تيفور مطار عسكري سوري تتصارع عنده قوى دولية وإقليمية

من أكبر المطارات العسكرية في سوريا، وكان مركزا رئيسيا لعمليات سلاح الجو السوري، يوجد في محافظة حمص، وخضع عام 2016 لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، وتعرض في 2018 لهجوم قالت وزارة الدفاع الروسية إنه من طائرات إسرائيلية استهدفته عبر المجال اللبناني، وأعادت إسرائيل قصفه أوائل أبريل/نيسان 2025 عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، متذرعة بـ"ردع" تركيا عن التمركز فيه.
الموقع
يقع مطار "تي 4" (T4)، واسمه الحقيقي "طياس أو تياس"، قرب قرية التياس بمحافظة حمص على بعد 60 كيلومترا شرق مدينة تدمر الأثرية، ويقع في منطقة صحراوية إستراتيجية توجد فيها حقول الغاز الرئيسية في سوريا.
الأهمية والقدارات الإستراتيجية
ويعد المطار التابع للقوات الجوية السورية، من أكبر المطارات العسكريّة في سوريا من حيث المساحة والتجهيزات (يليه مطار الضمير في مدينة الضمير) وموقعه ذو أهمية إستراتيجية لقربه من العراق.
وفي المطار 54 حظيرة إسمنتية و3 مدارج، واحد رئيسي ومدرجان ثانويان، طول كل منهما يقارب 3 كيلومترات، إضافة إلى أنواع مختلفة من الطائرات مثل "ميغ 29" و"ميغ 27″ و"سوخوي 35".
كما يحوي أسرابا عدة من الطائرات حسب نوعها، فالسرب الأول والخامس من نوع ميغ 25، والثاني طائراته من نوع "إس يو-22 إم 4″، وسرب آخر طائراته من نوع "إس يو-24 إم كيه"، كما يحتوي على سرب احتياطي مكون من 24 طائرة جهزت للتحليق الفوري من المدرج الاحتياطي الفرعي.
ويوجد داخل المطار دفاعات جوية ورادارات قصيرة التردد محمولة على سيارات، وقرابة 136 آلية عسكرية بينها دبابات متطورة من طراز "تي 82".
والمطار محمي بشبكة دفاع جوي يشمل منظومة صواريخ "إس-75" و"إس-125″، كما أن لديه نقطة ارتكاز للنقل الجوي العسكري في حال قطع طريق الإمداد البري إليها.
التاريخ
استحوذ الاتحاد السوفياتي سابقا على مطار تيفور العسكري منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين بحجة استخدام القاعدة الجوية الموجودة فيه.
وبعد الثورة السورية عام 2011، استخدم النظام السوري وحلفاؤه الإيرانيون هذا المطار لشن هجماتهم العسكرية على المعارضة السورية المسلحة في مختلف المناطق السورية. وتشير بعض المصادر إلى أن الإيرانيين استخدموا أجزاء من المطار قاعدة عسكرية لطائرات مسيرة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016 سيطر تنظيم الدولة على كتيبة الدفاع الجوي بمطار تيفور بعد أن حاصر المطار من 3 جهات، ودمر 3 طائرات حربية تابعة للنظام كانت رابضة داخل المطار.
وقال تنظيم الدولة حينها إنه استحوذ على 30 دبابة و6 ناقلات جنود و6 مضادات طيران عيار 122 ملم، و7 مضادات طيران عيار 23 ملم، و4 مستودعات أسلحة خفيفة وذخائر، وكميات كبيرة من مضادات الدروع.
وفي عام 2017 انتزع الجيش السوري وحلفاؤه السيطرة على المطار بعد تدخل عسكري روسي مكثف.
قصف وصراع إقليمي
في 10 فبراير/شباط 2018 شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجوما على مطار تيفور تسبب في تدمير برج المراقبة الرئيسي، وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي 9 أبريل/نيسان 2018، قالت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) إن طائرات إسرائيلية من طراز "إف 15" قصفت المطار، مؤكدة أن القصف أوقع قتلى وجرحى، وأن الدفاعات الجوية أسقطت عددا من الصواريخ، وتسبب بمقتل عنصرين من الميليشيات الموالية لإيران.
وقالت وسائل إعلام إيرانية إن 4 إيرانيين، بينهم عقيد بالحرس الثوري الإيراني، قتلوا في غارات إسرائيلية على مطار التيفور قرب حمص، وهو ما رأت فيه الخارجية الإيرانية تهديدا للأمن الإقليمي.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائرتين حربيتين إسرائيليين قصفتا المطار العسكري بـ8 صواريخ عبر الأجواء اللبنانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية السورية تصدّت لـ5 صواريخ ودمرتها، مؤكدة أن أيا من المستشارين الروس لم يُصَب في الهجوم.
وأفاد مصدر عسكري سوري في الثالث من يونيو/حزيران 2019 أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لهجوم إسرائيلي على مطار التيفور العسكري.
وذكر المصدر -وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا"- أن الهجوم أسفر عن مقتل شخصين وجرح اثنين آخرين وإصابة مستودع ذخيرة وحدوث أضرار بأبنية ومعدات.
وفي 15 يناير/كانون الثاني 2020 قال النظام السوري المخلوع إن طائرات إسرائيلية هاجمت المطار، مضيفا أن دفاعاته الجوية أسقطت صواريخ عدة في ضربات لم تسفر سوى عن وقوع أضرار مادية.
وفي سبتمبر/أيلول من السنة نفسها، تعرض المطار مجددا لقصف إسرائيلي ألحق أضرارا هائلة بمدرجه وساحته، ما جعله غير صالح للاستخدام.
وفي تطور لافت، انسحبت القوات الروسية بشكل كامل من المطار في فبراير/شباط 2021 ونقلت معداتها إلى مطار تدمر العسكري ومستودعات "مهين"، بما في ذلك 16 شاحنة محملة بالذخائر والأسلحة الثقيلة، إلى جانب 7 عربات و4 ناقلات جند، وذلك عبر الطريق الشرقي المؤدي إلى تدمر.
وقيل إن الانسحاب جاء نتيجة خلاف بين الروس والمليشيات الإيرانية، بعد رفض الأخيرة الالتزام بتعليمات قاعدة حميميم الروسية التي طالبت بإخلاء المطار لتقليل احتمالات استهدافه بغارات إسرائيلية.
وفي أعقاب الانسحاب الروسي، سيطرت المليشيات الإيرانية على المطار بشكل كامل. وبحسب ضباط منشقين عن الجيش السوري حينئذ، اعتبر مطار "التيفور" نقطة إستراتيجية متقدمة على طريق الإمداد الإيراني الممتد من العراق إلى دمشق، ما يفسّر تمسّك طهران بالسيطرة عليه.
كما كثّفت المليشيات الإيرانية وجودها داخل المطار، وفي موقع الرادار المجاور لقرية خربة التياس، ووسّعت انتشارها في مدينة تدمر، بهدف تأمين خط الإمداد الممتد من طهران إلى بيروت، مع التركيز على محور تدمر-حمص باعتباره الجزء الأكثر حساسية.
وفي التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2021 قالت وكالة الأنباء سانا إن الدفاعات الجوية السورية تصدت لما وصفته بعدوان إسرائيلي استهدف ريف حمص، وأسفر عن إصابة 6 من قوات النظام.
وعقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، وانسحابه من مطار تيفور قبلها بيوم، استهدفت إسرائيل سوريا أكثر من مرة، بهدف تدمير القدرات العسكرية للبلاد ومنع وقوعها في يد المعارضة السورية التي سيطرت على دمشق يومها.
وفي الثاني من أبريل/نيسان 2025 قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه "أغار على قدرات عسكرية بقيت في منطقة قاعدتي حماة وتيفور (بحمص)، وبنى تحتية عسكرية بقيت بمنطقة دمشق".
ونقلت رويترز عن 4 مصادر قولها إن إسرائيل استبَقت تحرك تركيا لنشر قوات تابعة لها في قواعد سورية، فقصفتها ودمرت بعضها بشكل شبه كامل.
وقالت المصادر الأربعة إن تركيا تفقدت 3 قواعد جوية على الأقل في سوريا قد تنشر قواتها فيها ضمن اتفاق دفاع مشترك مزمع قبل أن تقصف إسرائيل المواقع بضربات جوية.
وقال مسؤول مخابراتي إقليمي ومصدران عسكريان سوريان ومصدر سوري آخر مطلع إنه في إطار التحضيرات، زارت فرق عسكرية تركية قاعدة "تيفور" وقاعدة تدمر الجويتين بمحافظة حمص السورية والمطار الرئيسي في محافظة حماة.
وكان موقع "ميدل إيست آي" البريطاني قد أشار في الأول من أبريل/نيسان 2025 أن تركيا قد بدأت خطوات عملية للتمركز العسكري في قاعدة "تيفور" الجوية، في إطار اتفاق دفاعي قيد التفاوض مع الحكومة السورية الجديدة منذ سقوط النظام المخلوع، إلا أن إسرائيل اعتبرته تهديدا أمنيا لها.
ويضيف الموقع أن أنقرة باشرت أعمال تجهيز القاعدة استعدادا لنشر منظومات دفاع جوي من طراز "حصار"، إلى جانب طائرات مسيّرة استطلاعية وهجومية، في خطوة تهدف إلى فرض سيطرة جوية على المنطقة وتعزيز جهود مكافحة خلايا تنظيم الدولة الإسلامية النشطة في البادية السورية.