نتنياهو: النرجسية الدموية وعقدة البقاء

نتنياهو وكثرة المفاوضات مع المقاومة والتلاعب بها
الكاتب: يُلقّب نتنياهو في وسائل الإعلام بـ"الملك بيبي"، في إشارة إلى طول فترة حكمه وتفرّده بالسلطة (الجزيرة)
  • نشأة مبكرة وبيئة متجذرة بالكراهية

وُلد بنيامين نتنياهو في تل أبيب عام 1949 في عائلة يهودية متشددة فكريا. والده البروفيسور بن تسيون نتنياهو، مؤرخ يميني متطرف في عقيدته وعدائه للعرب والمسلمين، أسس عام 1937 مجلة دعت صراحة إلى استخدام القوة ضد العرب، وكان مقربا من زئيف جابوتنسكي مؤسس الحركة التصحيحية.

هذه البيئة الفكرية المشبعة بالكراهية أثرت بعمق في تكوين شخصية نتنياهو، ورسخت داخله الاستعدادات النفسية والانضباطية، مما جعله يتبنى مواقف متشددة في السياسة والأمن منذ سنواته الأولى (موقع الدراسات الفلسطينية).

يرى البروفيسور الإسرائيلي دان شيفتان، خبير الأمن القومي، أن نتنياهو مهووس بالبقاء السياسي، حتى لو قاد إسرائيل إلى عزلة داخلية وخارجية

مواقف عسكرية وسياسية حاسمة

يواصل نتنياهو قيادة الحملة العسكرية على غزة متبنيا شعارا متكررا: «النصر التام». وقد صرح أمام الكونغرس الأميركي بأن هدفه هو «النصر التام» في مواجهة حماس، بينما أثارت هجماته على معارضي الحرب داخل الولايات المتحدة انتقادات واسعة. ويشير النقاد إلى أن أسلوبه يقوم على تصعيد الأزمات وتأجيل الحلول السياسية (غارديان).

خلافات داخلية وغضب اجتماعي متصاعد

تشير تقارير عبرية إلى توتر العلاقة بين مكتب رئيس الوزراء وقيادة الجيش بشأن إستراتيجيات الحرب. وفي الداخل، خرجت تظاهرات شعبية واسعة تطالب بوقف القتال وإبرام صفقة للإفراج عن الأسرى. عائلات وأصدقاء الأسرى كانوا في طليعة المحتجين، متهمين الحكومة بالمماطلة في معالجة الملف (هآرتس).

تقدير الذات واللقب الإعلامي

في تصريحات حديثة، قال نتنياهو إنه «وُلد بعد عام من تأسيس الدولة اليهودية، وأفنى حياته في محاربة من يسعون لتدميرها»، في انعكاس لاعتزازه العميق بدوره كحامٍ لإسرائيل، وإظهار إيمانه بقدراته الفردية على مواجهة تحديات متعددة، تشمل السيطرة على ثماني دول وسبع جبهات عسكرية في آن واحد (مرصد الدراسات الشرقية والاجتماعية).

كما يُلقب في وسائل الإعلام بـ«الملك بيبي»، في إشارة إلى طول فترة حكمه وتفرده بالسلطة (القناة الهندية إن دي تي في).

وفي قراءة نفسية مبسطة، يرى البروفيسور الإسرائيلي دان شيفتان، خبير الأمن القومي، أن نتنياهو «مهووس بالبقاء السياسي، حتى لو قاد إسرائيل إلى عزلة داخلية وخارجية». بينما يصفه عالم النفس الأميركي جيرولد بوست بأنه «نموذج للشخصية النرجسية القادرة على تبرير العنف كوسيلة للزعامة» (فورين بوليسي/ Foreign Policy).

نتنياهو، برؤيته الخاصة، حول المنطقة إلى ساحة معارك مستمرة، ليبقى إرثه حاضرا في كل دم سال، وفي كل عقدة استدعتها ذاكرة التاريخ في النفوس والأوطان

أساليب إعلامية ورمزية صادمة

يعتمد نتنياهو على إجراءات رمزية وصادمة لجذب الانتباه الإعلامي، خصوصا في الخطاب الدولي. ففي عام 2012، عرض أمام الأمم المتحدة خريطة وصورة توضيحية لقنبلة تجسد ما وصفه بالتهديد النووي الإيراني، في خطوة اعتبرها مراقبون استعراضا مسرحيا لتصوير الخطر وتحديد "خط أحمر" أمام إيران، بدلا من الاعتماد على بيانات أو تحليلات عسكرية دقيقة (رويترز).

رجل من دماء

يبقى بنيامين نتنياهو رمزا لرجل الحروب الذي يراهن على السلطة فوق مستقبل الدولة. سياساته المتشددة وحبه للهيمنة دفعاه إلى المغامرة بمصير إسرائيل، بينما صبغ المنطقة بعقده النفسية المتجذرة منذ طفولته. دم الفلسطينيين في غزة والضفة، وسقوط المدنيين العرب في الدول المحيطة، لم يكن ثمنا للحرب فحسب، بل نتيجة طبيعية لعقيدة قاسية تتجاوز السياسة إلى البنية النفسية والاجتماعية، حيث امتزجت القوة الشخصية بالنرجسية والعداء المزمن.

إعلان

نتنياهو، برؤيته الخاصة، حول المنطقة إلى ساحة معارك مستمرة، ليبقى إرثه حاضرا في كل دم سال، وفي كل عقدة استدعتها ذاكرة التاريخ في النفوس والأوطان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان