معبر كرم أبو سالم.. منفذ بين غزة وإسرائيل سمي على كيبوتس
معبر كرم أبو سالم، أو "كيرم شالوم" كما يطلق عليه الإسرائيليون، معبر تجاري صغير يقع في النقطة الحدودية الثلاثية بين قطاع غزة ومصر وأراضي الداخل الفلسطيني المحتل، ويبعد نحو 4 كيلومترات من رفح، ويخضع تسييره للتنسيق المشترك بين مصر وإسرائيل.
بدأ تشغيل المعبر لأول مرة عام 2005، ولم يكن في الأصل مخصصا لنقل البضائع من وإلى غزة، إذ لا تتسع طاقته الاستيعابية إلا لعدد محدود من الشاحنات يوميا، لكن إغلاق معبر المنطار في الشمال عام 2011 جعل كرم أبو سالم المعبر التجاري شبه الوحيد لغزة.
وبموجب الحصار، يفرض الاحتلال الإسرائيلي إجراءات معقدة للعبور من وإلى غزة، ويشكو الفلسطينيون عمليات ابتزاز وإهانة يتعرضون لها أثناء المرور، كما أن إسرائيل تتخذ المعبر ورقة ضغط على الفلسطينيين من خلال الإغلاقات المتكررة وساعات العمل اليومية المحدودة.
الموقع
يقع معبر كرم أبو سالم في الجزء الجنوبي الشرقي لقطاع غزة، وتحديدا عند نقطة الحدود الثلاثية بين القطاع ومصر وأراضي الداخل الفلسطيني المحتل.
وبالقرب من المعبر يقع كيبوتس (تجمع استيطاني/زراعي) "كيرم شالوم"، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1967، ومنه أخذ المعبر الاسم الذي يطلقه عليه الإسرائيليون (كيرم شالوم).
كانت أولى عمليات تشغيل المعبر من طرف الاحتلال الإسرائيلي عام 2005 لإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ولاحقا عمدت إسرائيل إلى إغلاق المعابر التجارية مع القطاع، باستثناء معبر كرم أبو سالم الذي لم يجهز أصلا ليكون معبرا حصريا لنقل البضائع من وإلى القطاع.
تسيير إسرائيلي-مصري
يخضع معبر كرم أبو سالم لسيطرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ويسيّر بالتنسيق مع مصر، وتشرف على الحركة التجارية عبره "اللجنة الرئاسية لإدخال البضائع" التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية.
ومع الإغلاق شبه الكلي لمعظم المعابر التي تربط قطاع غزة بالداخل الفلسطيني المحتل -بما فيها المعابر المخصصة للأفراد والمركبات- ثم الضغط على مصر لمواصلة إغلاق معبر رفح وبوابة صلاح الدين، تجعل إسرائيل من كرم أبو سالم المنفذ الوحيد لقطاع غزة نحو العالم الخارجي.
شريان حياة
أصبح معبر كرم أبو سالم بمثابة شريان الحياة لغزة، وتعتمد عليه الحركة التجارية بنسبة حوالي 57.5%، خصوصا بعد إغلاق معبر المنطار عام 2011، فمن خلاله تعبر الشاحنات التي تحمل المنتجات الأساسية والمواد الخام للصناعة والمعدات الطبية والمنتجات الغذائية والمواشي والفواكه والوقود ومواد البناء وغيرها.
ويعتمد عليه المزارعون وأصحاب المصانع والتجار في غزة -والذين يشغّلون الآلاف من العمال في القطاع- لتسويق بضائعهم إلى الضفة الغربية وإسرائيل، وباقي دول العالم.
كما يستخدم هذا المعبر أحيانا لعبور المساعدات الخارجية، ويمر منه بعض الفلسطينيين حين يتعذر عليهم استعمال معبري رفح وبيت حانون الواقع شمال القطاع.
طاقة محدودة
توصف طاقة معبر كرم أبو سالم بأنها محدودة، حيث لا تتوفر البنية التحتية الملائمة للحركة التجارية النشطة، فهو في الأصل غير مخصص لأن يكون معبرا حصريا لنقل البضائع من وإلى غزة.
ولا يتسع في الحالات العادية لعبور أكثر من 400 شاحنة يوميا، مقابل ألف شاحنة يستوعبها معبر المنطار الواقع في شمال القطاع، والذي أغلق عام 2011.
ولأن معبر كرم أبو سالم يقع في منطقة غير ملائمة، فإن تكاليف نقل البضائع عبره تزيد أعباء مراكز التجارة والصناعة في غزة، بسبب طول المسافة بينه وبين الموانئ البحرية ومصافي البترول والمراكز الصناعية في إسرائيل، وكذلك عن المعابر التجارية في الضفة الغربية.
ففي حين لا يبعد معبر المنطار سوى 5 كيلومترات من مركز مدينة غزة ذات الكثافة السكانيّة الأعلى في القطاع، والتي تقع فيها معظم المصانع والمخازن التجاريّة، يبعد عنها معبر كرم أبو سالم نحو 40 كيلومترا.
وتشير بعض التقديرات إلى أن تكلفة نقل البضائع عن طريق معبر كرم أبو سالم زادت بأكثر من 50% عن تكلفة النقل عن طريق معبر المنطار.
ابتزاز وتعقيدات
بعد تشديد إسرائيل الحصار على غزة ابتداء من 2007 وإغلاق معظم المعابر بما فيها معبر رفح وبوابة صلاح الدين مع مصر، فإنها تستخدم معبر كرم أبو سالم ورقة للابتزاز والضغط على قطاع غزة.
ويتعرض الفلسطينيون المارون من المعبر بمن فيهم المرضى لإجراءات معقدة، وعمليات إذلال وإهانة وابتزاز من قبل أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية.
كما أن ساعات العمل المحدودة والإغلاق المتكرر تتسبب في تفاقم الأوضاع الاقتصادية بالقطاع، فضلا عن الشروط المعقدة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، وهو ما يعرقل استيراد المواد الأساسية إلى غزة ويخنق التصدير منها.
وإمعانا في إجراءاتها التعسفية، فإن إسرائيل تفرض تفريغ حمولة الحاويات القادمة من وإلى غزة في معبر كرم أبو سالم ثم إعادة تحميل البضائع عليها، على الرغم من تبرع حكومة هولندا بجهاز يمكن من فحص الحمولة بالأشعة السينية من دون الحاجة إلى تفريغها.
ولأن المعبر يفتقد إلى خزانات للوقود، فإن إدخال هذه المادة الحيوية إلى غزة يتطلب وجود شاحنة إسرائيليّة وأخرى فلسطينيّة في الوقت نفسه، مما يتسبب في هدر وقت كثير لتنسيق العملية، فضلا عن غياب القياس الدقيق لكمية الوقود، الأمر الذي ينعكس بخسائر على التجار الفلسطينيين.
إغلاق كامل
بعد عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبالتزامن مع تكثيف الغارات الجوية شددت إسرائيل حصارها على غزة من خلال إغلاق المعبر بشكل كلي.
واستمر الإغلاق إلى 17 ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو تاريخ بدء دخول المساعدات بالتنسيق مع الأمم المتحدة. ولاحقا أعيد فتح المعبر لإدخال المساعدات والوقود من أجل إغاثة النازحين في القطاع، ولكن ظروف الحرب والتعقيدات المتزايدة جعلت الكميات الواردة عبره أقل.
وإثر قصف المقاومة الفلسطينية لحشود الجيش الإسرائيلي في موقع عسكري قرب معبر كرم أبو سالم في الخامس من مايو/أيار 2024 أثناء استعداداتها للهجوم البري على رفح، ادعت إسرائيل أن المعبر تعرض للقصف وفُرض حظر معلومات على الإعلام الإسرائيلي بخصوص موقع القصف، وتقرر إغلاق المعبر مجددا.
أما كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- فقد أوضحت أن القصف استهدف موقعا عسكريا قرب المعبر، كما استعرض مدونون فلسطينيون خرائط للموقعين اللذين تفصل بينهما مسافة كيلومترين.