الحزب الديمقراطي (ساحل العاج)
أقدم حزب سياسي في غرب أفريقيا، يتصدر المشهد السياسي في ساحل العاج من حيث الشعبية والتأثير السياسي. تأسس 1946 وحكم البلاد -بعد استقلالها عن فرنسا 1960- نحو أربعة عقود.
النشأة والتأسيس
تأسس الحزب الديمقراطي في ساحل العاج يوم 19 أبريل/نيسان 1946 في حي "تريشفيل" بمدينة أبيدجان، وجاء تكوينه على أنقاض النقابة الزراعية الأفريقية التي كانت تناهض المظالم الواقعة على المزارعين الأفارقة.
وقد تولى مؤسس النقابة "فيليكس هوفوت بونييه" قيادة الحزب، وإدارة دفة الأمور بالبلاد بعد استقلالها عن فرنسا 1960 وحتى وفاته 1993.
التوجه الفكري
تقوم مبادئ الحزب الديمقراطي -وفق ديباجة نظامه الأساسي- على الدفاع عن الطبقات المهشمة لتحقيق تطلعاتها إلى العيش الكريم.
ارتبطت المرتكزات الفكرية للحزب في أذهان أنصاره بالدفاع عن شريحة الفلاحين في ساحل العاج لكونه لا يتبنى النهج الاشتراكي ولا الليبرالي، وإن كان نهجه في الحكم أقرب إلى الليبرالية.
عرف الحزب أكبر عملية انشقاق في تاريخه عام 1994 عندما غادرته مجموعة من رموزه (من بينهم الحسن واترا الذي أصبح فيما بعد رئيسا للبلاد) ليؤسسوا حزب تجمع الجمهوريين في كوت ديفوار الذي تطبعه ميول ليبرالية، وجاء هذا الانشقاق بعد انتهاج الحزب نفَسا قوميا معاديا للمواطنين من أصول أجنبية.
الأعلام والرموز
يعتبر رئيس البلاد الراحل فيليكس هوفوت بونييه (1905-1993) الأب الروحي للحزب وصاحب فكرة تأسيسه، كما ظل شخصيته الأولى النافذة حتى وفاته، وما زال الحزب يستلهم أفكاره ومقولاته السياسية.
كما يُعد الرئيس هنري كونان بديي -الذي حكم البلاد (1993-1999)- من أهم الشخصيات التي برزت في الواجهة السياسية للحزب، وتمكن من إحكام السيطرة عليه وهو خارج السلطة والبلاد أثناء لجوئه إلى فرنسا، بعد أن انقلب عليه الجنرال روبرت غي في 24 ديسمبر/كانون الأول 1999.
أبرز المحطات
عُرفت سياسات الحزب في إدارة السلطة بالانفتاح على الأجانب القادمين من منطقة غرب أفريقيا ودمجهم الوظيفي والإداري في مختلف مفاصل الحكم، كما حافظت البلاد -في ظل حكم الرئيس هوفوت بونييه- على استقرارها السياسي والأمني، وحققت طفرة اقتصادية كبيرة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي حتى أصبحت تعرف بـ"المعجزة الاقتصادية".
غذّت وفاة بونييه خلافات رفاقه على السلطة وعلى زعامة الحزب بين معسكرين رئيسيين، أحدهما يتزعمه رئيس الوزراء ساعتها الحسن واترا (مسلم ينحدر من شمالي البلاد وينتمي إلى قومية "ديولا")، ويقود الثاني رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) ساعتها هنري كونان بديي (مسيحي من وسط البلاد وينتمي إلى قومية "باولي")، الذي أهّله منصبه ليكون رئيس البلاد مؤقتا، حسب نص الدستور.
قادت هذه الخلافات إلى تفجير الأزمة السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين، حيث استخدم الحزب -بعد انتخاب بديي رئيسا للبلاد في انتخابات 1995 التي أقصي منها واترا بعد طعن القضاء في أصوله الوطنية- خطابا مناهضا للسياسة الاستيعابية للأجانب التي تبناها فيليكس بونييه.
أدت حالة الاحتقان تلك إلى الإطاحة بنظام بديي في انقلاب عسكري، فدخل الحزب ميدان المعارضة السياسية وكان من أبرز الأحزاب التي عارضت نظام الرئيس المدني لوران غباغبو، وساهم دعم الحزب -في الجولة الثانية من رئاسيات 2010- للمرشح الحسن واترا في إنهاء حكم غباغبو.