المنظمة الإسلامية في نيجيريا.. بؤرة التشيع بأفريقيا
تنظيم سياسي شيعي نيجيري؛ بدأ نشاطه أواخر القرن العشرين، ويُتهم بنشر المذهب الشيعي بأفريقيا وبتشكيل مليشيا عسكرية بوصفه إحدى أذرع إيران السياسية والمذهبية بالقارة، ولذلك يُسمى إعلاميا "حزب الله النيجري".
النشأة والتأسيس
ظهر التشيع في نيجيريا بدايةً بين طلاب المدارس والجامعات المتأثيرن بالخطاب السياسي للثورة الإيرانية إثر نجاحها 1979. وكان من بينهم شاب يدعى إبراهيم يعقوب الزكزكي الذي برز اسمه في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، بعدما تخرج في جامعة أحمد بللو بمدينة زكزك.
عُرف الزكزكي بنشاطه الديني وهو طالب في الجامعة، فأنشأ "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" التي أصبحت باعتناقه المذهب الشيعي الاثني عشري مؤسسة تعمل بقوة مطردة على نشر هذا المذهب، وإن كانت هي تقول -في موقعها الإلكتروني- إن نشأتها سبقت نجاح الثورة الإيرانية.
توسعت "المنظمة" بمرور الوقت طوال الثمانينيات حتى أصبحت تضم عشرات الآلاف من الأعضاء، لكنها شهدت عام 1995 انشقاقا تنظيميا حين اعترضت مجموعة من منتسبيها على طعن الزكزكي -خلال حوار صحفي- في بعض صحابة النبي (ص)، وأسست تنظيما خاصا بها باسم "جماعة التجديد الإسلامي" بزعامة أبو بكر مجاهد الذي كان من المقربين للزكزكي.
ومن أبرز قيادات المنظمة: الشيخ محمد محمود توري (وكان قبل مقتله نائب زعيمها)، وإبراهيم موسى (المتحدث الإعلامي باسمها)، والدكتور مصطفى سعيد (مسؤولها الطبي)، والسيدة جومي جيليما (مسؤولة النساء فيها)، إضافة إلى الرجل الأول للمنظمة في ولاية كشنا يعقوب يحيى.
الفكر والأيديولوجيا
لا تخفي المنظمة انتماءها لأيديولوجيا الثورة الإيرانية القائمة على المذهب الجعفري الشيعي ونظرية ولاية الفقيه، بل إنها تعلن في جميع المناسبات ولاءها للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وتعمل -بجانب مؤسسات إيرانية في البلاد مثل "منظمة آل البيت" و"منظمة حيدر"- على نشر المذهب الشيعي باعتبارها إحدى أذرع إيران بنيجيريا والمنطقة.
وقد كرّمت الحكومة الإيرانية في شهر فبراير/شباط 2015 -في إطار الاحتفالات بالذكرى الـ36 للثورة الإيرانية- زعيم الحركة الزكزكي، في حفل حضره مسؤولون إيرانيون كبار عرفانا بدوره في خدمة المذهب الشيعي، إذ تفيد تقديرات بأن في نيجيريا خمسة ملايين شيعي من أصل سبعة ملايين بأفريقيا كلها.
المسار الميداني
يُنظر إلى "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" -منذ تأسيسها- باعتبارها تنظيما سياسيا شيعيا نيجيرياً، تتجاوز آثاره البلد ذاته ليتحول إلى بؤرة لنشر المذهب الشيعي في منطقة غرب أفريقيا برمتها، وتـُسمى في وسائل الإعلام "حزب الله النيجري" نظرا لعلاقاتها القوية مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
وتجاهر المنظمة بطموحاتها السياسية تنفيذا لأفكار المرشد الأعلى، وتنشر المعتقدات الشيعية عبر صحيفتها "الميزان" التي تصدر -في طبعتيْها الورقية والإلكترونية- بلغة "الهَوْسا" ذات الانتشار الواسع بين مسلمي نيجيريا ولها إذاعة ناطقة بها في طهران، كما تتولى نشر كتب ورسائل الشيعة مترجمة إلى لغات محلية.
وترعى المنظمة شبكة كبيرة من المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والاجتماعية في شمالي نيجيريا وجنوبيها، إضافة إلى مؤسسات اقتصادية مثل "منتدى التجارة". وتنظم مسابقات في الشعر والنثر تقدم فيها جوائز للفائزين، كما توفر منحا للشباب للدراسة في معاهد وجامعات إيران.
وتنظم مظاهرات حاشدة في المناسبات الشيعية المختلفة، مثل يوم عاشوراء والجمعة الأخيرة من رمضان التي جعلتها طهران يوما عالميا للقدس. وتعتبر المنظمة مواكبها الدينية ومظاهراتها السياسية من أنشطتها المهمة باعتبارها "وسيلة لنشر رسالة الحركة بين الناس"، رغم أن بعض هذه الفعاليات وقعت فيها اشتباكات مع الشرطة أدت إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.
فقد شهدت مظاهرة سيّرتها المنظمة بمناسبة يوم القدس العالمي في عام 2014 مصادمات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي أطلقت الرصاص الحي، مما أسفر عن مقتل 33 شخصا بينهم ثلاثة من أبناء زعيم المنظمة الزكزكي الأربعة.
وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 قــُتل 21 شخصا على الأقل في تفجير انتحاري استهدف موكبا دينيا نظمه الآلاف من أتباع المنظمة في قرية داكاسوي على بعد نحو 20 كلم جنوب مدينة كانو (ثانية مدن نيجيريا سكانا). وقد تبنت جماعة بوكو حرام المسؤولية عن التفجير، وأعلنت المنظمة الحرب على هذه الجماعة المسلحة.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول 2015 نفذ الجيش النجيري هجوما على تجمعات للمنظمة في "المربع الحركي" التابع لها عند المدخل الرئيسي لمدينة زاريا (ولاية كادونا)، مستهدفا "دار الرحمة" و"حسينية بقيّة الله" التي تدعى أيضا "المركز الإسلامي"، ثم أتبع ذلك باقتحام مقر إقامة قائد المنظمة الزكزكي وإلقاء القبض عليه. وقالت المنظمة إن "الضحايا تجاوزوا المئات".
وقال الجيش إن المنظمة هاجمت موكبا لرئيس أركان الجيش توكور بوراتاي كان يمر بالقرب من مقراتها، لكن الزكزكي ومنظمته نفوا رواية الجيش للأحداث مؤكدين أنها "تلفيق لا أساس له من الصحة"، ومنددين بـ"القتل الخارج عن نطاق القانون".
وقد شجبت طهران تعامل الجيش مع المنظمة، ونقلت وکالة أنباء "تسنیم" الإيرانية عن رئيس مجلس الشوري علي لاريجاني أن بلاده "سوف تتخذ الإجراءات اللازمة بشأن المجازر التي یتعرض لها شیعة آل الرسول (ص) المظلومين في نیجیریا".
وتتهم الحكومة النيجيرية "المنظمة الإسلامية في نيجيريا" بسعيها لتكوين دولة في داخل الدولة، خاصة في بعض مدن البلاد الشمالية مثل زاريا وكادونا وكانو، حيث تتركز نشاطاتها ومشاريعها الممولة من النظام الإيراني.
وذكرت تقارير إعلامية أن المنظمة تدرب -بإشراف عسكريين وفرتهم السفارة الإيرانية في أبوجا والقنصلية الإيرانية في لاغوس- الآلاف من منتسبيها على استخدام السلاح، تمهيدا لإرسالهم إلى سوريا للقتال دفاعا عن نظام بشار الأسد المحالف لإيران.