يجري فيها القتال بقصد حماية الأشخاص المذكورين أدناه من أخطار القتال دون أي تمييز:
(أ) الجرحى والمرضى من المقاتلين وغير المقاتلين.
(ب) الأشخاص المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية ولا يقومون بأي عمل له طابع عسكري أثناء إقامتهم في هذه المناطق.
وبمجرد اتفاق أطراف النزاع على الموقع الجغرافي للمنطقة المحيدة المقترحة وإدارتها وتموينها ومراقبتها، يعقد اتفاق كتابي ويوقعه ممثلو أطراف النزاع. ويحدد الاتفاق بدء تحييد المنطقة ومدته".

أنواع المناطق الآمنة

تختلف أنواع المناطق الآمنة باختلاف الاتفاقيات والبروتوكولات التي تستند إليها، فحسب اتفاقية جنيف الأولى حول "تحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان" لعام 1923، ذكرت "المناطق والأماكن الصحية" في المادة (23).

وحسب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ذكرت أنواع المناطق الآمنة كالتالي:

  • مناطق استشفاء وأمان: كما نصت في مادتها رقم (14)، وتتم عبر اتفاقيات خاصة بين الأطراف المتنازعة في أراضيها أو المناطق التي تحتلها.
  • المناطق المحايدة: وتقع في مناطق المعارك وتقل فيها العمليات العدائية، وتستهدف حماية "غير المحاربين وغير المشاركين فيها"، حسب المادة (15).

وحسب المادتين 59 و60 في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، هنالك نوعان هما:

  • المواقع المجردة من وسائل الدفاع: واشترط فيها عدم مهاجمة أطراف النزاع للمناطق الخالية من وسائل الدفاع، وذكرت كيفية إنشائها.
  • المناطق منزوعة السلاح: وأجاز لأطراف النزاع إبرام اتفاق مشترك لإنشائها.

ويضاف إلى ما سبق "مناطق حظر الطيران"، ويحظر فيها تحليق الطيران وتمنع أطراف النزاع جميعها أو بعضها من إجراء طلعات جوية.

وفي القانون الدولي الإنساني، هناك 3 صور للمناطق:

  • مناطق مجردة من وسائل الدفاع.
  • مناطق منزوعة السلاح.
  • مناطق آمنة أو مناطق استشفاء.

وتم تطبيق مفهوم المناطق الآمنة بعدة أشكال مختلفة على مر التاريخ، فقد سميت مثلا الممرات الهادئة، و"الممرات الإنسانية" و"المناطق المحمية" و"الملاذات الآمنة"، و"المناطق المحايدة" و"المناطق الآمنة"، وبإعلان من مجلس الأمن الدولي مع جهات دولية.

French soldiers stand near a UN convoy, on October 28, 1992 in Velika Kladusa near Bihac as French army provides protection for humanitarian convoys. (Photo by JOEL ROBINE / AFP)
قوافل مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة في فيليكا كلادوسا بالبوسنة والهرسك عام 1995 (الفرنسية)

آلية تحديد المناطق الآمنة

حسب القانون الإنساني، فتحديد أشكال المناطق الثلاث المذكورة آنفا، يستلزم اتفاق أطراف النزاع على تحديد مناطق منزوعة السلاح تماما، وما فيها من أسلحة يكون لحفظ الأمن، بشرط عدم وجود قوات مسلحة أو أسلحة، وألا يمارس أهلها أي شكل من أشكال المقاومة، وتتابع الاتفاق اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو أي دولة وسيطة.

وفي حال عدم اتفاق أطراف النزاع، يتدخل مجلس الأمن لتحديد المناطق الآمنة بعد اتفاقه على وجود تهديد للسلم أو إخلال به، وفقا للفصل السابع من ميثاقه، ويحدد المنطقة، ثم يوظف مجموعة من التحالفات العسكرية أو مجموعة من القوات المسلحة لتقوم بالمهمة.

ولا يتخذ مجلس الأمن هذه الخطوة فورا، فحسب المادة 40 في الفصل السابع "منعا لتفاقم الموقف، لمجلس الأمن، قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضروريا أو مستحسنا من تدابير مؤقتة"، وكخطوة أولى لا يتدخل عسكريا لحفظ السلام (41)، إلا لو رأى أن التدابير التي قررها لم تف بالغرض (42).

ويرسل مجلس الأمن قوة الحماية إلى "المناطق الآمنة" التي اتفق على تحديدها، وتكون من مهامها:

إعلان وتحديد المناطق الآمنة ونزع الصفة العسكرية عنها بنزع السلاح منها.

  • تطبيق لوائح وقرارات مجلس الأمن وتوصياته.
  • وقف العمليات العدائية في المنطقة وصدها، وسحب الوحدات العسكرية منها.
  • منع دخول أطراف الصراع في الترتيبات الدفاعية.
  • توفير حماية عسكرية إما من قوات الأمم المتحدة أو قوات تحالف دولي.
  • ملاحظة وإقرار ومتابعة وقف إطلاق النار.
  • الإشراف على انسحاب القوات العسكرية.
  • توفير الطريق الآمن لدخول قوات الحماية والمساعدات الإنسانية للمناطق المعلنة.
  • تقديم المساعدات والإغاثة والإعانة للمدنيين.
  • تنسق مع الأمين العام في التدابير المناسب اتخاذها حسب الوضع الإنساني في المنطقة.

من تحمي المناطق الآمنة؟

وتحدد المناطق الآمنة لفئات محددة في النزاع المسلح حسب اتفاقية جنيف الرابعة، وهي:

الجرحى والمرضى والمسنون والأطفال ما دون الـ15، وأمهات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 7 سنوات.

الأساس القانوني

تستمد المناطق الآمنة أساسها القانوني من جهات ومصادر قانونية أثناء النزاعات المسلحة، أهمها الاتفاقيات الدولية، منها المادة 23 من اتفاقية جنيف الأولى، والمادتان (14) و(15) من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادتان (59) و(60) المذكورتان في البروتوكولين الإضافيين.

ويمثل ميثاق الأمم المتحدة أساسا قانونيا مهما، فحسب الفصل السابع من الميثاق، يمكن للمجلس اتخاذ تدابير غير عسكرية لمنع تفاقم الوضع، علما أنه لا توجد مادة تنص أو تسمح بإنشاء المناطق الآمنة، وممارسات الأمم المتحدة تدخل في إطار "التدابير المؤقتة للحد من انتشار القوة المسلحة"، كما هو مذكور في المادتين (40) و(41) في الميثاق.

هل المناطق الآمنة آمنة؟

لا تَعتبر منظمة هيومن رايتس ووتش المناطق الآمنة آمنة بسبب عدة تحديات أمنية، منها:

  • تجمع هذه المناطق أعدادا كبيرة من المدنيين، غالبا من جماعات دينية أو عرقية معينة، مما يجعلها هدفا واضحا مكشوفا لأطراف النزاع.
  • جذبها للمقاتلين خاصة التابعين للجماعات المسلحة غير الحكومية، مما يقلل من مستوى الأمان فيها.
  • وتصبح المناطق الآمنة مصدرا للجماعات المسلحة للاستيلاء على المساعدات وتجنيد مجندين جدد، مما يزيد من المخاطر على المدنيين، بمن فيهم الأطفال.
  • وقد يسبب إعلان المناطق الآمنة، ضررا على المدنيين خارجها، مما يكون ذريعة للهجوم عليهم أو حرمانهم من المساعدات.

محطات تاريخية

أنشئت منطقة آمنة في مدينة جافنا بسيريلانكا باتفاق بين حركة تحرير نمور التاميل وحكومة البلاد، لتقديم المساعدات والإغاثات المطلوبة للمدنيين، تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وضمت مستشفى جامعيا، وانتهت الحماية في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1991، ومن عام 1995 بدأ الصليب الأحمر في حماية قوافل المساعدات الحكومية للسكان في المناطق التي انسحبت منها قوات الأمن.

وأنشئت في العراق منطقتان آمنتان عقب حرب الخليج، الأولى كانت منطقة آمنة في منطقة زاخو بإقليم كردستان العراق في 19 أبريل/نيسان 1991، والثانية مناطق حظر طيران أنشأتها الولايات المتحدة وبريطانيا وغطت نصف مساحة العراق.

وكانت منطقة الحظر الجوي شمال العراق أنشئت بهدف حماية الأكراد في مساحة بلغت ألف كيلومتر مربع، وفي الجنوب لحماية الشيعة، وتمت عبر الطائرات الأميركية التي كانت موجودة في السعودية والكويت، وبلغت المساحة المشمولة 140 ألف كيلومتر مربع.

وعام 1992 أنشئت مناطق آمنة في كرواتيا بقراري مجلس الأمن رقم (743) و(762) في 21 يونيو/حزيران 1992، وسميت بالمناطق الوردية، وكان يقطنها الصرب، وكانت خارج المناطق التي شملت بالحماية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة.

وفي جمهورية البوسنة والهرسك أعلنت الأمم المتحدة عام 1993 6 مناطق آمنة تحرسها قوات حفظ السلام، وكان الهدف منها حظر أي نشاطات عسكرية في داخلها أو حولها وضمان توزيع المساعدات الإنسانية، لكن هذه القرارات والوسائل العسكرية لم تنجح في إجبار أطراف النزاع على احترام هذه المناطق.

وقرر مجلس الأمن التدخل في صراع يوغوسلافيا السابقة في قراره رقم (743) في 21 فبراير/شباط 1992، وأنشأ قوة حماية أرسلها في البداية إلى كرواتيا وفيها حدد 3 مناطق للحماية وكان الصرب أغلبية فيها، ثم أرسلها إلى البوسنة والهرسك، وبعدها مقدونيا.

ونص القرار رقم (824) في السادس من مايو/أيار 1993، على إقامة 6 مناطق آمنة بالبوسنة والهرسك في سربرنيتسا وسراييفو وتوزلا وزيبا وقورازدي وبيهاك، لكن ذلك لم يوفر الحماية المطلوبة، ولم يمنع القوات صرب البوسنة من ارتكاب أكبر مجزرة في تاريخ أوروبا هي "مذبحة سربرنيتسا"، التي أودت بحياة أكثر من 8 آلاف مدني في منطقة أعلنت أنها "آمنة" وتحت حماية مجلس الأمن.

وعقب المذبحة التي وقعت في رواندا إثر صراع بين جماعتي الهوتو والتوتسي عام 1994، أصدر مجلس الأمن قراره (929) في 22 يونيو/حزيران بتكليف فرنسا تشكيل قوة مؤقتة تعمل تحت رقابة وطنية بهدف "إرساء الأمن وحماية الأشخاص النازحين واللاجئين والمدنيين تحت الخطر، وتم تحديد الجزء الجنوبي الغربي للبلاد ومنطقة أخرى في الشمال الغربي منطقة إنسانية.

وعام 2011 تبنى مجلس الأمن القرار (1973) في 18 مارس/آذار، بفرض حظر جوي على ليبيا، واتخاذ إجراءات لحماية المدنيين الليبيين من نيران كتائب نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

ومنذ الربيع العربي، وتفاقم الصراعات والنزاعات المسلحة في الشرق الأوسط، حاولت الأمم المتحدة وعدة دول تقديم مقترحات لإقامة مناطق آمنة للمدنيين، منها في سوريا، لكنها باءت بالفشل وسط مخاوف أمنية من جدواها، ومن التبعات السلبية التي ستترتب على المدنيين فيها.

المناطق الآمنة في قطاع غزة

وعقب بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي -خلال الشهر الأول للحرب- خريطة توضح مسار "طريق آمن" دعا سكان غزة ليسلكوه إلى الجنوب عبر شارع صلاح الدين.

وفي هذا الطريق، استهدفت قوات الاحتلال 3 قوافل للمواطنين في مواقع مختلفة على شارعي صلاح الدين والرشيد، مما أدى لاستشهاد أكثر من 70 مدنيا جلهم من الأطفال والنساء وإصابة أكثر من 200 آخرين.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، طلبت إسرائيل من السكان النزوح إلى منطقة المواصي جنوب شرق وادي غزة. لكن تحليلا لصور الأقمار الصناعية أجراه خبيرا الاستشعار عن بعد كور يشير وجامون فان دان هوك، أكد تضرر 20% من المباني في جنوب الوادي حتى الـ11 من الشهر نفسه، بما في ذلك خان يونس ورفح جنوبا.

وعندما شنت قوات الاحتلال عمليتها البرية في المناطق الشمالية للقطاع، فرّ نحو مليون إنسان إلى مدينة رفح جنوب القطاع هربا من الموت، لكن إسرائيل شنّت هجوما بريا على المدينة في مايو/أيار 2024، مما أجبر أكثر من 800 ألف مدني على الهروب بحثا عن الأمان.

وبعد أيام من العملية، ارتكبت قوات الاحتلال محرقة في مخيم حديث للنازحين أنشئ قرب مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ضمن المناطق التي حددتها إسرائيل على أنها "مناطق آمنة".

وفي أغسطس/آب 2024 أكد الناطق باسم الدفاع المدني في غزة الرائد محمود بصل -في مقابلة مع قناة الجزيرة- أن غارات الاحتلال الإسرائيلي وعملياته قلّصت "المناطق الآمنة" في قطاع غزة من 240 كيلومترا مربعا إلى 35 كيلومترا مربعا.

وأكد أنه لا توجد منطقة آمنة في قطاع غزة، لأن جيش الاحتلال ينسف المساكن ويدمرها. وتودع غزة يوميا 100 شهيد، وتفقد الأسرة الواحدة في الاستهداف الواحد من 10 إلى 11 من أفرادها.

المصدر : مواقع إلكترونية

إعلان