فرانسوا بايرو.. من جبال البيرينيه إلى رئاسة حكومة فرنسا

Mayor of Pau Francois Bayrou stands during French President Emmanuel Macron's visit to the Cultural Center in Pau, France, September 30, 2022. Caroline Blumberg/Pool via REUTERS
فرانسوا بايرو ولد عام 1951 بجنوب غرب فرنسا وتقلد مناصب سياسية عدة (رويترز)

سياسي فرنسي مخضرم، خاض السباق نحو الإليزيه ثلاث مرات، زعيم حزب الحركة الديمقراطية. عينه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيسا للوزراء يوم الجمعة 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لميشيل بارنييه، الذي غادر قصر ماتينيون بعد حجب الثقة عن حكومته في البرلمان.

وأصبح بايرو بذلك رئيس الوزراء السادس في عهد ماكرون منذ سنة 2017 والـ28 في ظل الجمهورية الخامسة.

المولد والنشأة

ولد فرانسوا رونيه جون لوسيان بايرو يوم 25 مايو/أيار 1951 في مدينة بوردير بمنطقة "البرانس الأطلسية"، في أقصى جنوب غرب فرنسا، وهي منطقة أخذت اسمها من جبال البرانس (تعرف أيضا باسم جبال البيرنيه) ومن المحيط الأطلسي الذي تطل عليه.

نشأ في كنف أسرة جبلية امتهنت الزراعة أبا عن جد، وعانى في صغره من التأتأة وصعوبات في النطق.

وهو في سن السابعة من عمره، تنبأ الطبيب الذي شخص مرضه أنه لن يتمكن أبدا من التمثيل المسرحي، ولا يمكنه أن يصبح أستاذا، ولن يستطيع أن يمارس السياسة أبدا.

إلا أن عزيمة بايرو أفحمت طبيبه وكذبت تنبؤه، واستطاع فيما بعد أن يلج المجالات الثلاثة المذكورة ويتميز فيها.

بعد الوفاة المفاجئة لوالده (1909-1974) في حادثة عمل عام 1974، اضطر بايرو إلى العمل مساعدا لوالدته إيما (1918-2009) في أعمال الزراعة، بالموازاة مع عمله معلما في إحدى البلدات القريبة من مسقط رأسه.

طوال مسيرته السياسية، كانت زوجته إليزابيث بيرلان داعمه الأول، وكان لها دور محوري في بروز اسمه في سجلات السياسة الفرنسية.

إعلان

اقترن بها عام 1971، وهو في عمر العشرين، بعد فترة قصيرة لم تدم أكثر من خمسة أشهر من لقائهما الأول حين جمعتهما مدرجات جامعة بوردو 3.

بعد زواجهما نجح فرانسوا بايرو و"بابيث" (لقب زوجته إليزابيث بيرلان) في بناء عائلة كبيرة، وأنجبا ستة أطفال هم: هيلين (1972)، ماري (1973)، دومينيك (1977)، كاليكست (1982)، أنييس (1986) وأندريه (1988)

حظي الأطفال برعاية متميزة وعناية فائقة من قبل والدتهم التي تفرغت لتربيتهم، الأمر الذي انعكس إيجابا على مسارهم الدراسي والمهني، وبصموا على مسار أكاديمي متميز.

فقد عملت ابنتهما هيلين أستاذة في الأقسام التحضيرية الأدبية، وتخرجت ماري من كلية بوليتيكنيك عام 1994، في حين تخرج دومينيك طبيبا، وكاليكست طبيبا بيطريا وعين أستاذا باحثا في كلية الطب البيطري في لييج ببلجيكا.

كما حصلت ابنتهما أنييس على الدكتوراه في العلوم السياسية، أما أندريه فقد حصل على الدكتوراه في الأدب الفرنسي واشتغل أستاذا للآداب الكلاسيكية.

بين التزاماته السياسية وحياته العائلية، لا يجد رئيس الوزراء الفرنسي وقتا للملل، فقد كبرت عائلته وزاد عدد أفرادها، فصار جدا لـ21 حفيدا منذ عام 2016.

ومما صرح به بايرو في حوار مع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية قوله "إن أعظم نجاح حققته هو الحب الذي يكنه أطفالي لبعضهم البعض".

الدراسة والتكوين العلمي

تلقى تعليمه الابتدائي في المدرسة الابتدائية بمسقط رأسه، قبل أن يلتحق بالمدرسة الثانوية في بلدة "ناي بورديت"، ومنها حصل على الثانوية العامة في الأدب الكلاسيكي عام 1968.

ولج بعد ذلك الأقسام التحضيرية الأدبية في ثانوية "ميشيل دو مونتين" في مدينة بوردو جنوب غرب البلاد، ثم التحق بعدها بجامعة بوردو 3، وحصل منها على شهادة البكالوريوس في الآداب الكلاسيكية عام 1974.

في مرحلة الشباب تأثر بايرو كثيرا بفكر الزعيم الهندي مهاتما غاندي، فكان يتردد على ما عرف بـ"جماعات السفينة" (Les Communautés de l’Arche)، التي أسسها الفيلسوف الإيطالي لانزا ديل فاستو بعد الحرب العالمية الثانية.

إعلان

و"جماعات السفينة" هي حركة تنبذ العنف وتدعو إلى التسامح والعيش المشترك، وكانت عبارة عن تجمعات تقوم على ثلاث ركائز أساسية، وهي السلمية وبساطة الحياة والصحوة الروحية.

وقد رسمت هذه المحطة بعضا من ملامح المشروع السياسي لبايرو، وكان لها أثر بليغ في تكوينه الفكري.

التجربة السياسية

استهل بايرو مساره السياسي في سن مبكرة، إذ عمل مستشارا في ديوان وزير الزراعة بيير ميهنيوري في الحكومة الثالثة لرايمون بار عام 1979، وهو لم يتجاوز بعد الـ28 من عمره.

ذاع صيته سياسيا في أوائل تسعينيات القرن العشرين، عندما شغل منصب وزير التعليم، تحت لواء ثلاث حكومات يمينية في الفترة الممتدة بين عامي 1993 و1997 (حكومة إدوارد بالادور، وحكومتي ألان جوبيه الأولى والثانية).

PARIS, FRANCE - JUNE 21: Francois Bayrou, president of the Democratic Movement (MoDem) and apparent Democrats gives a statement to the press at the Elysee Palace two days after France's legislative elections on June 21, 2022, in Paris, France. France's President Emmanuel Macron hosts political party chiefs in a bid to break the impasse created by the failure of his coalition to win a majority in parliamentary elections. (Photos by Antoine Gyori/ Corbis via Getty images)
فرنسوا بايرو ترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية ثلاث مرات ولم ينجح (غيتي)

تولى عام 1994 رئاسة تحالف حزبي الوسط: "ملتقى الديمقراطيين الاجتماعيين" و"حزب القوة الديمقراطية"، اللذين اندمجا فيما بعد عام 1998 تحت مسمى حزب "الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية"، الذي غير اسمه عام 2007 إلى "الحركة الديمقراطية".

سبق لفرانسوا بايرو أن طرق أبواب قصر الإليزيه في ثلاث استحقاقات رئاسية سنوات 2002 و2007 ثم 2012. فقد ترشح للانتخابات الرئاسية عام 2002 وحصل على المرتبة الرابعة بنسبة 6.84% من مجموع الأصوات، خلف ليونيل جوسبان (16.18%) وجان ماري لوبان (16.86%) وجاك شيراك (19.88%).

وفي عام 2007 خاض بايرو السباق الرئاسي مجددا، وحل ثالثا بنسبة 18.57% بعد كل من سيغولين رويال التي حصلت على 25.87% ونيكولا ساركوزي الذي حصل على 31.18% من مجموع الأصوات.

وفي رئاسيات 2012، حصل على المرتبة الخامسة بنسبة 9.13% من الأصوات، بعد كل من جون لوك ميلونشون (11.10%)، ومارين لوبان (17.90%)، وساركوزي (27.18%)، وفرانسوا هولاند، الذي حل في المرتبة الأولى بنسبة 28.63%.

إعلان

وضع فرانسوا بايرو اللبنات الأولى لتشكيل اليمين الديمقراطي الوسطي، سعيا منه إلى خلق قوة ثالثة تحقق التوازن ما بين اليسار واليمين في الحياة السياسية الفرنسية، وقد اعتمد في ذلك على مبادئ الليبيرالية الاجتماعية والديمقراطية المسيحية.

يعرف بايرو بأنه شخصية سياسية محافظة، فتوجهه الديمقراطي المسيحي وموقفه الرافض للشذوذ الجنسي والمعارض للديون، ودفاعه المستميت عن اللهجات المحلية، مؤشرات جعلته أقرب من الناحية الأيديولوجية إلى اليمين.

الوظائف والمسؤوليات

  • رئيس الوزراء عام 2025.
  • عمدة مدينة "بو" عام 2014.
  • رئيس الحزب الديمقراطي الأوروبي عام 2004.
  • رئيس حزب الحركة الديمقراطية عام 2007، وأعيد انتخابه في هذا المنصب في خمس ولايات متتالية (2010، 2014، 2017، 2020 و2024).
  • نائب برلماني لعدة ولايات في الفترة الممتدة بين 1986 و2012.
  • نائبا في البرلمان الأوروبي ما بين 1999 و2002.
  • وزير التعليم) في حكومة إدوارد بلادور عام 1993 وفي حكومتي ألان جوبي الأولى والثانية إلى غاية يونيو/حزيران 1997.
  • وزير العدل في حكومة إدوارد فيليب عام 2017، وبعد أسابيع فقط أجبر على الاستقالة بسبب ورود اسمه في اتهامات بشأن وظائف وهمية تورط فيها الحزب الذي يتزعمه.

المؤلفات:

لم يثنه نشاطه السياسي ولا مسؤولياته الحزبية عن الإسهام الفكري والمعرفي، وكتب مؤلفات عدة منها:

  • هنري الرابع: الملك الحر.
  • مشروع أمل.
  • القرار الفرنسي.
  • الثورة الإنسانية.
  • اعترافات.
  • الحق في المعنى.
  • فرنسا المتضامنة.
المصدر: الجزيرة + الصحافة الفرنسية

إعلان