منتجع كامب ديفد.. حيث وقع السادات السلام
الموقع
يقع منتجع كامب ديفد في أعالي جبال كاتوكتين بولاية ميريلاند الأميركية، تبلغ مساحته قرابة كيلومتر مربع، ويبعد بنحو مئة وعشرة كيلومترات عن العاصمة واشنطن، ولا تستغرق الرحلة من البيت الأبيض إلى المنتجع بالطائرة المروحية أكثر من ثلاثين دقيقة.
ويوجد المنتجع في منطقة جبلية ذات مناظر خلابة محاطة بسياج أمني شديد الحراسة، وهو مغلق أمام الجمهور والزيارات العامة، ولا يشار إلى موقعه على خرائط متنزه جبل كاتوكتين لدواعٍ أمنية، وتشرف على تأمينه قوات الأمن الخاصة بالبيت الأبيض.
التاريخ
أسس منتجع كامب ديفد بداية تحت اسم "مرحبا كاتوكتين" نزلا لعملاء الحكومة الاتحادية وعائلاتهم بين عامي 1935 و1938، وفي عام 1942 قام الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت بتحويله إلى مقر للاستجمام واستقبال ضيوفه، واختار موقعه لقربه من واشنطن وما يتمتع به من طقس معتدل ومقومات مثالية لإقامة منتجع رئاسي.
وأطلق روزفلت على المكان اسم كامب "شانغريلا" نسبة لاسم مملكة جبال التبت التي ورد ذكرها في رواية "الآفاق المفقودة" للكاتب جيمس هيلتون.
ولما جاء الرئيس الأميركي هاري ترومان حوّل كامب ديفد عام 1945 إلى منتجع رئاسي رسمي، وفي عام 1953 قرر الرئيس دوايت أيزنهاور تغيير الاسم إلى كامب ديفد تخليدا لاسم حفيده ديفد.
وفي عهد ريتشارد نيكسون أضيفت إلى المجمع مبانٍ جديدة، عقدت فيها اجتماعات لمجلس الوزراء ومؤتمرات للموظفين، واستضاف كبار الشخصيات الأجنبية.
ويضم المنتجع مكتبا لرئيس الجمهورية ومقرا لإقامته وحمام سباحة وعدة منازل صغيرة لإقامة الضيوف، وملعب غولف وملاعب تنس، وقاعة للتدريبات الرياضية، وأخرى للاجتماعات.
الرؤساء والمنتجع
ولكل رئيس أميركي قصة مع منتجع كامب، فقد كان رونالد ريغن أكثر الرؤساء ترددا على كامب ديفد، وكان يفضل توجيه خطاباته الإذاعية للشعب الأميركي من هناك، وهو الذي قال بعد انتهاء ولاية رئاسته إن منتجع كامب ديفد هو أكثر ما سيفقده من بين جميع امتيازات الرئاسة.
في حين أن جون كينيدي خصص المنتجع له ولعائلته ليستمتعوا بركوب الخيل، وسمح لموظفي البيت الأبيض وأعضاء مجلس الوزراء باستخدام المنتجع عندما لا يكون موجودًا فيه.
وبينما أقام جورج بوش في كامب ديفد عرس ابنته دوروثي عام 1992، كان باراك أوباما يفضل قضاء العطلات في هاواي أو شيكاغو.
أما دونالد ترمب فوصف منتجع كامب ديفد قبل توليه الرئاسة بأنه "ريفي جدا"، وهو يفضل بعد وصوله للبيت الأبيض منتجع مار ألاجو الذي يمتلكه في بالم بيتش بولاية فلوردا، وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإن ترمب أجرى عددا من المقابلات والاجتماعات الرسمية في ذلك المنتجع، مثل تعيين مستشار الأمن القومي الجديد.
كما استقبل في المنتجع ذاته رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وذلك في مطعم مفتوح وسط العشرات من المدنيين الذين التقطوا صورا للاجتماع ونشروها على موقع فيسبوك، بحسب ما أوردت صحيفة "ديلي ميل".
ويشتكي عملاء جهاز الخدمة السرية الخاص بحماية الرئيس الأميركي من كون منتجع مار ألاجو يصعب حمايته، ولا يمتلك مباني أمنية خاصة مثل كامب ديفد.
مؤتمرات ولقاءات
اشتهر منتجع كامب ديفد لكونه شهد العديد من المحادثات التاريخية والاتفاقيات السياسية الدولية التي غيرت مجريات الأحداث في العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
ففي كامب ديفد عقد لقاء الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور وزعيم الاتحاد السوفياتي نيكيتا خروتشوف في بدايات الحرب الباردة، وفي عام 1973 استضاف الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في المنتجع القائد السوفياتي ليونيد بريجنيف.
وفي 17 سبتمبر/أيلول 1978 وقع الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغين على اتفاقية كامب ديفد.
وفي 26 مارس/آذار 1979، وقع الطرفان معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل المعروفة بـمعاهدة كامب ديفد، وهي أول خرق عربي للموقف من دولة إسرائيل. وقد تعهدت بموجبها الدولتان بإنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات ودية بينهما، كما انسحبت بمقتضاها إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967.
كما عقدت بالمنتجع معاهدة كامب ديفد 2 عام 2000 حين رعى الرئيس الأميركي بيل كلينتون مفاوضات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بهدف إيجاد حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. دامت القمة أسبوعين وانتهت بالفشل إذ لم يتوصل الطرفان إلى حل يرضيهما معا.
وفي يومي 18 و19 مايو/أيار 2012 عقدت مجموعة الثماني قمتها الثامنة والثلاثين بالمنتجع، فكانت الأولى منذ انضمام روسيا إلى المجموعة عام1997 والتي لم يحضرها الرئيس الروسي.
واحتضن منتجع كامب ديفد في مايو/أيار 2015 القمة الأميركية الخليجية بمشاركة الرئيس الأميركي أوباما وقادة ومسؤولين من دول مجلس التعاون الخليجي.