طائفة البُهَرَة.. دعم للسيسي بأحلام فاطمية
إحدى الطوائف الشيعية الإسماعيلية التي تؤمن بإمامة أحمد المستعلي الفاطمي، وترفض إمامة أخيه نزار إمام الطائفة "النزارية" (الحشاشون). يحكمهم "الداعي" الذي يمثل الإمام الغائب، ويشتهرون بلباسهم الذي يميزهم وبمساجدهم الخاصة، ويعتقدون بعصمة الأئمة، ولا يسمحون باعتناق مذهبهم إلا لمن هو من أسرة بهرية.
زار زعيم البهرة الداعي مفضل سيف الدين مصر عام 2014 والتقى رئيسها عبد الفتاح السيسي وأعلن تأييده لما سماها إرادة الشعب المصري.
نبذة تاريخية
أصل كلمة بهرة هندي جاء من لفظ "فيهرو" (Vehru) ومعناها التجارة أو التاجر باللغة الغوجارتية الهندية. وتوصف البهرة بأنها فرقة من الشيعة الإسماعيلية تؤمن بإمامة أحمد المستعلي الفاطمي.
دعت الحركة الإسماعيلية في مراحلها الأولى إلى إمامة إسماعيل بن جعفر الصادق، وعندما ظهرت حركة عبيد الله المهدي في المغرب توطد وجودهم بتأسيسهم الدولة الفاطمية هناك ولاحقا في مصر
لكن بعد وفاة الخليفة المستنصر بالله الفاطمي سنة 487 هجرية شبّ خلاف بين نجليه نزار والمستعلي، الذي نجح في الاستيلاء على السلطة، مما أدى إلى انشقاق الطائفة إلى "نزارية" و"مستعلية".
حكم أنصار المستعلي مصر، وبعد سيطرة صلاح الدين الأيوبي على شؤون الحكم وقضائه على الدولة الفاطمية أنشؤوا طائفة في اليمن عرفت باسم "البهرة"، كما استوطنوا مصر وبعض مناطق الشام.
وبفضل النشاط التجاري المكثف، انتشرت دعوة البهرة في اليمن والهند واعتنق الإسلام على مذهبهم كثير من الهندوس، حتى إن "مركز" الطائفة تحول إلى الهند بسبب كثرة الأتباع هناك. ومع مرور الوقت تسببت الخلافات العقائدية بين أهم رموز الطائفة في انشقاقات بارزة.
الانقسامات
وينقسم البهرة إلى فرق عدة، منها "السليمانية" التي تنسب إلى سليمان بن الحسن وتتنشر في اليمن والسعودية، و"البهرة الداوودية"، التي تنسب إلى داوود برهان الدين بن قطب شاه، وتنتشر في الهند وباكستان، وكان مقرها سابقا في اليمن في القرن العاشر الهجري.
هاجرت طائفة "البهرة الداوودية" وكان مقصدها الأساسي تحسين فرص تجارتها، لكنها انتشرت حول العالم وتشكلت منها جاليات كثيرة، إحداها في مصر التي قصدتها الطائفة خلال ستينيات القرن الماضي، ووصل تعداد أفرادها عام 2023 إلى 750 شخصا.
معتقدات
يعتمد البهرة في عقائدهم على كتب لم يطبع إلا قليل منها، وبينها كتاب "النصيحة" لمؤلفه الداعي 51 طاهر سيف الدين و"دعائم الإسلام" و"الحقائق" و"ضوء نور الحق المبين".
ولقب "الداعي" مخصص للزعيم الذي يتولى حكم الطائفة، ويعتبر ممثلا دنيويا للإمام ويتولى نيابة الإمام الدينية.
وقد اشتهر البهرة بالتزامهم الكبير بمذهبهم والتقاليد المنبثقة عنه، فهم متشبثون بزيهم الخاص اللافت للانتباه، ولديهم أماكن خاصة للعبادة، ويتحاشون أداء الصلاة في باقي المساجد الخاصة بالمسلمين.
ويُتهمون بأنهم وإن كانوا يؤدون الفرائض ككل المسلمين إلا أن نيتهم تذهب إلى الإمام المستور من نسل الطيب بن الآمر، الذي استلم الحكم بعد الآمر بالله، والذي خلف بدوره المستعلي.
ويعتقد البهرة أن الطيب بن الآمر دخل "كهف الستر والغيبة"، بينما استلم شؤون الحكم أشخاص آخرون كانوا أربعة هم الحافظ والظاهر والفائز والعاضد.
ويؤكد مؤرخون أن البهرة لا يسمحون لأحد باعتناق مذهبهم إلا إذا كان ذا أصل بهري، ويعتقدون بعصمة أئمتهم. كما يؤمنون بضرورة تقديم الصلاة والأعياد قبل يوم أو يومين.
تتجمع الطائفة بمصر لإقامة الصلاة في مسجد الحاكم بأمر الله الفاطمي، وغيره من مساجد الفاطميين، ويحرصون دون كلل على إحياء ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد، ويبذلون في ذلك أموالا طائلة في ترميمها وتجديدها.
وتحتفل الطائفة مع باقي المسلمين بعيدي الفطر والأضحى، لكنهم يزيدون باحتفالهم بذكرى المولد النبوي الشريف وباليوم 18 من شهر ذي الحجة (يوم غدير خم)، ويحيون يوم عاشوراء في 10 محرم من كل عام، ولهم في هذه الأيام عاداتهم وتقاليدهم الخاصة.
السلطان مفضل سيف الدين
مفضل سيف الدين، هو الابن الثاني لمحمد برهان الدين، ولد في مدينة سوارت الهندية يوم 20 أغسطس/آب 1946، أسرته كانت قد توارثت زعامة الطائفة، وهي من الأسر التي دانت بالإسلام منذ دخوله القارة الهندية. له خمسة أبناء، منهم ثلاثة ذكور هم جعفر الصادق وطه وحسين.
ونصّب مفضل سيف الدين سلطانا على البهرة خلفا لوالده الذي توفي في منتصف يناير/كانون الثاني 2014، ليكون بذلك الداعي المطلَق الـ53 من سلسلة الدعاة المطلَقين الفاطميين.
ومن معتقدات الطائفة التي تنص عليها كتبهم أن السلطان الوالي عليهم يجب أن ينص عليه ويعينه السلطان السابق، وقد عيَّن مفضل سيف الدين والده قبل وفاته بسنتين عام 2011 في مدينة مومباي أمام حشد من أهل الطائفة.
منح السلطان شهادة الدكتوراه في الآداب يوم 8 سبتمبر/أيلول 2015 تقديرا لجهوده الخيرية في توثيق الروابط بين المسلمين. كما منحته الهند جائزة السلام العالمية يوم 23 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، لمساعيه في "تحقيق الحريات الإنسانية والعدالة الاجتماعية".
أبرز الأحداث
التقى السلطان مفضل سيف الدين (سلطان طائفة البهرة بالهند) مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس/آب 2014 بمقر رئاسة الجمهورية، حيث نقلت وسائل إعلام مصرية ترحيب السيسي بسلطان البهرة في زيارته الأولى لمصر منذ توليه هذا المنصب في يناير/كانون الثاني 2014.
وأشاد السيسي بالجهود التي تبذلها طائفة البهرة لترميم مساجد أثرية في مصر، منوها بإجراءات تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات، وذلك في ضوء اشتغال طائفة البهرة بالتجارة واهتمامها بالاستثمار في مصر، ولا سيما في مجال المنتجات الغذائية وصناعات الورق والرخام.
ومن الأماكن التي ساهمت الطائفة فيها بمصر، تجديد "مقامات آل البيت" وضريح السيدة زينب والسيدة نفيسة، بالإضافة لعدد من الأنشطة الخيرية. وساهمت بإحياء مسجد الحاكم بأمر الله ومسجد الأقمر ومسجد السيدة زينب ومسجد السيدة رقية.
ومنح السيسي السلطان مفضل سيف الدين "وشاح النيل"، تقديرا لجهوده مع طائفته على المستويات الثقافية والخيرية والمجتمعية، وذلك خلال استقبال السيسي له مع أبنائه الثلاثة يوم 7 أغسطس/آب 2023.