الإغلاق الفدرالي الأميركي تعريفه وأسبابه وآثاره

الإغلاق الفدرالي الأميركي هو توقف قسري لمعظم الخدمات الحكومية غير الأساسية بسبب فشل الكونغرس في تمرير قوانين الاعتمادات السنوية أو رفض الرئيس توقيعها.
ويؤثر الإغلاق بشكل مباشر على الموظفين الفدراليين والشركات المتعاقدة، بينما تظل برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والاحتياطي الفدرالي مستمرة. وتكررت الإغلاقات في الولايات المتحدة الأميركية، إذ أصبحت أداة للضغط السياسي، وكان أبرزها إغلاق 1996 و2013 و2019 الذي استمر 35 يوما وكلف الاقتصاد الأميركي نحو 3 مليارات دولار أميركي.
ما الإغلاق الفدرالي الأميركي؟
الإغلاق الحكومي هو توقف قسري لمعظم العمليات والخدمات غير الأساسية، التي لا تعتبر ضرورية لحماية الأمن القومي أو الصحة العامة أو السلامة العامة، التي تنفذها مجموعة من الوزارات والهيئات الفيدرالية بسبب نقص التمويل.
وينتج نقص التمويل عن فشل الكونغرس في تمرير أو رفض الرئيس توقيع مشروع أو أكثر من مشاريع قوانين الاعتمادات السنوية التي تصدر عادة مع بداية كل سنة مالية أميركية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
وقوانين الاعتمادات هي تشريعات سنوية يصدرها الكونغرس بغرض تخصيص الأموال اللازمة لتمويل أنشطة وبرامج ووكالات الحكومة الفدرالية.
وبموجب قانون مكافحة العجز لسنة 1884 والمعدل عام 1950، وكذلك بموجب قوانين أخرى أقرت في سبعينيات القرن الـ20، عزز الكونغرس سيطرته على الموازنة، إذ لا يسمح لمعظم الوزارات والهيئات الفدرالية بصرف الأموال أو الالتزام بصرفها بما يتجاوز المبالغ المحددة في قوانين الاعتمادات ذات الصلة.
وإذا لم يمرر الكونغرس مشروع قانون تمويل لوزارة أو هيئة معينة ويوقعه الرئيس بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول، يجب على الجهة المعنية التوقف عن جميع الأعمال غير الأساسية والبقاء مغلقة حتى إصدار مشروع قانون أو قرار تمويل مستمر.
وإذا تم توقيع بعض مشاريع القوانين أو القرارات في موعدها بينما لم توقع أخرى، يُطلق على الإغلاق الناتج عن ذلك وصف "الجزئي".
وعادة ما تنجم عمليات الإغلاق الحكومي عن خلافات حزبية حول مستويات التمويل المقترحة في توصيات الميزانية التي يقدمها الرئيس إلى الكونغرس في أول يوم اثنين من شهر فبراير/شباط.
وقد تنشأ عمليات الإغلاق الحكومية عن تعديلات مثيرة للجدل تضاف إلى مشاريع قوانين الاعتمادات تكون لبعضها علاقة ضئيلة بتمويل الوزارات والهيئات الفدرالية.
من يتأثر بالإغلاق؟
يؤثر الإغلاق الفدرالي الأميركي بشكل مباشر على موظفي الوزارة أو الوكالة التي تُجبر على الإغلاق أو التوقف عن دفع أجور موظفيها.
فمن بين مئات الآلاف من الموظفين الفدراليين، يٌحال معظمهم إلى إجازة إجبارية غير مدفوعة الأجر، بينما يُجبر آخرون، خاصة من يقدمون خدمات أساسية مثل إنفاذ القانون والتحكم في الحركة الجوية على الاستمرار في العمل دون أجر، وعادة ما يحصل هؤلاء لاحقا على تعويض عن عملهم بمجرد إقرار قانون الاعتمادات ذي الصلة.
وقد وضع مكتب إدارة شؤون الموظفين الفدرالي القواعد التي يجب على الوكالات اتباعها عند تنفيذ تقليص القوة العاملة. وفي هذه العملية، تٌحدد الوكالات الموظفين الذين يمكنهم البقاء في وظائفهم.
كما يتأثر أيضا المتعاقدون مع الحكومة، إلى جانب عدد كبير من الشركات الأخرى التي تبيع الوكالات الفدرالية منتجات أو تقدم لها خدمات، وقد واجهت بعض منها الإفلاس نتيجة للإغلاق.
ويتأثر البلد بأسره بوقف أو تباطؤ الخدمات الحكومية المنتظمة، مثل إصدار جوازات السفر ومعالجة طلبات القروض أو الإعانات التجارية ومنح التمويل الفدرالي لحكومات الولايات والحكومات المحلية، إلى جانب تأثر عمليات صيانة المنتزهات الوطنية وإجراء عمليات التفتيش على سلامة الأغذية.
أما الإغلاقات الأطول زمنا، فقد تؤثر على الاقتصاد بأكمله عبر خفض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بمجرد توقف الحكومة عن العمل.
وكان مكتب الميزانية في الكونغرس قد قدر أن الإغلاق الجزئي من ديسمبر/كانون الأول 2018 إلى يناير/كانون الثاني 2019 أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 3 مليارات دولار في الربع الرابع من 2018 وبـ8 مليارات دولار في الربع الأول من 2019.
من لا يتأثر؟
تظل برامج الرعاية الاجتماعية الكبرى، بما في ذلك الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، في الغالب غير متأثرة بعمليات الإغلاق الحكومية، لأنها ممولة عبر قوانين لا تتطلب موافقة سنوية من الكونغرس. إلا أن هذه البرامج قد تعتمد على خدمات مساندة يجري تقليصها أو وقفها أثناء الإغلاق.
كما يواصل الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) وخدمة البريد عملهما بشكل كامل، لأنهما يحصلان على تمويل من مصادر غير مرتبطة بالحكومة الفدرالية.
ورغم أن المحاكم الفدرالية تتلقى معظم تموليها عبر اعتمادات يقرها الكونغرس، إلا أنها تتمكن عادة من مواصلة عملها فترة محدودة بالاعتماد على أرصدة رسوم المحاكم والاحتياطيات النقدية المُرحلة من السنوات المالية السابقة.
أما القضاة الفدراليون، بمن فيهم قضاة المحكمة العليا الأميركية، فهم معفيون من الإجازة الإجبارية غير المدفوعة. ويُستثنى أعضاء الكونغرس أيضا من الإجازة غير المدفوعة لأن وضعهم الوظيفي مضمون بموجب القانون، بل وحتى بموجب الدستور الأميركي، الذي نص على أن "يتقاضى أعضاء مجلس الشيوخ والنواب تعويضا عن خدماتهم يُحدد وفقا للقانون ويدفع من خزانة البلاد".
كما يضمن الدستور راتب رئيس البلاد، إذ نص على أنه "يتقاضى الرئيس في أوقات محددة تعويضا عن خدماته لا يجوز زيادته ولا إنقاصه أثناء الفترة التي انتخب لها".
أبرز الإغلاقات الفدرالية
أشارت دراسات إلى أن الإغلاقات الحكومية في الولايات المتحدة أصبحت أداة سياسية متكررة نتيجة الخلافات الحزبية حول تمويل الحكومة.
فعلى الرغم من أن فجوات التمويل كانت تحدث قبل ثمانينيات القرن الـ20، إلا أن إعادة تفسير قانون مكافحة العجز في أوائل الثمانينيات حول هذه الفجوات إلى مواجهات سياسية عالية المخاطر، إذ أصبح بالإمكان استخدام الإغلاقات للضغط على الأطراف الأخرى بغرض تحقيق مكاسب سياسية.
وقد كان أول إغلاق حكومي غير رسمي في تاريخ الولايات المتحدة عام 1879، حين حدثت أزمة سياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين بعد الحرب الأهلية الأميركية، مما أدى إلى توقف مؤقت في عمل الحكومة.

وفيما يلي أبرز الإغلاقات الفدرالية في تاريخ الولايات المتحدة:
- 1976: في عهد الرئيس جيرالد فورد، واستمر 11 يوما.
- 1977: في عهد الرئيس جيمي كارتر، واستمر 12 يوما.
- 1977: في عهد الرئيس كارتر، واستمر 8 أيام.
- 1978: في عهد الرئيس كارتر، واستمر 17 يوما.
- 1979: في عهد الرئيس كارتر، واستمر 11 يوما.
- 1981: في عهد الرئيس رونالد ريغان، واستمر يومين.
- 1982: في عهد ريغان، واستمر 3 أيام.
- 1983: في عهد ريغان، واستمر 3 أيام.
- 1984: في عهد ريغان، واستمر يوما واحدا.
- 1990: في عهد جورج بوش الأب، واستمر 4 أيام.
- 1995: في عهد الرئيس بيل كلينتون، واستمر 5 أيام.
- 1996: في عهد كلينتون، واستمر 21 يوما.
- 2013: في عهد الرئيس باراك أوباما، واستمر 17 يوما.
- 2018: في عهد الرئيس دونالد ترامب، واستمر 3 أيام.
- 2019: في عهد ترامب واستمر 35 يوما، وهو أطول إغلاق حكومي في التاريخ الأميركي، وكلف الاقتصاد نحو 3 مليارات دولار أميركي، أي ما يعادل 0.02% من الناتج المحلي الإجمالي.