قطاع غزة.. شريط ساحلي يقض مضجع إسرائيل
قطاع على شكل شريط ضيق، يشغل المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، ويشكل نحو 1.33% من مساحة فلسطين التاريخية، ويتميز بموقعه الإستراتيجي وتاريخه الحديث الذي يشمل الانتداب البريطاني، ثم الإدارة المصرية، ثم الاحتلال الإسرائيلي، ثم الانسحاب منه ومحاصرته منذ 2007 وشن حروب عدوانية عليه.
الموقع
يقع قطاع غزة جنوب غربي فلسطين على شكل شريط ضيق في المنطقة الجنوبية من ساحل فلسطين التاريخية على البحر المتوسط، واكتسب اسمه من أكبر مدنه مدينة غزة، وهي ثاني أكبر مدينة فلسطينية بعد القدس.
ويمتد القطاع على مساحة 360 كيلومترا مربعا، ويبلغ طوله 41 كيلومترا، ويتراوح عرضه بين 6 و12 كيلومترا، وتحده إسرائيل شمالا وشرقا، والبحر الأبيض المتوسط غربا، ومصر من الجنوب الغربي.
السكان
بناء على التقديرات التي أعدتها الإدارة العامة للأحوال المدنية في وزارة الداخلية بغزة يبلغ عدد السكان في القطاع مليونين و375 ألفا و259 نسمة مع نهاية العام 2022.
ووفق الإحصاء نفسه، فقد بلغ عدد الذكور مليونا و204 آلاف و986 نسمة، بنسبة 50.7%، فيما بلغ عدد الإناث مليونا و170 ألفا و273 نسمة بنسبة 49.3%.
ويعيش في محافظة غزة العدد الأكبر من السكان بمجموع 893 ألفا و932 نسمة، تليها محافظة خان يونس جنوب القطاع بمجموع 463 ألفا و744 نسمة، وفي المركز الثالث محافظة شمال غزة بمجموع 388 ألفا و977 نسمة، ثم المحافظة الوسطى في المرتبة الرابعة بمجموع 331 ألفا و945 نسمة، فيما تحل محافظة رفح في المرتبة الخامسة، حيث يبلغ عدد سكانها 296 ألفا و661 نسمة، ومعظم سكان القطاع هم من لاجئي 1948.
ويوجد في غزة 44 تجمعا سكانيا، منها: غزة ورفح وخان يونس وبني سهيلا وخزاعة وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة ودير البلح وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا.
ويعتبر القطاع واحدا من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث تبلغ نسبة الكثافة فيه وفقا لأرقام حديثة 26 ألف ساكن في الكيلومتر المربع، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 55 ألف ساكن تقريبا بالكيلومتر المربع.
الاقتصاد
يخضع قطاع غزة لحصار خانق فرضته إسرائيل منذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه في صيف 2007، ويشتمل على منع أو تقنين دخول المحروقات ومواد البناء والكثير من السلع الأساسية، ومنع الصيد في عمق البحر.
ويعيش سكان القطاع المحاصر بالحد الأدنى من الخدمات الأساسية، ويعانون من أزمات إنسانية عدة، خاصة مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر وانعدام فرص العمل وتردي الأوضاع الاقتصادية، وأدى التضييق والحصار لتعطل كبير شمل القطاع الزراعي وقطاع الصيد وقطاعات صناعية، أبرزها الملابس والنسيج.
وقد نتج عن الحصار الطويل الخانق تعطل أغلب المصانع وزيادة نسبة البطالة لتتجاوز 70% وتصبح أعلى نسبة بطالة في العالم، إضافة إلى النقص الحاد في الأدوية والمواد الطبية كافة، كما أن حركة البناء تعطلت تماما، مما زاد أزمة أصحاب البيوت التي دمرت في الحرب على غزة.
وشمل الحصار الإسرائيلي قيودا مشددة على حركة البضائع عبر معبر كرم أبو سالم، وعلى الأشخاص ورجال الأعمال عبر معبر بيت حانون، مما أدى إلى دخول اقتصاد القطاع في حالة ركود فاقمها الوقف المتكرر بين الحين والآخر للصادرات أو الواردات، فضلا عن تدمير عشرات المصانع خلال العمليات العسكرية التي تشنها إسرائيل على القطاع.
التاريخ
كان قطاع غزة تحت سلطة الانتداب البريطاني على فلسطين حتى عام 1948 تاريخ إعلان قيام إسرائيل، ثم خضع لحكم عسكري مصري بين عامي 1948 و1956، قبل أن يحتله الجيش الإسرائيلي لمدة خمسة أشهر أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي مارس/آذار 1957 انسحب فعاد القطاع مجددا إلى الحكم المصري.
وفي حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي القطاع مرة أخرى مع شبه جزيرة سيناء، وظل تحت الاحتلال حتى سبتمبر/أيلول 2005، تاريخ الانسحاب الإسرائيلي الذي شمل إخلاء المستوطنات التي كانت قائمة على أرض غزة.
وكان القطاع قد أصبح مشمولا بالحكم الذاتي بموجب اتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، وسيطرت حماس على القطاع يوم 14 يونيو/حزيران 2007 في إطار الصراع الداخلي الفلسطيني.
ومنذ العام 2008 شنت إسرائيل سلسلة من الحروب على قطاع غزة بذرائع مختلفة، وخلفت هذه الحروب آلاف الشهداء والجرحى ودمارا واسعا، وفي كل مرة كانت الفصائل الفلسطينية ترد بضرب أهداف إسرائيلية متنوعة.
في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 بدأت إسرائيل حربا على قطاع غزة أطلقت عليها اسم "عملية الرصاص المصبوب"، وردت عليها المقاومة الفلسطينية في القطاع بعملية سمتها "معركة الفرقان".
وفي 2012 شنت إسرائيل حربا سمتها "عامود السحاب"، وردت عليها المقاومة الفلسطينية بمعركة "حجارة السجيل"، وقد بدأت هذه الحرب في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 واستمرت 8 أيام.
وفي 7 يوليو/تموز 2014 أطلقت إسرائيل عملية سمتها "الجرف الصامد"، وردت عليها المقاومة بمعركة "العصف المأكول"، واستمرت المواجهة 51 يوما شن خلالها جيش الاحتلال أكثر من 60 ألف غارة على القطاع.
وصباح يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 استيقظ أهالي غزة على دوي انفجار بصاروخ انطلق من طائرة إسرائيلية مسيرة استهدف قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في غزة بهاء أبو العطا في شقته السكنية بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده هو وزوجته.
واندلعت معركة "سيف القدس" -التي سمتها إسرائيل "حارس الأسوار"- بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، وكذلك بسبب اقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى.
وفي يوم الجمعة 5 أغسطس/آب 2022 اغتالت إسرائيل قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في غزة، حيث استهدفته بطائرة مسيرة داخل شقة سكنية في "برج فلسطين" بحي الرمال.
أعلام
تنحدر من قطاع غزة شخصيات نضالية عدة كان لها دور كبير في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ومن أشهر تلك الشخصيات الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو واحد من أهم رموز العمل الوطني الفلسطيني في القرن الماضي، وقد اغتاله الاحتلال الإسرائيلي بهجوم صاروخي فجر 22 مارس/آذار 2004.
وينحدر من القطاع أيضا الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وهو سياسي فلسطيني وأحد مؤسسي حماس، وكان قائد الحركة في القطاع قبل اغتياله بصاروخ إسرائيلي استهدف سيارته في 17 أبريل/نيسان 2004.
ومن أشهر قيادات حركة الجهاد الإسلامي في القطاع رمضان شلح أمين الحركة وزعيمها، وصلاح أبو حسنين الذي اغتيل في غارة إسرائيلية على رفح في يوليو/تموز 2014، وخضر حبيب، بالإضافة إلى شخصيات سياسية وعلمية وثقافية أخرى.