ردع العدوان.. عملية عسكرية أسقطت حكم آل الأسد في 11 يوما
"ردع العدوان"، عملية عسكرية أطلقتها فصائل المعارضة السورية المسلحة في شمال غربي سوريا يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وقالت إنها تهدف إلى توجيه "ضربة استباقية لقوات النظام السوري"، وتعدّ أول اختراق لخطوط التماس بين الطرفين في محافظة إدلب منذ الاتفاق "التركي الروسي" لوقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020.
وجاءت العملية في وقت شهدت فيه مناطق ريف حلب الغربي اشتباكات وقصفا عنيفا متبادلا بين الجيش السوري والمليشيات الإيرانية من جهة، والمعارضة السورية في الشمال من جهة أخرى، في ظل تصعيد الجيش قصفه للمناطق المدنية.
واستطاعت فصائل المعارضة الوصول في اليوم الثالث منها إلى تخوم مدينة حلب عاصمة الشمال السوري، والسيطرة على 400 كيلومتر مربع ضمن 56 بلدة وقرية في حلب وإدلب، بحسب إحصاء وكالة الأناضول.
أهداف العملية
وأعلن أهداف العملية العسكرية الناطق باسم "غرفة عمليات الفتح المبين" حسن عبد الغني، قائلا إنها تتجلى في:
- كسر مخططات العدو عبر توجيه ضربة استباقية مدروسة لمواقع مليشياته.
- الدفاع عن المدنيين في وجه تهديد حشود النظام العسكرية أمنَ المناطق المحررة.
- إعادة المهجّرين إلى ديارهم.
- إبعاد نفوذ النظام والمليشيات عن مناطق سيطرة المعارضة بشمال غربي سوريا، والحد من استهدافهم المتكرر لتلك المناطق بالقصف المدفعي والصاروخي.
إدارة العمليات العسكرية
أطلقت الفصائل المنتشرة في محافظة إدلب -المنضوية سابقا تحت ما يعرف بغرفة عمليات "فتح المبين"- ابتداء عملية "ردع العدوان"، وشكلت من أجلها ما يسمى "إدارة العمليات العسكرية" التي ضمت مجموعات من الحزب التركستاني وكلا من:
- هيئة تحرير الشام: الفصيل الأبرز والأكبر فيها، وهي تكتل عسكري من فصائل مسلحة سورية، تكوّن من اندماج 5 فصائل، وأعلن عن إنشائه في 2017 بعد انطلاق مفاوضات أستانا بين الحكومة السورية والمعارضة، بمشاركة روسية تركية إيرانية، وهي ترفض هذه المفاوضات وتعدّها جزءا من "المؤامرة على الثورة السورية".
- الجبهة الوطنية للتحرير: وهي اتحاد بين مجموعة من فصائل المعارضة السورية المسلحة في محافظة إدلب أعلن عنه في أغسطس/آب 2018، بالتزامن مع تهديدات الجيش بالهجوم على هذه المنطقة.
- حركة أحرار الشام: أعلن عن إنشائها عام 2011، وهي تصف نفسها بأنها "حركة إسلامية إصلاحية تجديدية شاملة، وإحدى الفصائل المنضوية والمندمجة ضمن الجبهة الإسلامية". وتقول إنها "تكوين عسكري، سياسي، اجتماعي، إسلامي شامل، يهدف إلى إسقاط نظام الأسد وبناء دولة إسلامية".
أحد كبار المستشارين في "الحرس الثوري الإيراني".. مقتل المستشار الإيراني "كيومرث بورهاشمي" المعروف بـ "الحاج هاشم"، خلال المعارك في ريف #حلب pic.twitter.com/cje3XiLOxb
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) November 28, 2024
أبرز المحطات
في اليوم الثاني من العملية (28 نوفمبر/تشرين الثاني)، أعلنت المعارضة السورية سيطرتها على مقرّ الفوج 46، وبلدة خان العسل الإستراتيجية وعشرات البلدات والقرى الأخرى، مما أدى إلى قطع الطريق الدولي "حلب دمشق"، كما هاجمت مطار النيرب شرقي حلب حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.
وأعلنت وكالة تسنيم الإيرانية عن مقتل أحد كبار المستشارين الإيرانيين القيادي في الحرس الثوري العميد كيومارس بورهاشمي، المعروف بالحاج هاشم، في حلب في أثناء هجوم شنّه مسلحو المعارضة السورية.
وحسب الحرس الثوري، فإن القيادي الإيراني هو أحد "المستشارين العسكريين في العراق وسوريا"، وكان من قدامى الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).
وقال مصدر عسكري سوري إن تقدم فصائل المعارضة المسلحة ساعدها في التمركز على مسافة 10 كيلومترات تقريبا من وسط مدينة حلب، وعلى بعد كيلومترات قليلة من بلدتي نُبّل والزهراء اللتين تعدّان خط دفاع عن المدينة، وتتمركز فيهما مجموعات مسلحة موالية لإيران.
وفي اليوم الثالث (29 نوفمبر/تشرين الثاني)، أعلنت المعارضة السورية دخول أول أحياء مدينة حلب، وأكدت سيطرتها على عشرات البلدات والقرى بعد معارك ضارية مع الجيش السوري وحلفائه استغرقت 36 ساعة.
وأضافت أن مقاتليها سيطروا على مركز البحوث العملية في حلب الجديدة، وباتت تبعد عن وسط المدينة كيلومترين فقط. كذلك أعلنت المعارضة سيطرتها على بلدة كفر حلب الإستراتيجية غربي المدينة، وعلى مواقع إستراتيجية في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وأعلنت الحكومة السورية في ذلك اليوم وصول تعزيزاتها التي أرسلتها إلى مدينة حلب، وقالت وزارة الدفاع السورية إن قواتها تتصدى للهجوم، وإنها كبّدت القوات المهاجمة خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.
وتحدثت المعارضة عن مقتل أكثر من 200 عنصر وإصابة مئات آخرين من الجيش السوري، إضافة إلى أسر ما لا يقل عن 20 عنصرا، والاستيلاء على دبابات ومدرعات، بينما أفادت تقارير بأن الفصائل المسلحة تكبّدت بدورها أكثر من 100 قتيل.
وقالت المعارضة السورية إنها استطاعت السيطرة على قلعة حلب والجامع الأموي في المحافظة، ومبنى محافظة حلب والقصر البلدي ومقر قيادة الشرطة، ومدينة سراقب الإستراتيجية في إدلب حيث يتقاطع طريق حلب-دمشق الدولي وطريق اللاذقية-حلب الدولي.
وفي نهاية اليوم أعلنت المعارضة فرض حظر تجول في المدينة حتى صباح اليوم التالي "حفاظا على سلامة المدنيين". وقال مراسل الجزيرة إن المعارضة دخلت حلب "دون إطلاق رصاصة واحدة ولم تواجهها أي مقاومة".
من جهة أخرى، أفاد مراسل الجزيرة أن مقاتلات الجيش السوري قصفت حي حلب الجديدة بمدينة حلب. وأعلنت السلطات السورية إغلاق مطار حلب وإلغاء جميع الرحلات.
ونقلت رويترز عن 3 مصادر بالجيش السوري قولها إن الجيش أغلق الطرق الرئيسية المؤدية من وإلى مدينة حلب بعد أن صدرت تعليمات للقوات باتباع أوامر "انسحاب آمن" من الأحياء التي اجتاحها المسلحون.
وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها الجوية قضت على 200 مسلح في محافظتي حلب وإدلب خلال يوم واحد، وأن الوضع في المحافظتين يتفاقم، وأن القوات الروسية تقدم الدعم للجيش السوري في مواجهة هذه التشكيلات.
وفي اليومين الرابع والخامس (30 نوفمبر/تشرين الثاني و1 ديسمبر/كانون الأول)، تمكنت إدارة العمليات المشتركة من السيطرة على قطع عسكرية كبيرة في ضواحي حلب الغربية وجنوب غرب حلب، مثل الأكاديمية العسكرية، ومدرسة المدفعية، ومطار كويرس الحربي والكلية الجوية الموجودة فيه.
بالإضافة إلى معامل الدفاع قرب السفيرة، وقاعدة جبل عزان التي كانت مرتكزا مهما للحرس الثوري الإيراني والفصائل المتحالفة معه، مثل حزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية، وفق المعلومات التي حصل عليها موقع الجزيرة نت من قيادات ميدانية.